قصة قصيرة جدًّا .
راح الشيطان الأكبر يستعرض أسماء الشخصيّات التابعة المنقادة له ولأهوائه، ورغباته في إشعال فتيل الفتنة النائمة في أرض تتنازعها الشهوات المتضادة تضاداً كبيراً، بين الخضوعِ التّامِّ والحريّةِ والتحرُّر، فوقع بصره على اسمه.
هلّل وضحك ضحكات هستريّة خبيثة بانت معها نواجذه المصبوغة بالدم، دم الأبرياء من الأطفال والنساء والعجائز في هذه الغابات وفي غير مكان ، فصاح :
-- هذا هو نافخ الكور، ومدبّر المكائد والشرور ، ومدمّر البيوت والحارات والدور .
إنّه هو ولا شخص غيره . أنا أعرفه. الجميع يعرفونه، وسرعان ما وقّع أمر النقل من قوس كبير لم يكن أهلاً لتوسطه إلى غابستان.
ثوباً جديداً فضفاضاً أُلبِسَ، وعلى مقعد كرسيّ واسع فسيح وثير أُجلِسَ.
سمع الكرسيّ كلاماً خطيراً نطق به هذا متعهداً بإشعال الحريق الذي لن ينجو منه فريق، فصاح :
-- لاااا ... أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وأذنابه ، فلو تحقّق ما تعهّد به هذا الصغير الذي يحتل مساحتي الكبيرةَ الحاضنةَ هذه الغابة فسوف تشتعل النيران في الأرجاء ، وتحرق الشجر والحجر، وتأتي على البشر، ولن تبقيَ ولن تذر.
عفوَك يا ربّ. أنا في حاجة إلى رجل يمنع الحريق ، وينقذ هذه المِساحةَ الرائعةَ الجمالِ مِنَ الفَناءِ والغريق.
أسرعت صحافيَّةٌ تَنْشُدُ سَبْقاً . أَدْنَتْ آلةَ التسجيلِ منهُ وقالت:
--حضرتُك سيّدُ الغابةِ الآنَ ، والغابةُ تتطلّبُ رجلاً مسؤولاً حريصاً على الأبناء والبنات، وعلى الآباء والأمهات، وأنت تعرف أنّه لا يُقَدِّرُ هذه المسؤوليّةَ الكبيرةَ إلّا رجلُ دولةٍ متزوجٌ يقظٌ غيرِ نوّام، فهل أنت متزوّج؟
-- نعم أنا متزوّج امرأة.
جاهدت في إخفاء دهشتها،وأردفت:
-- وهل هناك شخص ما يمكن أن يتزوّج رجلًا؟
-- "نعم. جارتنا متزوِّجة رجلاً".
اتسعت حدقتاها.سقطت آلة التسجيل. انكسر زجاج المكتب.
تناولتِ الآلةَ وأسرعت تعدو مغادرةً وهي تردّد :
أعوذ بالله. وقع المحظور ،وإلى سوء المصير تؤول الأمور
أعوذ بالله.
بيروت في 8/2/2025