كشفت دراسة حديثة أجراها علماء من كوريا الجنوبية عن الآلية البيولوجية التي تسمح لحاسة التذوّق بالعودة إلى طبيعتها بعد التعرض لإصابات أو أمراض تؤثر على الفم أو الأعصاب.
وبحسب ما نشرته صحيفة Газета.Ру، فإن النتائج تفسر سبب قدرة بعض النكهات، مثل الطعم الحلو، على البقاء أطول من غيرها حتى بعد تضرر الحاسة.
الدراسة نُشرت في مجلة International Journal of Oral Science (IJOS) المتخصصة في علوم الفم، وتشير إلى أن هذا الاكتشاف قد يمهّد الطريق لعلاجات جديدة للأشخاص الذين يعانون من فقدان أو ضعف حاسة التذوّق.
براعم التذوق هشة لكنها قادرة على التجدد
يشرح الباحثون أن براعم التذوق عبارة عن تراكيب دقيقة جدًا داخل اللسان، وهي متصلة مباشرةً بالأعصاب الحسية.
وعند تعرضها للتلف — سواء بسبب إصابة أو مرض — فإن خلايا التذوق تموت عادةً، لكنها تعود للنمو لاحقا بالتوازي مع تعافي الأعصاب المرتبطة بها.
ومع ذلك، ظلّ غير معروف حتى الآن ما هي الخلايا أو الجزيئات التي تبدأ عملية التجديد هذه.
السر في الطعم الحلو: بروتين c-Kit يحمي خلايا التذوق
أظهرت نتائج الفريق أن الخلايا الحساسة للطعم الحلو تتمتع بقدرة فريدة على البقاء بعد الإصابة، بفضل وجود بروتين خاص يُعرف باسم c-Kit.
هذه الخلايا لا تنجو فحسب، بل تعمل أيضا كنقطة انطلاق لإعادة تكوين باقي خلايا براعم التذوق في الفم.
تجارب معملية على الفئران تؤكد الاكتشاف
في تجارب مخبرية أجريت على الفئران وعلى عضيات مخبرية (Organoids) — وهي نماذج خلوية تحاكي الأنسجة البشرية — قام الباحثون بإيقاف نشاط بروتين c-Kit مؤقتًا باستخدام دواء مضاد للسرطان يُعرف باسم إيماتينيب (Imatinib).
وكانت النتيجة مفاجئة: الخلايا الحساسة للطعم الحلو اختفت بالكامل، وتوقّف تجدد براعم التذوق بشكل حاد.
هذا يؤكد أن بقاء هذه الخلايا ضروري لعملية التجديد العصبي والخلوي في الفم.
دور الخلايا الجذعية في الشفاء
قال البروفيسور يون تايك تشون من كلية الطب بجامعة كوريا: «تُظهر نتائجنا أن الخلايا المسؤولة عن الإحساس بالطعم الحلو لا تظل حيّة بعد الإصابة فحسب، بل تؤدي أيضا دورا محوريا في ترميم كامل بنية براعم التذوق».
وأضاف أن الباحثين لاحظوا أن بعض أنواع الخلايا الأخرى تكتسب خصائص الخلايا الجذعية أثناء عملية الشفاء، مما يساهم في إصلاح الأنسجة المحيطة بمستقبلات التذوق. آفاق مستقبلية لعلاج فقدان التذوق
يرى الخبراء أن هذه النتائج قد تمهد الطريق لتطوير علاجات جديدة لاضطرابات التذوق، خاصة لدى المرضى الذين فقدوا حاسة التذوق بسبب العلاج الكيميائي أو الإصابات العصبية.
فهم آلية عمل بروتين c-Kit يمكن أن يساعد الأطباء على تحفيز إعادة تجديد الخلايا التذوقية بشكل أسرع وأكثر فعالية في المستقبل.