تفتح سوريا اليوم صفحةً جديدةً من تاريخها بعد عقودٍ من الاستبداد والانقسام والحروب. ومع انتقال السلطة إلى مرحلةٍ انتقالية، يبرز واجبٌ وطنيّ عاجل يتمثل في بناء الثقة وإطلاق الحوار والمصالحة من أجل وطنٍ يتّسع لجميع أبنائه دون استثناء أو تمييز، ويعيد للسوريين شعورهم بالانتماء المشترك والمسؤولية الوطنية الجامعة.
إنّ سوريا الجديدة التي نحلم بها هي دولةٌ مدنيةٌ لا مركزية تحترم خصوصيات الأقاليم وتضمن العدالة والمواطنة والمشاركة، وتُدار بالكفاءة والعلم لا بالولاء والعصبية. وهي دولةٌ تُعيد الاعتبار للإنسان السوري وتضع كرامته وأمنه وحقوقه في صميم مشروعها الوطني، وتفتح أمام الأجيال القادمة آفاقا من الأمل والعمل والعدالة.
وتقوم أولى خطوات البناء على إنشاء جيشٍ وطنيٍّ موحّد يضم جميع المكونات دون تمييز، وشرطةٍ وطنيةٍ تعمل لخدمة المواطن وحماية القانون، فهما ضمانة وحدة الوطن واستقراره.
كما تحتاج سوريا إلى مصالحةٍ وطنيةٍ شاملة تعيد اللحمة بين مكوناتها — عربا وكردا ودروزا وعلويين ومسيحيين — وتستند إلى العدالة التصالحية وردّ الحقوق وبناء الثقة المتبادلة. فالمستقبل السوري لا يمكن أن يقوم على الإقصاء أو الانتقام، بل على الشراكة الصادقة والاعتراف المتبادل والتطلع إلى مستقبلٍ آمنٍ ومستقرّ لجميع أبنائه.
تمدّ سوريا الجديدة يدها إلى جميع الأشقاء العرب والأصدقاء في العالم.
• المملكة العربية السعودية مدعوة لتكون الشريك الأول في إعادة الإعمار ودعم التنمية والاستقرار.
• تركيا، بحكم الجوار والتاريخ المشترك، مدعوة إلى فتح صفحةٍ جديدةٍ من العلاقات تقوم على الاحترام المتبادل وحسن الجوار. إنّ تجاوز النظرة العدائية المسبقة تجاه المكوّن الكردي في سوريا يُعدّ خطوةً أساسيةً لبناء الثقة وتعزيز التفاهم بين شعوب المنطقة، فالأكراد جزءٌ أصيلٌ من النسيج الوطني السوري، وأي علاقة مستقبلية يجب أن تقوم على الاعتراف بهذه الحقيقة ودعم مسار الاستقرار والمصالحة الوطنية.
• كما تبقى الإمارات والأردن ومصر شركاء طبيعيين في دعم وحدة سوريا واستقلال قرارها.
وفي الإطار الدولي، تسعى سوريا إلى شراكاتٍ متوازنة تحفظ سيادتها وتخدم تنميتها مع الولايات المتحدة وروسيا والصين وإيران وسائر القوى الدولية، على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وبما يضمن أمن المنطقة واستقرارها المشترك. كما تأمل سوريا في انفتاحٍ دوليٍّ جديد يقوم على التعاون الإنساني والتنموي، لا على الصراع والمصالح الضيقة.
إنّ الإنسان السوري هو جوهر المشروع الوطني. فكرامته وحريته وحقه في التعليم والعمل هي أساس النهوض.
لقد انتهت مرحلة الانقسام والوصاية، وحان وقت البناء المشترك.
فلنمدّ الأيدي إلى بعضنا وإلى العالم بعقلٍ منفتحٍ وإرادةٍ صادقة، كي نعيد لسوريا مكانتها بين الأمم .