التيار الإصلاحي والرهان المستحيل لتجنب الحرب!
مقالات
التيار الإصلاحي والرهان المستحيل لتجنب الحرب!
حليم خاتون
14 تشرين الثاني 2025 , 13:27 م


كتب الأستاذ حليم خاتون:

جوزيف عون ونواف سلام رمزان لسلطة الاحتلال الأميركي الجاثم على صدور الأحرار في لبنان...

الأول ينفذ الأوامر الأميركية بتعيينات بدأت في المصرف المركزي مع عميل ال CIA كريم سعيِّد...

والثاني يعمل من خلال الحكومة على محاصرة كل من يساند فلسطين أو المقاومة...

من هو كريم سعيّد؟

هو صاحب مشروع نزع السلاح من الحدود مع فلسطين المحتلة حتى الدامور جنوب بيروت، تماما كما يجري الأمر في سوريا حتى جنوب دمشق تمهيدا لدخول القوات الإسرائيلية متى ما رأت الولايات المتحدة الأمريكية الظرف مناسبا... نفس المشروع على يد كريم سعيّد في لبنان، والجولاني في سوريا...

استدعت الولايات المتحدة الأميركية أبو محمد الجولاني ورفعت إسمه عن قوائم الإرهاب وكلفته تحريك جماعاته في مخيمات اللجوء الفلسطيني ومخيمات النزوح السوري وأوكار التكفير والسلفية في الشمال وبيروت وصيدا والبقاع ضد من تعتبرهم أميركا إرهابيين في لبنان...

اما كريم سعيّد، فهو يعمل ليل نهار على منع وصول اية أموال لضحايا الاجرام الأميركي جراء الحرب وجراء الاعتداءات منذ وقف النار من جانب واحد نتيجة غباء محور المقاومة...

جوزيف عون يركض لإعادة بول سالم شريك نواف سلام في اتفاقية ١٧ أيار ٨٣ إلى حياة التفاوض لتنفيذ الفرمانات الأميركية بسمع وطاعة مع الكثير من الدونية أمام إسرائيل...

من عضوية اليسار الديماغوجي وحركة فتح شبه الإخوانية إلى المؤسسات الدولية التي لا يصل إليها إلا عملاء أميركا والغرب واسرائيل خرج علينا نواف سلام يريد استعادة قرار الحرب والسلم...

نواف سلام يعرف ان هذا القرار ليس مع حزب الله؛

هو يعرف جيدا ان السلطة في لبنان أعجز من امتلاك هكذا قرار؛ كما يعرف أكثر، أن هذا القرار بيد أميركا التي تعمل بالنار الإسرائيلية على إحكام السيطرة على لبنان بعدما قدم لها إردوغان كامل الدولة السورية على طبق من فضة!

قبل سقوط الدولة السورية، لجأت أميركا إلى وقف للنار كان من المفروض العمل من خلاله على إحكام السيطرة على لبنان خطوة خطوة مع نجيب ميقاتي بسبب وجود جسم قوي لحزب الله...

بعد سقوط الدولة السورية، لم تعد استراتيجية الخطوة خطوة كافية...

قررت أميركا فرض السيطرة الكاملة على لبنان بخطى متسارعة...

أوعزت أميركا إلى السعودية بجلب نواف سلام فورا لأنه الأكثر قذارة، والأكثر قدرة على خدمة الاستعمار الأميركي حتى لو أدت الأمور إلى انشقاق الجيش وعودة الحرب الأهلية التي يجري بسرعة، وعلى مدار الساعة، إعداد أحزاب اليمين المسيحي الفاشية للعودة إليها، لكن مع تحالف درزي سُنّي تكفلت السعودية بتأمين كل مستلزماته هذه المرة...

ثم يخرج عليك بعض أبواق المقاومة من اصحاب الرؤوس المربعة، يحدثك عن حلف سعودي إيراني في وجه إسرائيل!!!

هي ثقافة الدوحة التي بدل تصحيح الطائف نحو إقامة دولة عادلة وقوية، كرست دولة المزارع الطائفية والتبعية للإستعمار ولعب دور السمسار بين الغرب والعرب رغم التحولات الدولية التي ألغت هذا الدور نهائيا...

من يمكن أن يواجه النار الإسرائيلية؟

السلطة اللبنانية ليست فقط عاجزة؛ السلطة اللبنانية التابعة لكونسورتيوم أميركي سعودي إماراتي متواطئة إلى أبعد الحدود...

السلطة اللبنانية تريد، وهي تلعب فعلا دور وكيل الاحتلال...

هي لا تخفي هذا الدور الحقير...

هي ترفض أن يتولى الشعب الدفاع عن نفسه تحت ذريعة حصر السلاح بيد السلطة التي يمنعها الأميركي من تملك اي سلاح قد يقف يوما في وجه إسرائيل؛ لذلك قام جيش هذه السلطة العميلة بتدمير كل ما كان يتسلمه من المقاومة...

حزب الله الذي أمّن ردعا استراتيجيا لمدة أكثر من عقدين من الزمن تمتع أثناءها لبنان عامة، والجنوب والبقاع بصورة خاصة، بمظلة كرامة وعزة قل نظيرها في التاريخ العربي الحديث؛ ربما باستثناء حقبة تأميم قناة السويس وبناء السد العالي في أوائل الحقبة الناصرية من تاريخ مصر المعاصر...

لكن الحزب اختصر الأمر هذه المرة حين أعلن استعادة (عافيته الدفاعية!!) معلنا بشكل غير مباشر إنه لن يقوم بأي رد على الحرب التي تشنها إسرائيل عليه يوميا بحجة أن هذه مسؤولية السلطة الحاكمة رغم علمه بعجزها وتبعيتها الكاملة للاستعمار الأميركي...

رغم بعض التحليلات التي تتحدث عن الرد الآتي حتما بعد تفاقم الأمور، لا يرى المرء لهجة تحدي كما كان الحال مع السيد حسن نصرالله بالنسبة لأمن المستوطنات...

بدل ذلك، تبنى الشيخ نعيم كفالة أمن المستوطنات عبر كفالة السلطة اللبنانية التي لا ينفك يعلن عن وقوفه خلفها...

ألم يكن هذا أحد شروط المبادرة المصرية اللعينة...

لماذا يقدم حزب الله هذه الضمانة دون مقابل؟

مرة أخرى، هذا غباء محور المقاومة الذي لا يتوقف!

بعض أبواق المقاومة لا يريد أن يرى مدى انخراط النظام المصري إلى جانب محور الشر الأميركي، رغم الفضائح حول دور ٦٣ دولة في الابادة ضد الفلسطينيين بينهم عدة دول عربية على رأسها مصر والسعودية والإمارات والأردن والبحرين وحتى تركيا وقطر وفقا لبيانات المقررة الاممية (ألبانيسي)...

يتم الاشتراط على حزب الله إعلان تعهده عدم مهاجمة إسرائيل وفق المبادرة المصرية...

ها هو الشيخ نعيم يعطي هذه الضمانة للسلطة اللبنانية التي تلعب دور وكيل الاحتلال الأميركي في لبنان...

من يدافع عن هذا الشعب المسكين في الجنوب والبقاع والضاحية؟

من يتحمل المسؤولية؟

لا شك أن محور المقاومة تعرض لضربات قوية جدا...

لكننا لسنا على هذا الضعف...

لسنا أضعف من فيتنام...

لسنا أضعف من غزة...

لسنا أضعف من كلاب التكفير

الرابض على الحدود السورية يتربص بالشرفاء وينسى فلسطين السُنّية وأهلها...

صحيح أن سوريا قد سقطت!

بغض النظر عمن أسقطها...

الأتراك، الروس، الرجعية العربية في الخليج، غباء بشار الأسد ورهاناته الحقيرة...لا يهم...

المهم ان سوريا قد سقطت...

لكن نحن لا زلنا واقفين...

لا تسقطونا "بالعونطة"!!!

هل نستسلم؟

من يتحمل مسؤولية هذه الضربات القوية التي تعرض لها محور المقاومة مع انتهاء المرحلة الأولى من حرب طوفان الأقصى؟

حماس، حزب الله، العراق، سوريا أم إيران؟

صحيح ان المحور (الأميركي/ الغربي/ الرجعي العربي/ الإسرائيلي) لم يتمكن حتى اليوم من إعلان نصر واضح مبين كما حصل سنة ٨٢ مع وصول الجيش الإسرائيلي الى بيروت ودخول البوط العسكري الصهيوني مكتب الرئاسة في القصر الجمهوري في بعبدا، وخضوع منظمة التحرير الفلسطينية لكل الشروط التي حملها يومها المبعوث الأميركي، اللبناني الأصل، الصهيوني الهوى، فيليب حبيب؛ إلا أن على المحور الاعتراف بأنه تعرض لضربات غير مسبوقة انتهت باتفاق وقف لإطلاق النار يخرقه العدو يوميا، بينما يفاخر محور المقاومة بالإلتزام التام بهذا الإتفاق تحت النار وتحت القصف اليومي...

بعد نظريات الصبر الاستراتيجي وحياكة السجاد، ها نحن نُدفن تحت تراب نظرية إلقاء الحجة على العملاء؛ سلطة وأحزاب...

هل أخطأت حماس؟

يحاول البعض تحميل حركة حماس المسؤولية من ناحيتين على الأقل:

١- البدء بعملية طوفان الأقصى بشكل منفرد وعدم تنسيق الخطوة مع بقية أفرقاء محور المقاومة...

٢- عدم وجود رؤيا واضحة لهدف هذه العملية حيث تمكنت المجموعات القتالية الفلسطينية من اختراق غلاف غزة بعمق وصل إلى حوالي ٢٥ كلم بحيث لم يكن يتبقى الا ما يقرب من ٧ إلى ٨ كيلومترات قبل ربط غزة بالضفة...

إما أن السنوار لم يتوقع هذا النجاح، وإما إنه راهن على محور مقاومة دخل الحرب خطوة إلى الأمام خطوتين إلى الوراء...

لكن لوم السنوار الذي كان يغرق كل يوم أكثر بينما يرى بأم العين تخلي الأمتين العربية والإسلامية ذات الأغلبية السُنّية عن فلسطين وأهل فلسطين، لا يجوز...

رأى الجحافل تتدافع "للجهاد!" في أفغانستان ضد السوفيات، ثم في الجزائر مع العشرية السوداء، ثم في "الربيع العربي!" في وجه واقع سايكس بيكو...

أعتقد السنوار أن هذه الجحافل سوف تتدافع إلى أرض الإسراء والمعراج ليتبين له أن كل هؤلاء الهمج الآتين من القرون الوسطى يرقدون تحت قيادات خرجت من تحت عباءة المخابرات المركزية الأميركية وجامعة تل أبيب الإسلامية وبندر بن سلطان؛ لذلك، حين آن الأوان تم إلغاء كل القرارات الدولية والملاحقات الأممية وتعيين الجولاني بطلا لمكافحة الإرهاب بإجماع أميركي /روسي/ غربي، وامتناع الصين عن التصويت!!!

بين الملاعين الروس والتجار الصينيين والخيانات العربية لا يبقى سوى إرادة الأحرار...

قد تكون حماس أخطأت في أمور ما...

لكن من العار محاكمة فلسطين المُغتصَبَة بينما يتكالب العرب والمسلمون مع القواد المغتصِب...

العراق خرج باكرا من النزال...

أحفاد من خذل الحسين في كربلاء عادوا وخذلوا شرفاء الأمة من المقاومين مرة جديدة...

حزب الله كان أكثر أطراف المحور حماسة...

لكن الأساطيل الأميركية التي وصلت إلى كل البحار المحيطة بالمنطقة جعلت تدخل حزب الله مرهونا بوجوب دخول إيران وسوريا الحرب...

هنا وقعت الواقعة...

الأسد جبان تابع لروسيا التي ترفض تهديد إسرائيل...

التيار الاصلاحي في إيران الذي مثله جواد ظريف لم يتعلم مما حصل بعد الاتفاق النووي ...

الرئيس الإيراني الحالي بازاكشيان يمثل هذا التيار بشكل شبه كامل...

نظرية هذا التيار تقوم على دق إسفين بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل!!!...

لقد جعلوا المرشد يخرج ويعلن عن تشجيع الإستثمار الأميركي والغربي في إيران...

جعلوا الشيخ نعيم يتبنى نفس هذا الرهان في لبنان...

لم يمض وقت طويل على تمثيلية المصالحة الإيرانية السعودية حتى مد حزب الله يده إلى السعودية باسم الأخوة والدين...

ردت السعودية بتكريم حرباء حزب القوات اللبنانية مي شدياق...

كلما زاد حزب الله عيار السقوط أمام السعودية، ازدادت مملكة الرمال خنزرة، وتمادى إبن سلمان في العهر الصهيوني...

لم يفهم الإيراني ولا يريد أن يفهم أن في المعسكر المعادي كم كبير من العرب والمسلمين الذين هم عن دينهم وعرضهم وشرفهم ساهون...

نفس التكتيك ونفس الاستراتيجية يتبعها حزب الله...

لا يزال قادة هذا الحزب يتعاملون مع العملاء كما فعلوا بُعَيد التحرير...

بينما كان ثوار الجزائر يعدمون العملاء كان حزب الله يسلمهم إلى القضاء التابع لأميركا فيتم إطلاق سراحهم...

بينما كانت المقاومة الفرنسية تضم مجموعات لاغتيال من يتعامل مع الاحتلال الألماني؛ يصر حزب الله على محاولة إقناع العملاء بالحسنى، أن لا يتمادوا في عمالتهم...

بينما كان الفيتناميون يقطعون أيدي كل من يأخذ مالا او مساعدات من الاحتلال الأميركي ذهب حزب الله إلى الدوحة يثبت قوانين عفو عن العملاء، ويعمل لكي لا يحاسبوا عما ارتكبوا من موبقات؛ وزيادة على كل ذلك، يصر الحزب على الدخول في نفس اسطوانة "شحادة" المال والمساعدات من الدول التابعة لأميركا التي تقف خلف كل المآسي في هذا البلد..

يتباهى البعض بأن حزب الله مقاومة وصلت بها الأخلاق أن تُسمي العملاء خصوما وتقول للخونة: "إذهبوا أنتم الطلقاء"...

أما آن الأوان أن تتعامل المقاومة مع العملاء كما فعلت كل حركات التحرير!!!

الخطأ لا ينحصر بحزب الله، بل يصل إلى إيران نفسها حيث خرج احد المراقبين يتحدث عن حتمية حصول فراق بين أميركا وإسرائيل في ديماغوجية غريبة عجيبة بينما العدو الحقيقي للأمة هي أميركا نفسها وإسرائيل ليس اكثر من كلب حراسة ربما ينبح من أجل عظمة، لكن المشروع الحقيقي في المنطقة هو المشروع الاستعماري الأميركي...

تارة يمدحون اليد السعودية التي تقتلنا، وتارة أخرى يتحدثون عن الصديق الروسي الذي باعنا؛ واطوارا غيرها يتحدثون عن الصين وعن تعدد الأقطاب...

مهما تعددت الاقطاب، الحاكم على الجميع سوف يكون رأس المال اليهودي الصهيوني...

هكذا كام الأمر إبان الحرب الباردة وهكذا سوف يكون...

إلا إذا وقفنا كما وقف يوما ارنستو تشي غيفارا وأعلن الثورة العالمية؛ وكما وقف جوزيف بروز تيتو يعلن أن لا جميل لأحد على تحرير يوغوسلافيا بعد الحرب العالمية الثانية... يوغوسلافيا تحررت بسواعد أبنائها...

على إيران نسيان الروس والصينيين والخونة من الأعراب...

على حزب الله التعامل مع العملاء كعملاء وليس كخصوم...

وعلى الفلسطينيين أن يعلموا أن من يناصرهم هم أحرار العالم وليس كلاب العرب والمسلمين، وإنه "لا يحك جلدك إلا ظفرك"...

لقد فتح يحي السنوار ومحمد الضيف الأبواب لمن يريد إلى الجهاد سبيلا...

من يريد، يلتحق بمسيرة الأحرار...

ومن يتخلّف، يكون مصيره مثل مصير محمود عباس وأبو شباب وشلة الكلاب...