ماذا ينقص في كتاب حزب الله المفتوح؟
مقالات
ماذا ينقص في كتاب حزب الله المفتوح؟
حليم خاتون
9 تشرين الثاني 2025 , 22:07 م

كتب الأستاذ حليم خاتون:

يمكن القول باختصار شديد إن التوقيع الإيراني على هذا الكتاب المفتوح كان على نفس الالتباس الذي عودتنا عليه طهران...

مرة أخرى، تعرضنا للخداع!

لا يعرف المرء؛ هل سوف تدخل إيران الحرب حين تنفجر الأوضاع، أم سوف تلجأ طهران إلى نفس الصبر العقيم الذي أدى إلى التهلكة خلال حرب الإسناد...

"راحت السكرة؛ وجاءت الفكرة"، يقول المثل في بلاد الشام...

هل تملكتنا الحماسة لرؤية موقف قوي من قبل حزب الله، فأعطينا الكتاب المفتوح أكثر مما يستحق؟

ام ترانا كما العبقري الأستاذ خالد الحاج نرى فيه تصعيد كلامي ردا على تصعيد العدو الناري الذي دمر كامل بلدات الحافة الأمامية دون دفع اي ثمن على الإطلاق؟

يبدو الآن واضحا أن الكتاب المفتوح الذي وجهته قيادة حزب الله إلى الرؤساء الثلاثة والى الشعب اللبناني لم يحمل اية نية لقلب الطاولة...

مستوى هذا الكتاب جاء في الحقيقة أقل بكثير من آمال الناس ومن أمنيات المقاومين الى درجة يمكن فيها اتهام هذا الكتاب المفتوح بلعب دور المخدر لإنامة روح المقاومة العامرة في الصدور، ومنعها من الانتفاض على كل الواقع المزري الذي نعيش فيه منذ ان تنازلنا في ٢٧ نوفمبر ثم كرت السبحة الى ان وافقنا على تسليم البلد بالكامل لزمرة من عملاء ال CIA يقف على رأسهم جوكر، ومعه يوضاس الآتي من مراكز البيروقراطية الدولية التي كانت دوما مرتعا للصهيونية العالمية بكل فروعها اليهودية والمسيحية والإسلامية!

هنيئا لنا بنواف بك سلام، سليل بائع سهل حولة...

نصرخ بين الحين والآخر، ويخرج الأستاذ علي برو "يفش خلقنا"، قبل أن نعود إلى نفس الرتابة في تلقي الصفعات على خدنا الأيمن ومن ثم إدارة خدنا الأيسر كما يجري في تعاليم النعاج...

يردد بعض أبواق المقاومة إن هذه المقاومة ليست مبرمجة لما يطلبه المستمعون!!...

أي أن هذه المقاومة تملك استراتيجية وتكتيكا قد لا يجيب على آمال الناس الآنية...

يتجاهل هذا البعض إن المقاومة التي لا تتواءم ولا تمشي مع ما يطلبه المستمعون تفقد مبرر وجودها، خاصة حين نرى ونسمع كيف سلمت المقاومة كل عدة الدفاع جنوبي النهر دون ان تذرف لها دمعة...

في كل الأحوال، هذه ليست إشاعة..

لم تنف المقاومة، ولا تنفي...

المقاومة التي لا تكون أمام الناس في تطلعاتهم تموت رويدا رويدا حتى لو سمح لها النظام الطائفي المذهبي بعض الوقت قبل السقوط في مزبلة التاريخ...

هل لا يزال محور المقاومة يؤمن بإمكانية النصر بالنقاط بعدما تراكمت التنازلات حتى صرنا نتعرض للغارات المستمرة التي سوف تحقق لأميركا النصر بالنقاط؛ بينما لا نزال نصرّ نحن على نفس نهج الصبر الاستراتيجي القاتل للهمم والعزائم...

يتحدى بعض دعاة نصرة المقاومة إسرائيل واميركا بالقول إن الغارات الجوية لا تحقق نصرا حاسما إلا بعد التقدم والسيطرة البرية...

يذهب هذا البعض إلى حد تصوير استباحة إسرائيل وأميركا لكل أطراف محور المقاومة على أنه مأزق لا تعرف اسرائيل كيفية الخروج منه!!!...

كيف، ولماذا يكون هذا الوضع مأزقا لمحور الشر الأميركي هو أمر يحتاج إلى تفسير لا يستطيع الا ربك وابواق المقاومة معرفته!...

يقولون ان أي عمل عسكري لا يؤدي إلى نتائج سياسية يبقى خارج التاريخ وكأن النتائج السياسية يجب أن تكون تلقائية ولا تحدث بالمراحل وتتحقق بالنقاط أيضا...

باختصار، إن ما تفعله إسرائيل هو عين العقل من وجهة نظر أسياد توراة نتنياهو...

هي تأخذ كل شيء دون أن تتعرض حتى لرصاصة واحدة بفضل خنزير لم يقاتل؛ ثم سلم دمشق ورحل، وغبي لم ير إمكانية سفاح القربى الذي كان يحصل بين روسيا وتركيا من جهة واسرائيل من جهة ثانية...

ينسى البعض أن قيادة المقاومة هي أول من تحدث عن النصر بالنقاط!!

الضربات الجوية تقتل وتدمر وسوف تؤدي حتما إلى نتائج على الأرض إذا ما ظلت المقاومة تضع يدها على خدها تنتظر عودة المسيح والمهدي ليقاتلا عنها، ويحل العدل والسلام على الكوكب...

يظهر ان الإيجابية الوحيدة لكتاب حزب الله المفتوح ربما تكون فقط في الأمل الأولي المبدئي الذي خلقته عند الناس؛ لأن كل بيئة المقاومة لم تعد تفهم ولا تريد أن تفهم لماذا نحرص نحن على الاستقرار في النظام العالمي ولا نقوم بالرد...

الذي يقول إن المقاومة واقعية وتتصرف بناء على ميزان قوة في غير صالحها هو إما جاهل بالتاريخ والجغرافيا، وإما جاهل بالطبيعة البشرية...

لا الفيتكونغ كانوا أقوى من أميركا؛ ولا الحزب الشيوعي الصيني كان أقوى من الاستعمار الغربي الذي كان مهيمنا على الصين ويحتل جزءا كبيرا من أراضيها؛ ولا كان كاسترو وغيفارا أقوى من الامبريالية الأميركية ونظام باتيستا في هافانا...

مرة أخرى ربما علينا شكر عبقرية الأستاذ خالد الحاج الذي يضعنا أمام أمرين:

إما الموت قبل استسلام،

أو الموت بعد الاستسلام...

تحول خالد الحاج إلى جنرال عسكري يقول اننا غير قادرين على الحرب؛ لذلك علينا الذهاب إلى المفاوضات لتقديم فروض الطاعة لأميركا وإسرائيل...

نواف سلام الذي هندس ١٧ أيار ٨٣ موجود...

وها هو جوزيف عون يخرج لنا أرنب بول سالم من القبعة...

هكذا تكتمل الصورة عند خالد الحاج!!

أمثال خالد الحاج لا يرون أن هناك شيئا اسمه الموت بكرامة لتحيا الأمة...

خالد الحاج لم ير في كل طوفان الأقصى الا استسلاما بعد عشرات آلاف الشهداء...

هو عمى الألوان الذي لا يرى العالم الا من "بخش" قفا الأميركي...

خالد الحاج يرى المقاومة هرطقة وكل همه إثبات هزيمة العالم الشيعي الذي لم يستطع عمل شيء بعد هزيمة العالم السُنّي...

هي عبقرية الاستراتيجيا، او استراتيجية العبقرية!!!

كان ينقصنا نديم قطيش او ديما صادق عند السُنّة اللبنانيين فجاءت المقابلة مع الخبير في الشؤون الإيرانية خالد الحاج...

لكن مهلا؛

اخيرا خرج أحدهم في معسكر حزب الله يحدثنا أن المقاومة رممت قدراتها الدفاعية... وليس الهجومية!..

اوه كم نحن سُذّج...

شكرا على هذه الإضاءة المظلمة!!!

هل يضاف هذا إلى فلسفة تبرير ما حصل خلال حرب الإسناد؛ ثم بعد بطولات حرب ال ٦٦ يوما...

لأن ما قمنا بتسليمه من صواريخ ومقذوفات زادت على عشرة آلاف بينها ألفي صاروخ كورنيت هي أيها الإخوة والرفاق أكبر بكثير مما تحتاجه أي مقاومة للقيام بحرب عصابات دفاعية!...

أم ترانا تحولنا إلى حزب دعم مهرجان التسوق مع الشيخ نعيم حتى لو كان هذا لدعم عوائل الشهداء والجرحى وأهل الأرض..؟

نريد مصارحة كاملة من المقاومة مع جماهيرها...

قد يصبر المرء شهرا، شهرين... أشهرا يتعرض فيها للقصف والقتل والدمار بانتظار تفسير بسيط جدا عن سبب عقد اتفاق ٢٧ نوفمبر والمباشرة بالتطبيق من جانب واحد فقط بعد دك تل أبيب بعشرات الصواريخ و٦٦ يوما من البطولات العجائبية..!

لكن الصبر حتى متى؟

حتى مزيد من التنازلات!؟

ثم تخرج علينا بعض الأبواق تتحدث عن خذلان محور المقاومة في الحليفين الروسي والصيني...

لسنا نحن من تحدث عن ابو علي بوتين ووضع آمالا في غير مكانها...

لسنا نحن من كان يغطي تفضيل الصين التجارة والاقتصاد مع إسرائيل على التعامل ليس مع العرب، فهؤلاء "طلعت رائحة النتانة عندهم منذ زمن طويل... ولكن التعامل مع محور المقاومة بعدما ظهر من نتانة حكام العراق المحسوبين على المحور...

لا يختلف تسلم جماعة المحور السلطة في العراق عما قام به جماعة المحور حين كان لهم وزن في السلطة اللبنانية فأفرغوا كلمات اقتصاد المقاومة او روح المقاومة من مضامينها...

حتى أنصار الله الذين تبوؤا العرش في قلوب الناس لم يستطيعوا خرق الستاتيكو العالمي لأن مشيئة بكين وموسكو وطهران هي علاقة حب غير طاهر تقترب من سفاح القربى مع الرياض وأبو ظبي...

الآن، يخرج علينا الأستاذ خليل نصرالله يخبرنا بغضب أنصار الله من التعاون الاستخباري بين الرياض وتل أبيب!!!

صح النوم!!!

يل اخي، والله "قرّفتونا"...

بلا كتاب مفتوح بلا على القلب...

إما ان تكونوا مقاومة او "حلّو عن ظهرنا"...

الأمة التي أنجبت مقاومين لا زالت ولاّدة...

لكن المقاومة لكي تنجح، عليها اعتماد العنف الثوري الذي يضرب في كل مكان من الكلب الجولاني، إلى إبن سلمان المنشار، إلى إبن زايد الجزار، إلى اوكار الاميركيين في كل بقعة من أرض العرب والشرق والغرب... وصولا إلى تدمير النظام العالمي على رؤوس الجميع...

الغريب ان ترامب هو من يلعب دور المجنون بينما يحاول أغبياء محور المقاومة تهدئة اللعبة!!!

حليم خاتون