طوّر علماء من كلية الطب بجامعة إيست أنجليا (University of East Anglia) في المملكة المتحدة أول اختبار دم يُظهر أن متلازمة التعب المزمن (CFS) أو الميالجيك إنسيفالوميليت) ليست مجرد حالة نفسية أو غامضة كما كان يُعتقد سابقا، بل لها أسباب بيولوجية واضحة يمكن قياسها.
نُشرت نتائج الدراسة في مجلة Journal of Translational Medicine، وأكد الباحثون أن الاختبار الجديد يتمتع بدقة تصل إلى نحو 98% في تمييز المصابين من الأصحاء.
ما هي متلازمة التعب المزمن؟
تُعد متلازمة التعب المزمن اضطرابا منهكا يتميّز بإرهاق شديد لا يزول حتى بعد الراحة، وقد يؤدي إلى تدهور الحالة الصحية لدرجة الإعاقة.
غالبا ما يصعب تشخيص المرض، لعدم وجود اختبار موضوعي سابق يمكن الاعتماد عليه، مما يجعل ملايين المرضى حول العالم يعانون دون تشخيص دقيق.
كيف يعمل التحليل الجديد؟
قام العلماء بتحليل عينات دم مأخوذة من 47 مريضا يعانون من الحالة، ومقارنتها بعينات من 61 شخصا سليما.
وباستخدام منصة متطورة تُعرف باسم EpiSwitch، تمت دراسة التغيرات في بنية الحمض النووي (DNA) داخل خلايا الدم.
لم يركّز الباحثون على الجينات نفسها، لأن المتلازمة ليست وراثية، بل على العلامات اللاجينية (Epigenetic markers) التي تتغيّر مع مرور الزمن والعوامل البيئية.
اختلافات جينية مميزة لدى المصابين
توصل الفريق إلى اكتشاف نمط جينومي فريد يميز المصابين بمتلازمة التعب المزمن عن الأصحاء، حيث ظهرت اختلافات في خمس مناطق من أصل ثماني مناطق جينية سبق ربطها بالمرض.
بلغت دقة الاختبار في تحديد الإصابة 92%، ودقته في استبعاد المرض 98%، وهو ما يجعله من أكثر الأدوات التشخيصية موثوقية في هذا المجال حتى الآن.
دلائل على الالتهاب ومسارات علاج جديدة
إضافةً إلى ذلك، رصد الباحثون مؤشرات التهابية واضحة في الدم يمكن أن تُستخدم مستقبلا كأهداف للعلاج الموجّه أو لتقييم فعالية الأدوية.
ويأمل العلماء أن يساعد هذا الاكتشاف على تطوير علاجات شخصية تُناسب خصائص كل مريض على حدة.
تطبيقات مستقبلية: نحو تشخيص "كوفيد طويل الأمد"
يرى الباحثون أن هذا التحليل قد يفتح الطريق أيضا لتطوير اختبار مماثل لتشخيص "كوفيد طويل الأمد (Long COVID)"، الذي يُعتبر أحد أشكال التعب المزمن الناتجة عن العدوى الفيروسية، مما قد يُحدث نقلة نوعية في تشخيص أمراض ما بعد الفيروسات.
تصريحات العلماء
قالت إيليا نيكيتينا (Ilia Nikitina)، مؤلفة التقرير العلمي، إن هذا الاكتشاف "يمنح الأمل لملايين الأشخاص الذين عانوا لسنوات من سوء التشخيص أو التجاهل الطبي"، مؤكدة أن هذا التحليل يمثل الخطوة الأولى نحو فهم أعمق لأسباب المرض وعلاجه.