تقنية جديدة تفك شيفرة الحمضين النووي والريبي داخل خلية واحدة
منوعات
تقنية جديدة تفك شيفرة الحمضين النووي والريبي داخل خلية واحدة
12 تشرين الأول 2025 , 14:08 م

أعلن علماء معمل الأحياء الجزيئية الأوروبي (EMBL) عن تطوير أداة جديدة تُعرف باسم SDR-seq، تمكّن من تحليل كلٍّ من الحمض النووي (DNA) والحمض الريبي (RNA) في خلية واحدة بشكل متزامن.

تُحدث هذه التقنية نقلة نوعية في دراسة الجينات، إذ تربط بين الطفرات الجينية (المشفّرة وغير المشفّرة) وبين التعبير الجيني داخل نفس الخلية، مما يفتح الباب لفهم أعمق لعلاقة الجينات بالأمراض.

فهم أعمق للجينوم البشري

منذ العصور القديمة، أدرك العلماء أن بعض الأمراض تنتقل وراثيا داخل العائلات، ومع تطور علم الوراثة، بات واضحا أن جذور هذه الأمراض تكمن في الشيفرة الجينية الخاصة بكل إنسان.

واليوم، يُقدّم فريق EMBL أداةً قويةً تعزز تقنيات تحليل الخلايا المفردة عبر فحص كل من الاختلافات الجينية والحمض الريبي داخل نفس الخلية، بدقة وسرعة أعلى من أي وقت مضى.

سرّ المناطق غير المشفّرة في الحمض النووي

يتكوّن الجينوم من مناطق مشفّرة وأخرى غير مشفّرة. الأولى تحتوي على الجينات التي تنتج البروتينات، أما الثانية فتلعب دورًا تنظيميًا بالغ الأهمية في تطور الخلايا ووظائفها.

ومع أن أكثر من 95٪ من الطفرات المرتبطة بالأمراض تقع في المناطق غير المشفّرة، فإن الأدوات السابقة لم تكن قادرة على تحليلها بدقة.

وهنا تبرز أهمية SDR-seq التي تمكّن العلماء من دراسة هذه المناطق على نطاق واسع وفهم كيفية تأثيرها في تطور الأمراض مثل أمراض القلب الخِلقية والتوحّد والفصام.

كيف تعمل أداة SDR-seq؟

تعتمد التقنية على قطيرات زيتية دقيقة، تحتوي كل واحدة منها على خلية منفردة، ما يسمح بتحليل الحمضين النووي والريبي معا.

وباستخدام خوارزميات حاسوبية متطورة، يمكن فكّ الشيفرات المعقدة للبيانات وربط التغيرات الجينية بالنشاط الجيني داخل كل خلية.

شارك في هذا التطوير باحثون من جامعات ستانفورد وهايدلبرغ إلى جانب فرق متخصصة من EMBL، حيث تعاونوا على ابتكار طريقة لحماية الحمض الريبي الهشّ، وأخرى لفكّ رموز الباركود الجيني المعقد.

نتائج مذهلة في دراسة السرطان

اختبر العلماء الأداة على خلايا سرطان الغدد اللمفاوية البائية (B-cell lymphoma)، فلاحظوا أن الخلايا التي تحتوي على عدد أكبر من الطفرات الجينية تُظهر إشارات أكثر نشاطا تُسهم في نموّ السرطان وانتشاره.

قال الباحث دومينيك ليندنهوفر، المؤلف الرئيسي للدراسة المنشورة في مجلة Nature Methods: "أمكننا من خلال SDR-seq رصد تأثير الطفرات على التعبير الجيني في نفس الخلية، ومعرفة ما إذا كانت الطفرات تقع على نسخة واحدة من الجين أو على كلتا النسختين، وهذا إنجاز غير مسبوق."

مستقبل جديد لفهم الأمراض

يعتقد العلماء أن هذه الأداة لن تغيّر فقط طريقة دراسة الجينات، بل ستقود إلى تشخيص أدق للأمراض المعقدة وتطوير أساليب علاجية موجهة اعتمادا على البصمة الجينية لكل مريض.

وقال لارس شتاينميتز، أحد كبار مؤلفي البحث وأستاذ الوراثة بجامعة ستانفورد: "هذه الأداة تمنحنا القدرة على ربط الطفرات الجينية مباشرةً بالأمراض، وإذا استطعنا فهم كيفية تنظيم الجينات المسببة للأمراض، فسنكون أقرب إلى تطوير علاج فعّال لها."

المصدر: Nature Methods