كشفت دراسة طبية حديثة عُرضت خلال الاجتماع العلمي للجمعية الأمريكية للقلب (AHA Scientific Sessions 2025)، الذي عُقد بين 7 و10 نوفمبر في نيو أورلينز، أن الاستخدام الطويل لمكملات الميلاتونين — الهرمون الذي يساعد على تنظيم النوم — قد يرتبط بزيادة خطر الإصابة بفشل القلب، ودخول المستشفى، والوفاة لدى مرضى الأرق المزمن.
ما هو الميلاتونين؟
الميلاتونين هو هرمون طبيعي تُنتجه الغدة الصنوبرية في الدماغ، وتزداد مستوياته في الظلام لتنظيم دورة النوم والاستيقاظ.
تتوفر النسخ الصناعية من الميلاتونين كمكملات غذائية في كثير من الدول، وغالبا ما تُباع من دون وصفة طبية، خصوصا في الولايات المتحدة.
لكن الباحثين يشيرون إلى أن نقاء وتركيز هذه المكملات قد يختلف بين العلامات التجارية، نظرًا لعدم خضوعها للرقابة الصيدلانية الصارمة.
تفاصيل الدراسة ومنهجيتها
قام الباحثون بتحليل بيانات أكثر من 130,000 مريض بالغ مصاب بالأرق المزمن، باستخدام قاعدة البيانات الدولية TriNetX Global Research Network التي تضم سجلات طبية إلكترونية من عدة دول.
شملت الدراسة 65,414 شخصا استخدموا الميلاتونين لأكثر من عام.
تمت مقارنة حالتهم مع مجموعة من المرضى المصابين بالأرق لكنهم لم يستخدموا الميلاتونين إطلاقا، مع مطابقة المجموعتين من حيث العمر، الجنس، الأمراض المزمنة، وضغط الدم ومؤشر كتلة الجسم.
استُبعد الأشخاص الذين سبق تشخيصهم بفشل القلب أو استخدموا أدوية منومة أخرى مثل البنزوديازيبينات.
النتائج الرئيسة
خلال فترة متابعة استمرت خمس سنوات، وُجد أن الأشخاص الذين استخدموا الميلاتونين لمدة عام أو أكثر كان لديهم خطر أعلى بنسبة 90% للإصابة بفشل القلب الجديد مقارنة بغير المستخدمين (4.6% مقابل 2.7%).
المرضى الذين استخدموا الميلاتونين في وصفتين طبيتين متباعدتين بـ90 يوما على الأقل كانوا أكثر عرضة بنسبة 82% للإصابة بفشل القلب.
كما كان مستخدمو الميلاتونين أكثر عرضة بـ 3.5 مرات لدخول المستشفى بسبب فشل القلب مقارنة بغير المستخدمين (19% مقابل 6.6%).
وارتفع خطر الوفاة لأي سبب بنحو الضعف تقريبا لدى مجموعة الميلاتونين (7.8% مقابل 4.3%).
تعليقات الخبراء
قال الدكتور إيكنيديليتشوكو ننادي، المؤلف الرئيسي للدراسة ورئيس أطباء الباطنة في مركز SUNY Downstate بنيويورك: "النتائج تُظهر أن مكملات الميلاتونين قد لا تكون آمنة كما يعتقد الكثيرون. إذا تأكدت هذه النتائج في دراسات لاحقة، فقد تغيّر طريقة الأطباء في وصف علاجات النوم."
وأضافت الدكتورة ماري بيير سانت أونج (Marie-Pierre St-Onge)، رئيسة لجنة كتابة بيان النوم الصحي الصادر عن الجمعية الأمريكية للقلب: "من المفاجئ أن يُستخدم الميلاتونين لأكثر من عام في حالات الأرق، إذ إنه غير معتمد كعلاج طويل الأمد. على المرضى أن يدركوا أنه ليس دواءً سحريا للنوم، ولا يُنصح بتناوله بشكل مزمن من دون إشراف طبي."
قيود الدراسة
أشار الباحثون إلى عدة عوامل قد تؤثر في النتائج، منها:
أن بعض المشاركين ربما استخدموا الميلاتونين من دون وصفة طبية، ما يعني أن بياناتهم لم تُسجل في السجلات الطبية.
تفاوت الأنظمة الصحية بين الدول المشاركة (مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة).
نقص المعلومات حول شدة الأرق أو الاضطرابات النفسية المصاحبة كالاكتئاب والقلق، والتي قد تؤثر في صحة القلب أيضا.
وأكد ننادي أن الدراسة ترصد علاقة ارتباط وليس سببية مباشرة مضيفا: "نحتاج إلى دراسات سريرية مخصصة لتحديد ما إذا كان الميلاتونين بحد ذاته يسبب زيادة خطر فشل القلب، أم أن هناك عوامل أخرى خفية تفسر هذه العلاقة."
ما الذي يعنيه هذا للمستهلكين؟
تشير النتائج إلى ضرورة الحذر في استخدام مكملات الميلاتونين لفترات طويلة دون استشارة الطبيب.
يُفضل أن تُستخدم هذه المكملات فقط لفترات قصيرة أو لعلاج اضطرابات محددة مثل اضطراب الرحلات الجوية الطويلة (jet lag)، وليس كوسيلة دائمة للنوم.