لم يختفِ اهتمام الناس بالأبراج، بطاقات التارو، والممارسات الغيبية الأخرى رغم التقدم العلمي الهائل، بل على العكس، يبدو أنه يزداد يوما بعد يوم، وقد فسّر هذا الدافع الدكتور إلدار أبيتوف، أستاذ مشارك في قسم علم النفس السريري وعلم نفس الشخصية في جامعة قازان الفيدرالية، مشيرا إلى أن التفكير السحري يظل جزءا راسخا من حياتنا بفضل العمليات الإدراكية الخاصة بالدماغ البشري.
التفكير السحري مقابل التفكير العقلاني
يوضح علم النفس أن هناك نوعين من التفكير:
التفكير الحدسي: يعتمد على القرارات السريعة والحدسية.
التفكير التحليلي: يحتاج إلى دراسة معمقة وفهم منطقي.
التفكير السحري ينتمي إلى النوع الأول، ويعمل كمسار قصير للدماغ لتحقيق الاستنتاجات بسرعة. كلما سعى الإنسان لإيجاد سبب لكل شيء وتجاهل الصدفة، ارتفعت ميوله إلى المعتقدات والخرافات.
الوظيفة النفسية للعلوم الغيبية
تلعب الممارسات الغيبية دورا نفسيا مهما من خلال تنظيم المشاعر والحد من القلق، فهي تمنح الشخص شعورا زائفا بالسيطرة على واقعه، ما يساعد على ترتيب حياته النفسية في مواجهة الضغوط والمواقف المجهولة. في الأوقات التي يعجز فيها الفرد عن مواجهة القلق بالطرق العقلانية، تصبح هذه الممارسات نوعا من الدعم النفسي التعويضي.
العلوم الغيبية في قالب علمي
غالبا ما تقدم الممارسات الغيبية الحديثة نفسها في شكل علمي، باستخدام جداول وتصنيفات معقدة واستشهادات بمراجع علمية شهيرة مثل كارل غوستاف يونغ. هذا القالب الزائف يمنحها هيئة عقلانية، مما يلبي حاجتين أساسيتين لدى الإنسان: الحاجة إلى الأمان والرغبة في المعرفة. فهي تقدم إجابات جاهزة حيث يطرح العلم الاحتمالات ويطلب التفكير النقدي.
المخاطر الكامنة وراء الممارسات الغيبية
رغم المظاهر غير الضارة، قد تخفي هذه الممارسات تهديدات حقيقية، مثل اتخاذ قرارات خاطئة في الصحة أو المال أو العلاقات الشخصية. مثال على ذلك: ستيف جوبز الذي أجل عملية جراحية بسبب اعتماده على طرق بديلة. كما تؤثر الخرافات على الاقتصاد والمجتمع، مثل انخفاض مبيعات العقارات ذات الرقم 13 أو زيادة الحوادث في الأيام "غير المحظوظة".
الإقبال على الغيبية في الأزمات
تزداد الميل إلى الممارسات الغيبية في أوقات الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، كما حدث بعد الحرب العالمية الثانية في ألمانيا. في الأوقات غير المستقرة، يبحث الناس بشكل خاص عن وهم الاستقرار والسيطرة. وللتصدي للمعلومات المضللة والأفكار الزائفة، لا بد من تنمية التفكير النقدي وتوفير التعليم الجيد.
الاهتمام بالعلوم الغيبية اليوم هو ظاهرة معقدة تمزج بين الخصائص النفسية للفرد والظروف الاجتماعية المحيطة به.