كشفت دراسة علمية جديدة أن الوعي بالنقاط الإيجابية في الذات – مثل القدرات الشخصية، والقيم، والصفات الحميدة – يمكن أن يُحدث تحسّنا ملحوظا في الصحة النفسية والشعور بالسعادة، وأظهرت النتائج أن حتى التمارين الذهنية القصيرة المعروفة باسم “الأفيرماشن” (Affirmations) قد تعود بفوائد نفسية كبيرة تدوم لأكثر من أسبوعين.
نُشرت الدراسة في مجلة American Psychologist، وأجراها فريق بحثي من جامعة هونغ كونغ بقيادة مجموعة من علماء النفس المتخصصين في السلوك الإيجابي.
ماهي تمارين التأكيد الذاتي؟
تقوم هذه التمارين على تذكير الشخص بنفسه وقوته الداخلية من خلال كتابة أو تكرار جمل بسيطة تؤكد قيمته، مثل “أنا قادر على تحقيق أهدافي” أو “أنا أستحق أن أكون سعيدا”.
ويقول الباحثون إن هذا النوع من التمارين يعزز الشعور بالثقة بالنفس ويخفف من تأثير العوامل المسببة للتوتر أو القلق.
تحليل علمي شامل لأكثر من 17 ألف مشارك
راجع العلماء 129 دراسة علمية تناولت تأثير تمارين التأكيد الذاتي، شملت بيانات 17,748 شخصا من مختلف الفئات العمرية، أغلبهم من طلاب الجامعات في الولايات المتحدة، إضافة إلى مراهقين وبالغين من خلفيات متنوعة.
ولتحليل النتائج، صنّف الباحثون مؤشرات التحسّن النفسي ضمن أربع فئات رئيسية:
1. الرفاهية العامة: مثل الشعور بالرضا عن الحياة.
2. الرفاهية الاجتماعية: الإحساس بالانتماء والتواصل الإيجابي مع الآخرين.
3. تقدير الذات: النظرة الإيجابية نحو النفس والإيمان بالقدرات الشخصية.
4. تقليل الأعراض السلبية: مثل القلق والتوتر والمزاج السيئ.
نتائج تؤكد فعالية التمارين الذهنية
أثبتت النتائج أن تمارين “الأفيرماشن” كان لها تأثير إيجابي واضح على جميع الجوانب الأربعة، حيث ساعدت على رفع المعنويات، وتحسين نظرة الفرد إلى ذاته، وتقليل التوتر والمشاعر السلبية.
كما لاحظ الباحثون أن أثر هذه التمارين استمر لأكثر من أسبوعين بعد ممارستها، مما يؤكد فعاليتها طويلة الأمد.
ومن المثير أن الدراسة وجدت فروقا طفيفة بين المجموعات المختلفة، إذ كانت التمارين أكثر تأثيرا على الوعي الذاتي لدى البالغين مقارنة بالمراهقين، بينما ظهر أقوى تأثير على الشعور بالسعادة العامة لدى المشاركين الأمريكيين.
توصيات الباحثين
أوصى العلماء بضرورة إدخال تمارين التأكيد الذاتي في المدارس والجامعات والبيئة الأسرية، لما لها من دور في دعم الصحة النفسية للمراهقين، وتحسين الأداء الدراسي، وتعزيز جودة الحياة اليومية.
وأكدوا أن هذه الممارسات لا تتطلب أدوات معقدة أو تكلفة مالية، بل مجرد دقائق يومية من الوعي الذاتي والتفكير الإيجابي يمكن أن تُحدث فرقا ملموسا في المزاج العام والرفاهية الشخصية.
تُظهر نتائج هذه الدراسة أن تحسين الصحة النفسية لا يحتاج دائما إلى حلول معقدة أو علاج طويل الأمد، فبضع دقائق يوميا من التأكيدات الإيجابية قد تكون كافية لتقوية الذات، ورفع المعنويات، واستعادة التوازن النفسي.