تشيع المخاوف الاجتماعية بشأن تراجع القدرات الذهنية مع التقدم في العمر، لكن الدراسات العلمية الحديثة تقدم دليلا مقنعا على أن القدرات النفسية الأساسية لا تنحصر في الشباب، بل تصل إلى أوجها بعد سن الخمسين. تظهر النتائج أن الأداء الذهني العام للإنسان غالبا ما يبلغ ذروته بين 55 و60 عاما، وهو ما يفسر تفوق كبار السن في المناصب القيادية والأدوار المعقدة في السياسة والأعمال وذلك بحسب موقع Science Mail القوة مقابل الحكمة
من المعروف أن اللياقة البدنية والوظائف الإدراكية الأساسية مثل سرعة الاستجابة والذاكرة تبدأ بالانخفاض التدريجي بعد سن 25 عاما، مما ينعكس على أداء الرياضيين أو لاعبي الشطرنج الذين يصلون لذروتهم في سن مبكرة. لكن إذا نظرنا إلى ما هو أبعد من القوة الحسابية للدماغ، نجد أن القدرات النفسية المعقدة والخبرة الحياتية تظهر تحسنا مستمرا حتى مراحل متقدمة من العمر.
الصفات الشخصية الذكية
ركز العلماء على المجموعة الكاملة للسمات النفسية المستقرة، والتي تشمل:
الذكاء العاطفي،
حجم المعرفة،
الانفتاح على التجربة،
الانضباط،
الاستقرار العاطفي،
الود والتعاون.
من خلال تحليل البيانات الضخمة ومقاييس موحدة، تم تحديد مسار تطور كل سمة طوال حياة الإنسان، وتبين أن العديد من الصفات الأساسية لاتخاذ القرار تصل ذروتها في سن متأخر نسبيا:
الانضباط يصل إلى أقصى مستوى حوالي 65 عاما.
الاستقرار العاطفي يصل إلى الذروة نحو 75 عاما،
القدرة على مواجهة التحيزات المعرفية وتحقيق استنتاجات عقلانية تتحسن حتى سن 70–80 عاما.
الذروة العقلية الشاملة بين 55 و60 عاما
عند دمج 16 مؤشرا نفسيا في مؤشر شامل للنشاط الذهني، كشفت النتائج أن الأداء العقلي يصل إلى أعلى مستوياته بين 55 و60 عاما، ثم يبدأ في الانخفاض التدريجي. هذا يفسر لماذا غالبا ما يشغل الأشخاص فوق سن الخمسين أهم المناصب القيادية والمسؤولية.
تحديات سوق العمل لكبار السن
رغم هذه النتائج، يواجه الموظفون الأكبر سنا حواجز وظيفية كبيرة، أحيانا يُنظر إليهم على أنهم استثمار قصير الأجل بسبب قربهم من سن التقاعد، وفي بعض المهن تُفرض قيود عمرية صارمة. ومع ذلك، تظل القدرة على التفكير السريع والذاكرة لدى كثيرين في مستويات عالية حتى سن متقدمة، مما يؤكد أن تقييم الفرد يجب أن يرتكز على الكفاءات والقدرات الحقيقية وليس العمر الزمني.