حجم الإمداد العسكري الأمريكي لإسرائيل تجاوز 33.1 مليون طن‎
مقالات
حجم الإمداد العسكري الأمريكي لإسرائيل تجاوز 33.1 مليون طن‎
عدنان علامه
22 تشرين الثاني 2025 , 00:03 ص

حجم الإمداد العسكري الأميركي لإسرائيل في الدفعة الثانية تجاوز 33.1 مليون طن… بينما إسرائيل تحدثت عن 120 ألفاً طن فقط

عدنان علامه - عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين

كشفت وزارة الدفاع الإسرائيلية بتاريخ 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 أن الطائرة رقم 1000 وصلت اليوم إلى مطار بن غوريون، ضمن الجسر الجوي المستمر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لدعم الاحتلال بالعتاد العسكري.

وأشارت الوزارة إلى أنها والجيش قادا عمليات نقل لوجستية عابرة للقارات بحجم لم يشهد له مثيل في تاريخ إسرائيل، بهدف دعم جميع احتياجات جيش الاحتلال العسكرية الحالية والمستقبلية.

وأوضحت أنه "حتى الآن تم جلب أكثر من 120 ألف طن من المعدات العسكرية، والذخائر، ووسائل القتال، ومعدات الحماية، عبر ألف طائرة وحوالي 150 سفينة".

ففي مواجهة الدعاية الرسمية والتصريحات المتقطعة التي تبثّها تل أبيب، تثبت الحسابات الصارمة ما لا يريدون الاعتراف به: فما وصل إلى إسرائيل من قدرات ولوجستيات عسكرية في الدفعة الثانية من الجسر الجوي الذي بدأ منذ 28 أيار/ مايو 2025، لا يقاس بمئات الأطنان أو بعشرات الآلاف، بل بملايين الأطنان — إن لم نقل بعشرات الملايين — وفق المعطيات التي تُظهر جسرًا جويًا بحجم 1000 رحلة وجسرًا بحريًا من 150 سفينة.

#الفارق بين الدعاية والواقع

أعلنت إسرائيل أرقامًا متفائلة: «نحو 90 ألف طن في الجسر الأول»، ثم «120 ألف طن في الجسر الثاني» إجمالاً. لكن مقارنة بسيطة، قائمة على سعة الطائرات وسعة السفن القياسية، تكشف فجوة كارثيّة وأرقام خيالية لا يستوعبها اي عقل في نسف رواية وزارة الدفاع:

1000 طائرة × 114 طن/طائرة = 114,000 طن (ناتج واضح لا لبس فيه لطائرة شحن عسكرية عملاقة

C-5 GALAXY).

150 سفينة × (11,000 حاوية × 20 طن/حاوية) = 33,000,000 طن.

المجموع = 33,114,000 طن ≈ 33.1 مليون طن.

مقابل الإعلان الإسرائيلي: 120,000 طن → الفارق ≈ 276 ضعفًا.

هذا الفرق ليس رقمًا تجميليًا؛ إنه يدلّ على نية سياسية واضحة: تصغير دور واشنطن وتأثير الإمداد، وإخفاء طبيعة الحمولة الفعلية لعدم إثارة شكوك المستوطنين والخصوم.

#فماذا تعني هذه الأرقام عمليًا؟

33 مليون طن تعني قدرة على تزويد صيغ متنوّعة من الذخائر والآليات الثقيلة والمواد الهندسية بدرجة تسمح باستمرار حرب منسقة وممتدة إلى أجل طويل.

فالعناصر الواردة ضمن هذه الحمولات تشمل ذخائر جوية ثقيلة، قنابل موجهة، ذخائر مدفعية بالمئات من الآلاف، منصات إطلاق، آليات مدرعة، إضافة إلى دعم لوجستي هائل.

لماذا تحاول إسرائيل إبقاء الأرقام منخفضة؟

أربعة أسباب عملية تدفع إسرائيل لذلك:-

1- تخفيف المسؤولية السياسية والأخلاقية — رقم صغير يقلّل من وقع السؤال الدولي حول مسؤولية الاستخدام —.

2- التقليل من الدور الأميركي المباشر — الإعلان عن شحنات ضخمة يُعرّض واشنطن لانتقادات وتحقيقات —.

3- تهدئة الداخل الإسرائيلي عبر خلق وهم الاكتفاء الذاتي.

4- منع توازن الردع: الكشف عن الكمّ الحقيقي قد يدفع خصومًا لإعادة حساب تكتيكاتهم، وربما لبحث خيارات تصعيدية/ردعية.

#تحليل موجز لتأثير ذلك على الساحة الإقليمية — لماذا يهم لبنان؟

حين تتسلّح دولة بمثل هذا الحجم من الإمداد؛ فإنها لا تُعدّ حربًا محلية بل مشروعًا إقليميًا أعلن مجرم الحرب المدان عن نيته لتنفيذه "مشروع إسرائيل الكبرى" .

فالتفاوض السياسي يصبح لغةً في فراغ القوة؛ فلبنان الذي يهرول إلى طاولة التفاوض بينما العدو يتزوّد بهذا الكمّ، لا يفاوض من موقع قوة، بل من موقع فرص إستسلام مُكرّس لإنتفاء أي عامل قوة بيد لبنان. وهذا ما يحصل اليوم نتيجة الضغط الأمريكي الذي يفرض الضغوط السياسية مباشرة والعسكرية بواسطة إسرائيل.

وأما الدفعة الأولى من الإمدادات الأمريكيية فقد أعلنت عنها إسرائيل بتاريخ 27 أيار /مايو 2025 :

وصول الرحلة 800 ضمن الجسر الجوي الأميركي لنقل الأسلحة إلى إسرائيل

قنابل "مارك 84" الأميركية الثقيلة التي استخدمت في غزة على نطاق واسع؛

وقد وصلت إلى إسرائيل، اليوم الثلاثاء، الرحلة رقم 800 ضمن الجسر الجوي الأميركي لتزويد تل أبيب بالأسلحة والذخيرة منذ بداية الحرب على غزة، وفقا لما نقلته وسائل إعلام عن وزارة الدفاع الإسرائيلية.

وبذلك تكون إسرائيل قد حصلت على أكثر من 90 ألف طن من المعدات العسكرية منذ بداية الحرب عبر 800 رحلة جوية ونحو 140 شحنة بحرية، وفقا لمعطيات وزارة الدفاع.

وتشمل تلك المعدات ذخائر ومركبات مدرعة ومعدات حماية شخصية ومعدات طبية وغيرها.

ونقل موقع تايمز أوف إسرائيل عن وزارة الدفاع "إن هذه الشحنات تمثل عنصرا رئيسيا لضمان استمرار عمليات الجيش الإسرائيلي، سواء لتحقيق أهداف الحرب أو لتعزيز الجاهزية والمخزونات"."

800 طائرة × 114 طن/طائرة = 91,200 طن

140 سفينة × (11,000 حاوية × 20 طن/حاوية) = 30,800,000 طن.

المجموع = 30,891,000 طن ≈ 31 مليون طن.

فهل من المعقول أن يكون الفارق 200 طائرة و10 سفن فقط في 170 يومًا علمأ بأن 800 طائرة وصلت إلى إسرائيل في فترة 240 يومًا تقريبًا.

لذا أعتقد بأن هناك جسر ثاني بدأ في 28 أيار وانتهى بتاريخ 19 تشرين الثاني الحالي وبلغ 1000 طائرة و 150 سفينة؛ لأن النسق أو السياق منذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2024 وحتى 27 أيار/مايو 2025 وصلت إلى الكيان المؤقت الطائرة رقم 800 والسفينة رقم 140، وحافظت رحلات الإمدادات العسكرية على معدل حوالي 100 طائرة/ الشهر، وحوالي 17 سفينة شهريـًا.

فمن المستحيل أن تنخفض إلى حوالي 33 طائرة/الشهر وسفينتين/الشهر؛ بالرغم من حصول عدوان على لبنان، وآخر على إيران، واستمرار العدوان على غزة ورفح.

لذا فالمنطق يقول أن هناك جسر مستقل بدأ في 27 أيار/مايو 2025 وانتهى مع الإعلان عن وصول الطائرة رقم 1000.

#أمانة مهنية

هذا التحقيق لا يهدف إلى إثارة الضجة بل إلى إعادة الفعل الحقيقي إلى حيز الحقيقة الرقمية.

فالأرقام التي أعرضها هنا مدعومة بحسابات سعة نقل مقروءة ومعقولة. وأي محاولة لاحقة لتقليل هذه الحقيقة يجب أن تُواجه بحساب رقمي واضح، لا بهتافات أو ادعاءات غير محققة.

الخلاصة المختصرة:

فإسرائيل تدعي أن حمولة 1000 طائرة و 150 سفينة تساوي «120 ألف طن» فقط.

فالأرقام الحقيقية — وفق 1000 طائرة و150 سفينة بسعات معقولة — تشير إلى حجم إمداد لا يقل عن 33.1 مليون طن. الفارق بينهما ليس خطأ إحصائيًا؛ إنه تزييف معطيات له ثمن سياسي إنساني في غزة ولبنان.

فهذا الكم الهائل من السلاح يفسر اليد الرخوة لإسرائيل بإبادة الشعب الفلسطيني في غزة, ومسح مساحات واسعة من غزة ورفح، وتسطيح عدد كبير من القرى الأمامية جنوب الليطاني وفي مختلف أنحاء لبنان.

فاي طرح للتفاوض مع العدو في ظل الإحتلال؛ وفي ظل هذه المعطيات الجديدة، هو إنتحار سياسي وإستمرار إسرائيل في إستباحة لبنان وإغتيال من تشاء، ساعة تشاء وأين تشاء.

يجب ردع العدو عن الإعتداء على سيادة لبنان وإغتيال مواطنيه.

وإنَّ غدًا لناظره قريب

21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025