عبد الحميد كناكري خوجة: الفاتح من نوفمبر العهد...وطهران 1978 المجد، ثورتان من نور واحد.
مقالات
عبد الحميد كناكري خوجة: الفاتح من نوفمبر العهد...وطهران 1978 المجد، ثورتان من نور واحد.


نوفمبر الشموخ...يحدث طهران عن فجر لايلوح إلا بدم الشهداء.

من وجه الصحراء إلى وهج الثورة من جبال الأوراس إلى جبال ألبرز، تتقاطع مسارات التاريخ وتتشابك الأقدار، حين تتعانق الجزائر وطهران على بساط الحرية في مشهد أبهر الزمان وأذل الإستعمار. إنها رسالة عشق تحريري تكتب بالدموع والحروف، وترتلها الأمم التي آمنت بأن الكرامة لاتستجدي بل تنتزع انتزاعا. ( وتلك الأيام نداولها بين الناس) _ أية عطرة تختزل مسيرة الشعوب المقاومة التي رفضت الإنكسار وارتضت الإنتصار. ومن رحم الثورة تولد الثورات. ومن وهج الحرية تشتعل مصابيح الكرامة، وهكذا كانت طهران اليوم، اليوم تستحضر وهج الفاتح من نوفمبر، وتغترف في معين الجزائر درس الفداء والعزة والوفاء. في أروقة المراكز الثقافية الإيرانية تعانقت الألوان والألحان والبيارق، وارتفعت في سماء الأخوة رايات المحبة بين بلد المليون ونصف المليون شهيد وجمهورية الحرف والموقف. شعراء وأدباء وكتاب من كلا البلدين رسموا بالكلمات لوحة الوفاء المتبادل، وتحدثوا عن تأثر الثورة الإسلامية المجيدة في إيران بملاحم نوفمبر الجزائرية التي غسلت وجه التاريخ من رجس المستعمر الفرنسي، تماما كما غسلت ثورة الإمام الخميني” قدس" وجه إيران من غبار العمالة والإستكبار. إنها علاقة دم وثورة، قيم وهوية، جهاد وحرية. ففي حين انتزع الجزائريون استقلالهم بالسلاح واليقين وبإسم رب العالمين، استعاد الإيرانيون مجدهم بالإيمان والعقيدة والوعي، ووقف قائد الثورة الإسلامية آية الله الخميني قدس الله سره وأسكنه عليين موقفا خالدا عندما استبدل سفارة الكيان الغاصب بسفارة دولة فلسطين وسلم مفاتيحها ليد الشهيد القائد محمد ياسر عرفات أبو عمار أسكنه الله الفردوس الأعلى. معلنا أن القدس لاتشترى ولاتباع بل تستعاد. وبالمقابل بارك الشعب الجزائري الأبي لإيران انتصارها على نظام الشاه الذي نهب الذهب والكنوز و الآثار وأطنان من أموال إيران وأودعها في خزائن الإستعمار الغربي. بينما جمهورية إيران الاسلامية تطالب بحقوقها المشروعة باسم أبناء شعبها العريق. تتشابه الثورتان في المبدأ والجوهر فكلتاهما انتزعت إرادة الشعوب من أنياب الهيمنة والغطرسة، وحررت الإنسان من عبودية السلطان. ولم تخل الذاكرة من لوعة ومرارة مافعله المستعمر الفرنسي الذي اقترف مجازر سطيف 1945 حيث أزهقت أرواح 45 ألف مواطن جزائري في ثلاثة أيام، وجرب قنابله الذرية في صحراء الرڨان، ودفن الأحياء في الأحياء، وصلب الأحرار ليختبر مدى اختراق شعاع قنابله الذرية على أجسادهم الطاهرة.واستعمل المقصلة الرهيبة حيث كان أول شهدائها الشهيد القائد البطل أحمد زهانة الإسم الحركي وزبانة لقبه. في فصول تقشعر لها الأبدان وتشيب عند ذكرها رؤوس الغلمان. واقتلع فروة رأس الشهيد البطل القائد ” العربي بن مهيدي" واليوم نحن نقبل على ذكرى الفاتح من نوفمبر 1954. نتوجه بخالص التبريك للأمة الجزائرية العظيمة، شعبا قيادة حكيمة وجيشا شعبيا باسلا سليل جيش التحرير الوطني. ونسأل الله أن يحفظ الجزائر وطهران وسائر بلاد المسلمين من كيد الكائدين. وأن يتقبل الشهداء الأبرار في عليين مع الانبياء و الرسل والمتقين.

وكما قال إبن عم رسول الله أبا الحسنين”ع" ” الحرية لاتمنح بل تنتزع انتزاعا" وكما ردد الثائر الجزائري الشهيد القائد ” مصطفى بن بولعيد " ( نحن شعب لايموت بل بتجدد في كل ثورة.

سلام على الجزائر في عبد ثورتها، وسلام على طهران في صدق ثباتها، وسلام على كل أرض عرفت أن الكرامة لاتشترى بل تصنع بدماء الشهداء وكذلك سلام على شهداء غزة الصمود والبسالة والشهامة والتضحية والعزة. وعلى شهداء جنوبنا اللبناني العظيم.

مفكر وكاتب حر، وإعلامي سابق في الغربة.