يعاني العديد من المرضى بعد جراحة الحبال الصوتية من تصلب الحبال الصوتية، مما يؤثر على قدرتهم على النطق بشكل طبيعي. يمكن أن تساعد الهيدروجيلات في تعزيز الشفاء ومنع التليف، لكن إيصالها بدقة إلى موقع الجراحة يمثل تحديا كبيرا.
ابتكار طابعة ثلاثية الأبعاد صغيرة لإعادة بناء الأنسجة
وفقا لتقرير نشر في مجلة Device، طور فريق من مهندسي الهندسة الطبية الحيوية والجراحين روبوتا صغيرا للطباعة ثلاثية الأبعاد يمكنه توصيل الهيدروجيل بدقة إلى موقع الجراحة لإعادة بناء الأنسجة المستأصلة أثناء العملية. ويبلغ حجم رأس الطابعة 2.7 مم فقط، مما يجعلها أصغر طابعة حيوية تم الإبلاغ عنها حتى الآن.
يقول سوان غرين، مهندس الطب الحيوي في جامعة ماكغيل والمؤلف الأول للدراسة:
"تم تصميم جهازنا ليس فقط لدقة الطباعة وجودتها، بل أيضا لتسهيل استخدامه من قبل الجراحين، حيث يتكامل بسلاسة مع إجراءات الجراحة القياسية ويوفر تحكما يدويا مباشرا في بيئة عمل محدودة."
أهمية الجهاز للمرضى
تشير الدراسات إلى أن 3% إلى 9% من الأشخاص يصابون باضطرابات في الصوت نتيجة تكيسات أو أورام على الحبال الصوتية خلال حياتهم. عادةً ما يتم إزالة هذه الأورام جراحيا، لكن العديد من المرضى يصابون بالتليف بعد الجراحة، ما يجعل النطق صعبا.
لتجنب التليف، يقوم الجراحون بحقن الهيدروجيل في الأنسجة، لكن الدقة في الإيصال تمثل تحديا كبيرا، وهو ما يسعى الجهاز الجديد لحله.
تصميم مستوحى من الطبيعة
استُلهم تصميم الطابعة من خرطوم الفيل، حيث يتكون رأس الطابعة من فوهة في نهاية "خرطوم" مرن متصل بكابلات شبيهة بالأوتار إلى وحدة التحكم المثبتة على المجهر الجراحي. يمكن التحكم بالجهاز يدويا في الوقت الفعلي، ويعمل على إيصال هيدروجيل يعتمد على حمض الهيالورونيك بخطوط دقيقة تصل إلى 1.2 مم.
تمت برمجة حركات الجهاز لتكون دقيقة وقابلة للتكرار ضمن نطاق عمل يبلغ 20 مم، مما يضمن إعادة بناء دقيقة لتكوين الأحبال الصوتية.
التجارب والدقة
لاختبار دقة الطابعة، قام الباحثون برسم أشكال مختلفة يدويا، مثل الدوامات ثنائية الأبعاد، القلوب، والحروف على أسطح مسطحة. ثم استخدموا الجهاز لإيصال الهيدروجيل إلى نماذج محاكاة للأحبال الصوتية لتدريب الجراحين، حيث تمكن الجهاز من إعادة بناء التكوين الهندسي بدقة، بما في ذلك تجاويف بعد إزالة الآفات والحبال الصوتية التي تتطلب إعادة بناء كاملة.
تقول أودري سيدال، مهندسة الطب الحيوي في جامعة ماكغيل:
"ما يجعل هذا الجهاز مدهشا هو أنه يتصرف بشكل متوقع رغم كونه يشبه الخرطوم المرن؛ فكما تعلمون، عند مرور الماء عبر الخرطوم، يميل إلى التحرك بشكل عشوائي، لكن الجهاز يحافظ على الدقة."
المرحلة القادمة
حاليا، يتم التحكم بالجهاز يدويا، لكن الباحثين يعملون على تطوير نظام يجمع بين التحكم الذاتي واليدوي.
يقول لوك مونجو، المؤلف الكبير والدكتور في الهندسة الطبية الحيوية:
"نسعى لترجمة هذا الابتكار إلى العيادات. الخطوة التالية هي اختبار الهيدروجيل على الحيوانات، ونأمل أن يقود ذلك إلى تجارب سريرية على البشر لتقييم دقة الطابعة، سهولة استخدامها، والنتائج العلاجية."