شرعية الدستور بين تسليح الجيش المشروط وسحب سلاح المقاومة
مقالات
شرعية الدستور بين تسليح الجيش المشروط وسحب سلاح المقاومة
عجنان علامه
3 تشرين الأول 2025 , 21:49 م


عدنان علامه - عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين

تسابق إدارة دونالد ترامب الزمن لإبرام صفقة في لبنان، تحت مسمى "المنطقة الاستثمارية في الجنوب"، لكنها تحمل في جوهرها أهدافًا سياسية وأمنية تتجاوز الاقتصاد.

فعودة الأهالي إلى القرى المحاذية للحدود الدولية غير متاحة، مع منع إعادة الترميم والبناء، وتدمير وإعطاب كافة آليات البناء بفعل الغارات، ليست سوى خطوات تمهيدية لترتيبات جديدة تُبقي الاحتلال الإسرائيلي حاضرًا في الجغرافيا والقرار اللبناني، وتمنع عمليًا إعادة إعمار الجنوب كي يظل خزانًا مفتوحًا للاستثمار الأميركي – الإسرائيلي.

في هذا السياق، برز قرار إدارة ترامب بتقديم 230 مليون دولار للجيش اللبناني، والذي لم يكن هدفه دعم القوات المسلحة بقدر ما كان أداة ضغط لنزع سلاح المقاومة.

فتوقيت القرار مشبوه؛ جاء بعد استياء رئيس الحكومة من عدم إنصياع الجيش والقوى الأمنية لمحاولاته دفعهم نحو التصادم مع المواطنين المحتشدين في منطقة الروشة قبيل إضاءة الصخرة.

وكانت مواقف رئيس الحكومة حادة، بينما اختار رئيس الجمهورية الإشادة بقائد الجيش وقائد قوى الإمن الداخلي على أنضباطهم وامتناعهم عن قمع الناس، ما كشف التباين في مقاربة السلطة لأزمة حساسة تمس السيادة.

َومن جهة أخرى، تعكس تصريحات برّاك في إسرائيل أن الاحتلال ماضٍ في ترسيخ وجوده بالمواقع المحتلة جنوبًا ولن ينسحب منها، ومؤكدًا أن "المارينز الأميركيين لن يحضروا لنزع السلاح"، وأن مهمة سحب سلاح المقاومة هي على عاتق الجيش اللبناني نفسه.

فهذه التصريحات لا يمكن قراءتها بمعزل عن الضغوط الأميركية الأخيرة، التي تربط الدعم المالي والعسكري للبنان بمشروع سياسي يتعارض مع الدستور اللبناني ومقدمته.

فإن اتفاق الطائف واضح جدًا في هذا الصدد؛ فالفقرة ثالثًا تنص على أن بسط سلطة الدولة اللبنانية يتم بعد إزالة الاحتلال كليًا وليس قبله. وبالتالي، فإن أي محاولة أميركية أو إسرائيلية لفرض نزع سلاح المقاومة قبل تحرير الأراضي المحتلة هي باطلة دستوريًا وقانونيًا، وتشكل انتهاكًا صارخًا للسيادة.

ثالثاً- تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي

استعادة سلطة الدولة حتى الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً تتطلب الآتي:

أ- العمل على تنفيذ القرار 425 وسائر قرارات مجلس الأمن الدولي القاضية بإزالة الاحتلال الإسرائيلي إزالة شاملة.

ب- التمسك باتفاقية الهدنة الموقعة في 23 مارس/آذار 1949م.

ج- اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتحرير جميع الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي وبسط سيادة الدولة على جميع أراضيها ونشر الجيش اللبناني في منطقة الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً والعمل على تدعيم وجود قوات الطوارئ الدولية في الجنوب اللبناني لتأمين الانسحاب الإسرائيلي ولإتاحة الفرصة لعودة الأمن والاستقرار إلى منطقة الحدود.

فما يطرحه ترامب ليس "صفقة استثمارية"، بقدر ما هو إعادة إنتاج لسياسة وصاية دولية، تسعى لشرعنة الاحتلال وتفريغ لبنان من عناصر قوته. وإن التذرع بالاستثمار والتنمية، لا يخفي أن المقصود هو تحويل الجنوب إلى منطقة رخوة أمنيًا وسياسيًا، بينما يبقى الاحتلال جاثمًا والتهديد قائمًا.

وعليه، فإن حماية السلم الأهلي والدستور والحقوق الوطنية تفرض رفض هذه الصفقات المشبوهة، والتأكيد أن السيادة لا تُباع بملايين الدولارات، وأن سلاح المقاومة ليس عبئًا بل ضمانة لاستمرار الكيان اللبناني بوجه مشاريع تصفية العيش المشترك، والقضاء على الصيغة اللبنانية الفريدة من خلال لرض الدين الإبراهيمي الذي إخترعه ترامب وأمر بإتِّبَاعِه.

فقبول الجيش اللبناني لأية معونة عسكرية؛ مشروطة بتنفيذ أمور سياسية هو أمر مخالف للدستور، كذلك تماهي أعمال الحكومة ِمع أهداف العدو هو أيضًا أمر مخالف للدستور.

وإن الصمت التام للحكومة الحالية على إعتداءات العدو منذ مباشرة رئيس الحكومة السيد نواف سلام مهامه؛ هو أمر غير ََ مقبول ويجب مواجهته بنفس المبدأ الذي يفهمه نتنياهو ويطبِّقه : "الضعف في مواجهة الإرهاب، لا يجلب سوى مزيد من الإرهاب، وبالقوة فقط يمكن هزيمته".

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فأن الشعب هو مصدر السلطات، ولا يجوز أن يقوم المفوض من الشعب بممارسة السلطة، أن يتخذ أي قرار يعارض إرادة هذا الشعب؛ وإلا مَن حق هذا الشعب أن يتصرَّف‼️‼️‼️‼️

وإنَّ غدًا لناظره قريب

03 تشرين الأول/ آكتوبر 2025