لطالما اعتُبرت المناطق التكتونية الهادئة آمنة من الزلازل، لكن الدراسات الحديثة أظهرت أن هذا الهدوء ليس دائما دليلا على الأمان. فخلف ملايين السنين من السكون، تختبئ قوى جيولوجية كامنة يمكن أن تتحرّك بفعل أقل تدخل بشري.
الزلازل في أماكن غير متوقعة
شهدت مناطق مثل ولاية يوتا في الولايات المتحدة ومدينة خرونينغن في هولندا وشمال شرق فرنسا زلازل مفاجئة أذهلت العلماء. فبحسب النظريات التقليدية، يجب أن تكون هذه الصدوع مستقرة تمامًا، إذ إن الضغط المستمر عليها يجعل حركتها شبه مستحيلة.
السر الكامن في الصدوع القديمة
اكتشف علماء من جامعة أوتريخت الهولندية أن الصدوع "النائمة" ليست خاملة كما يُعتقد. فخلال ملايين السنين، تتراكم في تلك الشقوق معادن جديدة تدمج جدران الصدع معًا، مما يجعلها أكثر صلابة. غير أن هذه الصلابة ذاتها تتحول إلى خطر كامن: فعندما يتدخل الإنسان بعمليات مثل استخراج الغاز أو حقن المياه في باطن الأرض، يختل التوازن، وتتحرر الطاقة الكامنة في لحظة واحدة على شكل زلزال.
لماذا تعتبر هذه الزلازل أكثر خطورة؟
تكمن خطورة هذه الزلازل في كونها تحدث على أعماق ضحلة، لا تتجاوز بضعة كيلومترات تحت سطح الأرض، أي في مناطق قريبة من التجمعات السكنية والبنية التحتية. وبخلاف الزلازل العميقة، تولّد هذه الاهتزازات السطحية موجات قوية وشديدة التأثير، مما يجعل آثارها أكثر تدميرا.
نهاية العاصفة وعودة الهدوء
رغم قوتها المفاجئة، فإن هذه الزلازل لا تتكرر عادة، فبعد أن تتحرّر الطاقة المخزّنة، يعود الصدع إلى حالة الاستقرار، بل يصبح أكثر مقاومة للانكسارات المستقبلية، وهكذا يتحوّل الشق الذي تسبب في الزلزال إلى حاجز جيولوجي يمنع انتشار الشقوق الجديدة.
تؤكد هذه الدراسات أن الهدوء الجيولوجي ليس دائما علامة على الأمان، بل يمكن أن يخفي خلفه قوى جبارة تنتظر شرارة صغيرة لإطلاقها، لذا يدعو العلماء إلى توخي الحذر عند التدخل في باطن الأرض، خصوصا في المناطق التي طال عليها السكون التكتوني.