كتب الأستاذ حليم خاتون:
السير على نفس الدرب، واتباع نفس الأساليب في التعاطي مع الأمور لن يؤدي إلا إلى نفس النتائج...
حوالي أربعة عقود هي عمر حزب الله منذ ان بدأ بضعة شباب أتوا من رحم الاحزاب الوطنية والقومية، ورحم حركات التحرر والتحرير وقرروا قلب النتائج التي وصلت إليها المنطقة مع اجتياح لبنان سنة ٨٢ حين جلس جندي صهيوني على كرسي مكتب رئاسة جمهورية لبنان في بعبدا ووضع البوط العسكري الإسرائيلي على طاولة هذا المكتب...
أما عمر المقاومة على هذه الأرض، فهو من عمر الإنسان على أي أرض في بلاد الله الواسعة...
هل يمكن لوم حزب الله على ما على ما نعيش فيه اليوم؟
"من لم يكن منكم على خطيئة، فليرمها بحجر"، قال السيد المسيح...
منذ أحمد عرابي وعبد القادر الجزائري وجمال عبد الناصر، مرورا بالسيد عباس الموسوي، وصولا إلى السيد حسن نصرالله، لم تتوقف قافلة مقاومة هذه الأمة عن السير؛
تتعثر...، تعود وتنهض... لكنها بالتأكيد لن تتوقف...
لكن؛ وكما حاكمَ التاريخ كل حركات التحرر الماضية وفنّد مواضع الخلل في مسيراتها، علينا نحن استباق حكم التاريخ بالإشارة إلى ما يعوق مسيرة حزب الله لأن لا حزب الله إنتهى، ولا تسمح حالة الإحتقان الكبير ما قبل هبوب العواصف، ولا يسمح الوقت بانتظار تلقي ضربات أخرى دون الرد عليها وحتى استباقها وتعطيل مفاعيلها...
منطقتنا ليست إلا ساحة من ساحات الحرب الكبرى الآتية حتما بين القوى العظمى بكل التعقيدات الموجودة فيها وكل الاحتمالات...
تناول أكثر من كاتب ما حصل في حرب إسناد غزة؛ ما سبق هذه الحرب، وما تلاها...
بعيدا عن كتابات العملاء والخونة وتعليقات الإعلام المأجور والمباع، هم كاتب هذه الأسطر هو الوصول إلى تحرير هذه الامة الذي لا يمكن ان يكون إلا عبر الكفاح المسلح حصرا، واستخدام كل انواع العنف الثوري الذي لا يحق لأي سلطة احتكاره إذا لم تقم هذه السلطة بواجباتها في التصدي للإحتلال والدفاع عن مواطنيها...
أما العملاء والخونة الذين يعملون لصالح الاستعمار عبر أبواق "العربية" و"الحدث" السعوديتان، وسكاي نيوز الإماراتية، وMTV اللبنانية وغيرها من الإعلام المرئي والمسموع ومعها صفحات سوداء مكتوبة على جرائد صفراء وضعتهم ال BDS على لائحة المقاطعة؛ فهؤلاء يجب معاملتهم كما عاملت محاكم نيورنبرغ في ألمانيا النازيين والفاشيين بعد الحرب العالمية الثانية...
أوضح من عبر عن هذه النذالة العميل الخائن نديم قطيش الذي دعى أميركا وإسرائيل إلى مواصلة عملهما في غزة ولبنان "لكي الوعي" وشيطنة "فكر المقاومة"، ورردت نظريته عاهرة الرينغ ديما صادق التي استخدمت نفس العبارات وتفوقت على المرأة "البلاستيكية" الحاقدة على أولاد الله من فقراء السيد المسيح مي شدياق...
إذا...
أربعة عقود تقريبا هي عمر حزب الله؛
أدى العقد الأول إلى نتائج عظيمة مع أول انتصار سنة٩٦ حين فرضت مقاومة حزب الله تفاهم نيسان بعد مفاوضات غير مباشرة قادتها فرنسا حيث تم الاعتراف الدولي بحق حزب الله في العمل العسكري كمقاومة ومنع إسرائيل من استهداف المدنيين في أول توازن ردع بين لبنان وإسرائيل منذ تأسيس الكيان سنة ٤٨...
أنجز حزب ألله هدف التحرير الكبير سنة ٢٠٠٠ قبل أن ينهي العقد الثاني من عمره بانتصار تموز العظيم حين "هزمت قوة صغيرة من عدة آلاف من المقاتلين أقوى جيش في الشرق الأوسط مع كل ما يمتلك من سلاح بر وبحر وجو" وفق لجنة فينوغراد الإسرائيلية التي تم تأليفها لدراسة سبب الهزيمة...
صحيح ان العقد الثالث من عمر حزب الله تُوّج بانتصارات عظيمة في التحرير الثاني خلال حرب الجرود ضد قوى الظلام التابعة للامبريالية الأميركية، حيث خرج الحزب قوة إقليمية في سوريا هزمت جحافل التكفيريين من رجال القرون الوسطى المدعومين من السعودية وقطر والإمارات وتركيا ومعظم حلف الناتو؛ إلا أن هذه الانتصارات أعمت حزب الله عن رؤية حقائق كثيرة شلّت قوة الحزب ومنعته من تغيير التكتيك...
إذا بدت أخطاء حزب الله في الداخل اللبناني جانبية، سواء في مؤتمر الدوحة أو في العفو عن العملاء او في التعايش مع أحزاب الفساد والنهب والسرقة او في إهداء الانتصارات لمن يستحق ومن لا يستحق؛ فإن هذه الأخطاء تبلورت في سوريا في التعامل بخفة مع نظام بشار الأسد وحركاته البهلوانية التي انتهت في الإنحناء للسعودية والإمارات ما يدل على خفة وبؤس تحليل علمي صحيح لم ير في هذين البلدين مدى قوة الصهيونية التي كانت ولا تزال تتحكم بحكام هذين البلدين...
الحزب المعادي للصهيونية اليهودية والصهيونية المسيحية لم يعر اهتماما كافيا لقوة الصهيونية العربية والصهيونية الإسلامية...
تجاوز عمى الالوان هذا عند حزب ألله حتى وصل إلى عدم فهم موقع تركيا الحقيقي ربما بسبب العمى في رؤية الصهيونية المتغلغلة داخل صفوف بعض تيارات الإخوان المسلمين...
كما وصل هذا العمى إلى عدم رؤية مدى سيطرة الأوليغارشيا اليهودية الصهيونية في روسيا...
لا حزب الله ولا إيران فهما لعبة إردوغان الطامح إلى حلم الوحدة الطورانية مع شعوب آسيا الوسطى من أصول تركية كما في أذربيجان وتركمانستان...
لا يزال حتى قسم كبير من ابواق المقاومة يتحدث عن خلاف او صراع في سوريا بين تركيا وإسرائيل رغم ان هذين البلدين الذين يشكلان ضلعا مثلث السيطرة على المنطقة مع إيران هما تابعين بالكامل للولايات المتحدة الأميركية...
نجح الاستعمار في كف يد إيران عن منطقة الشرق الأدنى عبر التواجد على الأرض إلى جانب تركيا وإسرائيل مع وجود روسي ضئيل لا يستطيع فعل الكثير بعد أن اخترق التحالف الأميركي التركي الإسرائيلي منطقة آسيا الوسطى عبر أذربيجان...
إيران التي أُكلت يوم أُكل الثور الابيض لأنها لم تدخل الحرب الى جانب حزب الله يوم جاء كل الناتو لمحاربة غزة وحزب الله، دخلت اليوم مرحلة الخطر الشديد...
الأوهام حول مكان تحت شمس الامبريالية الذي لا يزال يتحكم بعقول الكثيرين في القيادة الإيرانية سوف يؤدي إلى سقوط النظام في الضربة القادمة الآتية حتما...
هدف أميركا وتركيا القادم هو السيطرة على وسط آسيا بشكل كامل من حيث يمكن ضرب روسيا والصين وإيران...
خطة قاسم سليماني في تطويق إسرائيل بزنار نار من المقاومات انقلب لتصبح إسرائيل الموجودة في سوريا والعراق وجورجيا واذربيجان وحتى في كازاخستان هي من يحارب إيران...
صبر حزب الله واكتفى بأقل ما يمكن من حرب الإسناد فجاءت الضربة الأميركية على رأسه ورؤوس من خلفوه...
صبرت إيران واكتفت بأقل ما يمكن خلال الحرب على غزة وبعدها الحرب على حزب الله؛ فتلقت ضربات قوية جدا من أميركا والناتو وإسرائيل...
حماس المغلوبة على أمرها بين تيارين، تيار طوفان الأقصى، وتيار خالد مشعل وإردوغان عليها خلع الكلاب من صفوفها حتى لو بقيت وحيدة في الساحة... على الأقل تربح حماس نفسها...
الصورة واضحة وضوح الشمس رغم الظلام الدامس...
هل تعلمت إيران الدرس؟
هل تعلم حزب الله؟
المقاومة في لبنان وفي غزة وإيران يمتلكون مفاتيح استقرار العالم...
إسرائيل فعلا أوهن من بيت العنكبوت، والدليل انها سقطت في السابع من أكتوبر ولم تقم لها قائمة رغم كل الجبروت الذي تلقته في الأيام الأولى من أميركا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا...
يبقى النمر الأميركي الذي زمجر ليؤكد أنه ليس من ورق...
المطلوب فقط أن يزأر الأسد الإيراني حتى تنهار أسطورة أميركا التي هربت من فيتنام والعراق وافغانستان وعلى وشك الهروب من تايوان...
على إيران إفهام العالم كله،
وإفهام حليفيها روسيا والصين إنه إما أن نعيش كلنا بكرامة وإلا فإلى الجحيم مع كل هذا النظام الإقتصادي الدولي، ويضحك أكثر من لا يخسر كثيرا لأنه بالأساس لم يُسمح له أن يملك الكثير...
في النهاية:
أميركا ليست قدرا، وعلى إيران وحزب الله مهمة تحرير العالم...