ابتكار حاسوب نانوي مستوحى من الدماغ يمكنه التعلم الذاتي بكفاءة عالية
علوم و تكنولوجيا
ابتكار حاسوب نانوي مستوحى من الدماغ يمكنه التعلم الذاتي بكفاءة عالية
1 تشرين الثاني 2025 , 12:26 م

نجح فريق من المهندسين في جامعة تكساس في دالاس (University of Texas at Dallas) في تطوير نموذج أولي لحاسوب مصغّر يتعلم بطريقة تحاكي الدماغ البشري .

هذا النظام العصبي المبتكر قادر على التعرّف على الأنماط والتنبؤ بها باستخدام عدد أقل بكثير من العمليات الحسابية التدريبية مقارنة بالأنظمة الذكية التقليدية.

الذكاء الاصطناعي الذي يتعلم مثل الإنسان

يقود المشروع الدكتور جوزيف إس. فريدمان (Joseph S. Friedman)، أستاذ مساعد في قسم الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسوب ومدير مختبر NeuroSpinCompute في الجامعة.

وقال فريدمان: “عملنا يوضح مسارا جديدا لبناء حواسيب مستوحاة من الدماغ يمكنها التعلم ذاتيًا دون إشراف بشري.”

وأضاف: “نظرا لأن الحواسيب النيورومورفية لا تتطلب كميات ضخمة من عمليات التدريب، يمكنها تشغيل الأجهزة الذكية بكفاءة عالية دون استهلاك طاقة هائل.”

نهاية عصر استهلاك الطاقة المفرط في الذكاء الاصطناعي

تعتمد الحواسيب التقليدية على فصل الذاكرة عن وحدة المعالجة، مما يفرض حركة مستمرة للبيانات بين الجزأين ويزيد من استهلاك الطاقة بشكل كبير، خصوصًا في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي العملاقة، التي قد تتطلب مئات الملايين من الدولارات.

أما الحوسبة النيورومورفية (Neuromorphic Computing) فتعمل بطريقة مختلفة كليا، إذ تدمج الذاكرة والمعالجة في مكان واحد مثل الدماغ البشري. في هذا النظام، تقوم الخلايا العصبية والوصلات بينها — أو ما يعرف بالمشابك (Synapses) — بمعالجة المعلومات وتخزينها معا، وتتقوّى الروابط أو تضعف بحسب النشاط، مما يسمح بالتعلم المستمر.

القانون العصبي الذي ألهم التقنية

استندت هذه التقنية إلى مبدأ شهير في علم النفس العصبي يُعرف باسم قانون هيب (Hebb’s Law) الذي صاغه عالم النفس دونالد هيب، ومضمونه: "الخلايا العصبية التي تنشط معا، ترتبط معا."

يشرح فريدمان هذا المفهوم بقوله: “المبدأ الذي نستخدمه في تعليم الحاسوب هو أنه إذا تسبب أحد العصبونات الاصطناعية في تنشيط عصبون آخر، فإن الاتصال بينهما يصبح أكثر توصيلا — تماما كما يحدث في الدماغ.”

القلب المغناطيسي للحاسوب الدماغي

يعتمد النظام الجديد على مكوّنات نانوية تُعرف باسم الوصلات النفقية المغناطيسية (Magnetic Tunnel Junctions - MTJs)، تتكون من طبقتين مغناطيسيتين تفصل بينهما طبقة عازلة.

تتحكم هذه الوصلات في مرور الإلكترونات: إذ يمر التيار بسهولة عندما تكون الطبقتان في الاتجاه نفسه، ويضعف عند اختلاف اتجاههما.

ومن خلال ربط عدد كبير من هذه الوصلات، أنشأ الباحثون شبكة عصبية قادرة على تعديل قوتها الاتصالية تلقائيا عند مرور الإشارات، تماما كما تتطور المشابك العصبية في الدماغ أثناء عملية التعلم.

ميزة MTJs الإضافية أنها توفر تخزينا موثوقا للبيانات بفضل طبيعتها الثنائية، مما يتغلب على واحدة من أكبر العقبات التي واجهت الأبحاث السابقة في الحوسبة العصبية.

نحو أجهزة ذكية تفكر ذاتيا

يهدف الدكتور فريدمان وفريقه في المرحلة التالية إلى توسيع نطاق النموذج ليتمكن من أداء مهام تعلم أكثر تعقيدا.

ويتوقع الباحثون أن نظاما أوسع يمكنه معالجة البيانات في الوقت الحقيقي مع استهلاك جزء بسيط من طاقة شرائح الذكاء الاصطناعي الحالية.

هذه الكفاءة العالية قد تسمح قريبًا للهواتف والأجهزة القابلة للارتداء وغيرها من الأجهزة المحمولة بتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي محليا دون الحاجة إلى الاتصال الدائم بخوادم سحابية ضخمة.

وقال فريدمان: “إذا نجحت هذه التقنية، فستتيح للأجهزة الذكية أن تفكر وتتأقلم دون اتصال مستمر بالسحابة، مما يقلل من استهلاك الطاقة العالمي في مراكز البيانات.”

المصدر: مجلة Nature Communications Engineering