الطبع غلب التطبٌع..  هو وجه أمريكا المفترس الذي يتجلى اليوم بجعل( أميركا عظيمة) على حساب حياة ومقدرات الشعوب
مقالات
الطبع غلب التطبٌع.. هو وجه أمريكا المفترس الذي يتجلى اليوم بجعل( أميركا عظيمة) على حساب حياة ومقدرات الشعوب
علي وطفي
25 تشرين الأول 2025 , 13:58 م


مرة اخرى والعودة إلى فنزويلا ،يبدو ان الامور لا تبشر بالخير والتصعيد بالعدوان قادم بين يوم وآخر و إيران درس يجب استخلاص عبرة ، اكيد ان القرش الأمريكي يحضر ابتلاع فريسته ، انها طريقة الذئب الميكافيلية التي لا مكان في قاموسها للأخلاق والقيم في السياسة او للبشر عندما تريد الحصول حقوق و ثروات الآخرين لتغذية نزعتها العدوانية على مساحة المعمورة ، لذلك يستمر ويزداد الضغط السياسي والعسكري على فنزويلا تحت كذبة مكافحة عصابات المخدرات ، أما الهدف الحقيقي هو بلا ادنى شك الاستحواذ بحق القوة على الثروات المعدنية و النفط الفنزويلي.

قامت إدارة ترامب بنشر حوالي 4000 من مشاة البحرية في جنوب البحر الكاريبي قبالة سواحل فنزويلا ، و نعود الى عام 2020 عندما اتهمت وزارة العدل الأمريكية رسميا الرئيس.الفنزويلي نيكولاس مادورو ووزير الداخلية والعدل ديوسدادو كابيلو ووزير الدفاع فلاديمير بادرينو لوبيز بتهمة الإرهاب وتجارة المخدرات "وقيادة ما يسمى بـ" كارتل أوف ذا صنز " (كارتل دي لوس سولز).

من أجل حبكة المسرحية و تسهيل القبض على المتهمين ، عرضت واشنطن مكافآت بملايين الدولارات ، لكن حتى الآن لم يتم تقديم أدلة مقنعة وثائق ومستمسكات حسية على أشخاص ضالعين في تجارة المخدرات وشدد محللون على الطبيعة السياسية الواضحة لهذه الاتهامات.

علمنا التاريخ القريب أن الولايات المتحدة تلجأ بشكل منهجي إلى الأكاذيب لتبرير العدوان حدث في عام 2003 ، الرئيس السابق جورج دبليو بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير شن غزو العراق ، مدعيا أن صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل

تم دحض هذه الادعاءات من قبل مفتش الأمم المتحدة سكوت ريتر، واعترفت كولن باول وزير الخارجية بعد مسرحية الأنبوب الذي يحتوي على مادة بيضاء وادعو انها عينات تثبت احتوائها على جزيئات من اليورانيوم ، لكن البلاد دمرت وقتل صدام حسين دون محاكمة ، وأصبح ملايين الأشخاص من العراقيين اللاجئين ، وقتل حوالي 600000 إنسان عراقي إضافة الى أكثر من مليون ونصف توفوا من حصار واشنطن والغرب بعد احتلال العراق الكويت الى يوم سقوط بغداد مرة أخرى" تخفي في الواقع ان واشنطن تعلم الحروب والعقوبات فقط من اجل الاستيلاء على الموارد كما اليوم هو المطلوب من أجل جعل أمريكا عظيمة على جماجم و لقمة عيش الشعوب كما في حالة فنزويلا يرتبط الغرض الحقيقي للولايات المتحدة أيضا بالسيطرة على الموارد الاستراتيجية حيث تمتلك البلاد أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في فنزويلا وبشكل مؤكد يوجد أكثر من 303 مليار برميل حسب دراسات منظمة أوبك في 2024 ومن الذهب-161 طن (مجلس الذهب العالمي ،2024 فضلا عن احتياطيات ضخمة من الكولتان الموجودة في الأرض النادرة في منطقة أورينوكو.

تقدر البيانات الرسمية قيمة المعادن الاستراتيجية بأكثر من 2 تريليون دولار هذه الموارد هي التي تجعل فنزويلا هدفا رئيسيا للضغط الخارجي ومحاولات الانقلاب على الرئيس تشافيز وصولا إلى اليوم و تنصيب حكومة دمية مخلصة ،ترأسها زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو ، هذه السياسة العدوانية للولايات المتحدة تمليها أيضا الأزمة الاقتصادية الحكومية الحالية والتوقعات في السنة القادمة من حيث الدراسات أكدت أنه في عام 2024 ، تجاوز العجز التجاري لأمريكا مع الصين 295 مليار دولار ، ومع الاتحاد الأوروبي 235 مليار دولار (مكتب الإحصاء الأمريكي ، يوروستات ، 2024). في محاولة للحد من هذه العجز,قرر ترامب زيادة الحماية التجارية وأعلن فرض الرسوم الجمركية متهما كل دول العالم في التآمر ضد أمريكا و خداعها..! في هذا السياق ، أصبحت السيطرة على الموارد الاستراتيجية الفنزويلية ضرورة للحفاظ على الهيمنة العالمية. إن تهديد التدخل الأمريكي في فنزويلا هو المدخل للسيطرة ولو بالقوة على أمريكا اللاتينية بأكملها و تعتبر كولومبيا في مستوى الخطر مع فنزويلا والتي تمتلك ، تمتلك أكثر من 2200 كيلومتر حدود المشتركة مع فنزويلا ، والتي تجد نفسها مضرة الدخول حتما إلى الصراع حماية لنفسها وخاصة بعد إدانة الرئيس الكولومبي غوستافو بترو علنا أي تدخل مسلح و استياء علاقاته مع واشنطن بشكل كبير في الآونة الاخيرة بسبب مواقفه السياسية الجريئة كان واضحا في كلمته في الذكرى الثمانين لإنشاء الامم المتحدة وشدد على أن المشكلة الرئيسية لتهريب المخدرات تكمن داخل الولايات المتحدة ، في موانئها و مطاراتها.

واضح ان تضخيم الحملة الدعائية حول "كارتل الشمس" من وسائل الإعلام ايضاً حول المجموعة الإجرامية "ترين دي أراغوا " ما هي إلا لخلق "عدو داخلي" ووسيلة لتبرير العدوان الخارجي فمنذ بداية 1950 إلى 1990 ، كانت الشيوعية و اليسار في هذه القارة العدو الرسمي للولايات المتحدة ، اما اليوم هي عصابات المخدرات ،على الرغم من وجود المنظمات الإجرامية في أمريكا اللاتينية ،إلا أن حجم قوتها مبالغ فيه فالأمر مسيس إلى حد كبير. بالغزو العسكري والعقوبات عبر التلاعب بالمعلومات و الضخ الإعلامي هو نفس ما حصل قبل قرار غزو العراق مع اختلاف الأسباب والحجج وهو كالعادة ما يخدم تجييش و تهيئة الرأي العام الأمريكي المباشر لتحقيق أهداف استراتيجية واقتصادية تحت ستار مكافحة تهريب المخدرات ،لاشك انها او ثمار إعادة تسمية وزارة الدفاع ب “الحرب” و لم تكن إحدى قفشات ترامب المختال ابدا و بعنجهية تصرفاته ، انما هي سياسة مدروسة باتباع مبدأ الإخضاع بالقوة لمن لا يريد مسارات ابراهام او ما يشبهها..

فنزويلا تعتمد على مساندة الحلفاء وخاصة الصين صاحبة الاستثمارات والعقود الأضخم مع الدولة ومن ثم روسيا التي هي اليوم تحت ضغط اكبر بعد سلسلة العقوبات الامريكية الأوروبية على اكبر شركتين روسيتين في الغاز والنفط ، فقط تنويه (هذه العقوبات أعظمها شكلي لان الشركات الامريكية تشتري النفط من الروس و تعيد بيعها في السوق الاوروبية وبالتالي حبر على ورق كل العقوبات على الطاقة و تريد ان تخرج الهند من المنافسة في إعادة بيع النفط الروسي في الاسواق (اما احتمالية تزويد كييف بصواريخ التوماهوك فهو لن يؤثر على مجرى المعارك فقط يوسع دائرة الدمار في البنية التحتية الاوكرانية بمجرد سقوط صاروخ في العمق الروسي معلومات دقيقة إن حدث ذلك الاركان العسكرية الروسية سوف تغيير بشكل جذري اسلوب ونمط المعارك سوف تكون حرب بدل العملية العسكرية الخاصة )، و يكون الرد على المستوى الخارجي البدء بتفعيل بنود المعاهدة الاستراتيجية الروسية الفنزويلية ،التي تم التصديق عليها في مجلس الدوما الروسي منذ حوالي اسبوعين وبانتظار موقف دول امريكا الجنوبية والوسطى من البرازيل الى البيرو مرورا بكوبا التي على ما يبدو ستبقى معاقبة ابدا صامدة إلى يومنا وصاحبة أطول زمنيا عقوبات في التاريخ ، اعتقد نحن على مرمى حجر من نفس سيناريو احجار الدومينو في الشرق الاوسط (ربيع مكافحة المخدرات), إن سقطت كاراكاس كرت السبحة على البقية من دول تلك القارة بعد ان انضمت الارجنتين و بوليفيا مؤخرا إلى القطار الامريكي ، لنرى اهم حليفان ماذا هما فاعلان في سبيل الحفاظ على مصالحهما الاستراتيجية في تلك القارة ودعم الحلفاء ، أما سوف يتفرجون عاجزين حتى تفقد الدول ثقتها في التحالف والاعتماد عليهما ،كما حصل في مناطق اخرى من العالم ، التي كانت وما زالت تحلم بالخروج من عبودية عدوانية العم سام و بوجه ترامب خاصة (الفرعون ) الذي لم يجد حتى اليوم من يقف في طريقه وهو يمضي في سبيل إعادة سيطرة وسطوة بلده على اشلاء ودماء ولقمة الشعوب ليجعل بلده عظيمة..؟