طوّر باحثون في إسبانيا بروتينات اصطناعية قادرة على نقل وتخزين الكهرباء، مما يمهّد الطريق لابتكار جيل جديد من المواد الموصلة الآمنة حيويا والقابلة للاستخدام في الأجهزة الطبية المزروعة داخل جسم الإنسان .
وأشار الفريق البحثي إلى أن هذه المواد تتميز بثباتها العالي وسهولة معالجتها صناعيا، مما يجعلها قابلة للإدماج في العمليات الصناعية المتقدمة. وتكمن أهمية هذا الابتكار في استبدال المواد التقليدية الخطرة المستخدمة حاليا في البطاريات والمكثفات الفائقة بمواد آمنة ومستدامة بيئيا.
تم تطوير هذه البروتينات في مركز CIC biomaGUNE الإسباني، بالتعاون مع شركاء من BCMaterials وCIC energiGUNE.
اللبنات الأساسية لمستقبل الطاقة الحيوية
تُستخدم المواد الموصلة الحيوية لدمج الإلكترونيات مع جسم الإنسان بشكل آمن وفعّال، لكن المكونات الإلكترونية الحالية، المصنوعة من معادن مثل التيتانيوم والسيليكون الصلب، تمثل تحديا كبيرا عند زراعتها داخل الجسم بسبب صلابتها مقارنةً بنعومة أنسجة الدماغ أو القلب، هذا التباين يؤدي غالبا إلى تهيّج الأنسجة وتلفها وفشل الأجهزة المزروعة.
أما البروتينات الموصلة الجديدة، فتمتاز بالتوافق الحيوي وعدم السمية، مما يجعلها بديلا واعدا في المجال الطبي.
استخدم العلماء نهجا تصميميا معياريا لتكوين البروتينات، بحيث تتكون من وحدات جزيئية صغيرة تتجمع مثل قطع LEGO لتشكيل بنية مستقرة ومنظمة. هذا النهج يتيح تخصيص خصائص معينة مثل التوصيل الأيوني الفعّال دون المساس بالاستقرار البنيوي للمادة.
ولمنح البروتين القدرة على توصيل الكهرباء بكفاءة، أجرى الباحثون تعديلات جينية دقيقة على الحمض النووي المسؤول عن إنتاج البروتين، هذا التغيير في الشيفرة الوراثية مكّنهم من إعادة هندسة البروتين ليصبح ناقلا فعالا للشحنات الكهربائية.
وأوضح الفريق أن التعديلات ساعدت على تحسين حركة الأيونات داخل المادة، مما جعل البروتينات قابلة للدمج في أنظمة لتخزين الطاقة تعمل على تخزين وإطلاق الطاقة بسرعة وكفاءة عالية.
نحو أجهزة طبية أكثر أمانا وذكاءً
تُعد السلامة الحيوية العالية لهذه البروتينات عاملا حاسما في إمكانية استخدامها لتطوير الجيل القادم من الأجهزة الطبية المزروعة، مثل منظمات ضربات القلب، وأجهزة قياس الجلوكوز المزروعة، وأقطاب الدماغ لعلاج أمراض عصبية كمرض باركنسون.
ويشير هذا الإنجاز إلى مستقبل يمكن فيه تخزين الطاقة داخل مواد قابلة للتحلل وآمنة بيئيا، لتشغيل الإلكترونيات اليومية مثل الهواتف وأجهزة تتبع اللياقة البدنية، في إطار ثورة خضراء صديقة للإنسان والبيئة على حد سواء.