كتب د.علي حجازي: "النّفاخة".. قصة قصيرة جدًّا.
دنا مني حفيدي نادر وبيده كتاب، وقال:
-- جدّي الحبيب ما هي النرجسيّة ؟
-- النرجسيّة هي نمط شخصيٌّ مَرَضيٌّ يتميَّزُ بالحُبِّ المفرط للذات، والشعورِ المبالَغِ فيهِ بأهميّتِها ، والحاجةِ المستمرّةِ للإعجاب بِها، ونقصِ التعاطفِ معَ الآخرينَ الذين يشعرُالمُصابُ بِهاأمامَهم بالاستعلاءِالمُتَعَجْرِف، غير أنّهُ يغدُو فارِغاً ومِنْ دونِ قيمةٍ، إذا ما أفهَمْناهُ حقيقتَهُ.
-- ألَكَ أنْ تُقدِّمَ لي مثالاً على ذلك؟
-- بكلِّ سرور يا حبيبي.
هناك في جارِور المكتب، مجموعةُ بالوناتٍ استَحضرْتُها لنزيّنَ بها احتفالَنا بعيدِ ميلادِكَ الثامِنِ القريب. تناوَلْ واحداً منها.
-- ألهذا البالون اسمٌ آخرُ؟
-- أجل. يسمّونه النفّاخة.
لذا؛ انْفُخْهُ يا نادر ، ثمّ اربُطْهُ بخيطٍ طويل.
-- لاحظ كم هو كبيرُ الحجمِ الآنَ. ماذا بعدُ؟
-- نعمْ. إنّ المادةَ البلاستيكيةَ الْمَرِنَةَ هي التي تجعلُهُ سهلَ النَّفخ، أطْلِقْهُ يا نادر...
-- ها هو يرتفعُ ويتأرجحُ في الهواء.
-- حسناً؛ شُدَّهُ إليكَ بِقُوّة، ثُمَّ أَدْخِلْ تِلْكَ الإبرةَ الصّغيرةَ فيه.
--صوتُ انفجارِهِ قويٌّ،مَعَ أنّه في الأساسِ كِيسٌ صغير .
سؤاليِ هو:
لِمَ انْفَجَرَ بِسُرْعَةٍ فائِقَة؟
-- لأنّ مادّةَ البلاستيك تصبِحُ ضعيفةً وواهيةً، وغيرَ قادرةٍ على ضبطِ الهواءِ الهاربِ بِسُرْعَةٍ كبيرةٍ من ذلكَ الرأسِ المحشوِّ بِهِ فينفجرُ مُحْدِثاً هذا الصوتَ الكبير !
--- الآنَ فهمتُ مَغزى النَّصّ.
-- ما الذي فَهِمْتَهُ ، وأيَّ فائدةٍ قدَّمَتْها لكَ هذهِ النَّفَّاخة؟
-- بعضُ البشرِ رُؤوسُهُم تُشْبِهُ كيسَ هذا البالون يا جدّي، فهي محشوَّةٌ...
-- لا تُكْمِلْ؛ لِأَنَّ انفجارَ الكيسِ أكملِ الشّرْحَ. لا تُكْمِلْ.