كتب د.علي حجازي:
ثقافة
كتب د.علي حجازي: "النّفاخة".. قصة قصيرة جدًّا.
د. علي حجازي
29 تشرين الأول 2025 , 21:37 م

كتب د.علي حجازي: "النّفاخة".. قصة قصيرة جدًّا.

دنا مني حفيدي نادر وبيده كتاب، وقال:

-- جدّي الحبيب ما هي النرجسيّة ؟

-- النرجسيّة هي نمط شخصيٌّ مَرَضيٌّ يتميَّزُ بالحُبِّ المفرط للذات، والشعورِ المبالَغِ فيهِ بأهميّتِها ، والحاجةِ المستمرّةِ للإعجاب بِها، ونقصِ التعاطفِ معَ الآخرينَ الذين يشعرُالمُصابُ بِهاأمامَهم بالاستعلاءِالمُتَعَجْرِف، غير أنّهُ يغدُو فارِغاً ومِنْ دونِ قيمةٍ، إذا ما أفهَمْناهُ حقيقتَهُ.

-- ألَكَ أنْ تُقدِّمَ لي مثالاً على ذلك؟

-- بكلِّ سرور يا حبيبي.

هناك في جارِور المكتب، مجموعةُ بالوناتٍ استَحضرْتُها لنزيّنَ بها احتفالَنا بعيدِ ميلادِكَ الثامِنِ القريب. تناوَلْ واحداً منها.

-- ألهذا البالون اسمٌ آخرُ؟

-- أجل. يسمّونه النفّاخة.

لذا؛ انْفُخْهُ يا نادر ، ثمّ اربُطْهُ بخيطٍ طويل.

-- لاحظ كم هو كبيرُ الحجمِ الآنَ. ماذا بعدُ؟

-- نعمْ. إنّ المادةَ البلاستيكيةَ الْمَرِنَةَ هي التي تجعلُهُ سهلَ النَّفخ، أطْلِقْهُ يا نادر...

-- ها هو يرتفعُ ويتأرجحُ في الهواء.

-- حسناً؛ شُدَّهُ إليكَ بِقُوّة، ثُمَّ أَدْخِلْ تِلْكَ الإبرةَ الصّغيرةَ فيه.

--صوتُ انفجارِهِ قويٌّ،مَعَ أنّه في الأساسِ كِيسٌ صغير .

سؤاليِ هو:

لِمَ انْفَجَرَ بِسُرْعَةٍ فائِقَة؟

-- لأنّ مادّةَ البلاستيك تصبِحُ ضعيفةً وواهيةً، وغيرَ قادرةٍ على ضبطِ الهواءِ الهاربِ بِسُرْعَةٍ كبيرةٍ من ذلكَ الرأسِ المحشوِّ بِهِ فينفجرُ مُحْدِثاً هذا الصوتَ الكبير !

--- الآنَ فهمتُ مَغزى النَّصّ.

-- ما الذي فَهِمْتَهُ ، وأيَّ فائدةٍ قدَّمَتْها لكَ هذهِ النَّفَّاخة؟

-- بعضُ البشرِ رُؤوسُهُم تُشْبِهُ كيسَ هذا البالون يا جدّي، فهي محشوَّةٌ...

-- لا تُكْمِلْ؛ لِأَنَّ انفجارَ الكيسِ أكملِ الشّرْحَ. لا تُكْمِلْ.