كشف باحثون من جامعة هادرسفيلد في المملكة المتحدة عن نتائج مثيرة للقلق حول تأثير مقاطع الفيديو الرومانسية التي تُمجّد المجرمين المنتشرة عبر تطبيق تيك توك على النساء.
ووفقا للدراسة المنشورة في مجلة Deviant Behavior المتخصصة في علم السلوك المنحرف، فإن التفاعل مع هذا النوع من المحتوى — من خلال الإعجابات أو المشاهدة المتكررة — يمكن أن يرتبط بزيادة الميل الجنسي تجاه المجرمين، وهي ظاهرة تُعرف باسم الهبريستوفيلية (Hybristophilia).
كيف يؤثر تيك توك في تشكيل الميول؟
قام فريق البحث بتحليل 66 مقطع فيديو و91 تعليقا نُشرت على تطبيق تيك توك خلال الفترة من عام 2020 إلى 2024.
وقد تم اختيار فقط المقاطع التي تُظهر المجرمين الحقيقيين أو الخياليين بصورة رومانسية أو جذابة، واستُبعدت المواد التي كانت تعليمية أو ناقدة لهذه الظاهرة.
النتيجة كانت واضحة: هذه المقاطع تُسهم في رومَنة المجرمين، وتُقدّمهم على أنهم أبطال غامضون أو ضحايا الظروف، مما يُحدث تشويشا نفسيا لدى المشاهدين وخصوصا الفتيات المراهقات.
سبعة أنماط رئيسية وراء الظاهرة
خلص العلماء إلى وجود سبعة أنماط متكررة في هذه المقاطع، أبرزها:
1. تأثير الهالة (Halo Effect): حيث تؤدي جاذبية المجرم الشكلية إلى تبرير أفعاله الإجرامية أو التقليل من خطورتها.
2. نقل الإعجاب من الممثل إلى المجرم الحقيقي: عندما يؤدي ممثل مشهور دور قاتل أو مجرم في فيلم (مثل زاك إيفرون في دور تيد باندي أو إيفان بيترز في دور جيفري دامر)، فإن بعض المشاهدين ينقلون إعجابهم بالممثل إلى الشخصية الإجرامية الحقيقية.
هذا التداخل بين الواقع والخيال يجعل المجرم يبدو أكثر "إنسانية" أو "جاذبية"، مما يغيّر نظرة النساء إلى العنف والجريمة على المستوى اللاواعي.
التركيز على جيل زد والنساء الشابات
أظهرت الدراسة أن الظاهرة تنتشر بشكل واضح بين الفتيات من جيل زد (Generation Z)، وخصوصا اللواتي يقضين ساعات طويلة على تيك توك.
لكن المدهش هو أن مجرد مشاهدة هذه المقاطع لا يكفي لتأثير فعلي، إذ يرتبط الخطر الحقيقي بالتفاعل الواعي مع الفيديو — مثل الإعجاب به أو مشاهدته حتى النهاية أو ترك تعليق — حيث ترتفع عندها مستويات الميل الجنسي غير السوي نحو المجرمين.
ما الخطوة التالية في البحث العلمي؟
يخطط فريق جامعة هادرسفيلد لتطوير ما أطلقوا عليه "مقياس الهبريستوفيلية" (Hybristophilia Scale) لقياس درجة الميل الجنسي نحو المجرمين بشكل دقيق.
كما يسعى الباحثون إلى توسيع نطاق الدراسة لتشمل أنواعا مختلفة من الجرائم والسياقات الثقافية حول العالم، بهدف فهم أعمق لأسباب هذا الانجذاب الرقمي ولماذا يتحول لدى البعض إلى علاقات حقيقية مع مجرمين في الحياة الواقعية.
تحذير علمي واجتماعي
تؤكد نتائج هذه الدراسة على ضرورة تعزيز الوعي الرقمي والنفسي، وخصوصًا بين الفتيات اليافعات، للتمييز بين المحتوى الترفيهي والمحتوى الذي قد يُعيد تشكيل الميول والسلوكيات الجنسية بطريقة غير صحية.
كما تدعو إلى مراجعة خوارزميات تيك توك التي تُظهر مثل هذه المقاطع، وتوفير أدوات حماية نفسية أفضل للمستخدمين الشباب.