أدلة علمية جديدة تثبت فعالية لقاح فيروس الورم الحليمي البشري
منوعات
أدلة علمية جديدة تثبت فعالية لقاح فيروس الورم الحليمي البشري
24 تشرين الثاني 2025 , 12:32 م

كشفت مراجعتان بحثيتان جديدتان نُشرتا في قاعدة بيانات Cochrane Systematic Reviews عن أدلة قوية ومتسقة تؤكد أن لقاحات فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) فعّالة جداً في الوقاية من سرطان عنق الرحم والتغيرات ما قبل السرطانية، خاصة عند إعطائها للفتيات والفتيان قبل التعرض للفيروس، أي قبل سن 16 عاماً.

فعالية اللقاح في الوقاية من سرطان عنق الرحم

أظهرت البيانات أن الفتيات اللواتي تلقين اللقاح قبل بلوغ 16 عاماً كنّ أقل عرضة للإصابة بسرطان عنق الرحم بنسبة 80% مقارنة بغير الملقحات. كما أكدت الدراسات أن الآثار الجانبية للقاح طفيفة ومؤقتة، مثل ألم أو تورم خفيف مكان الحقن، دون أي دلائل على آثار جانبية خطيرة.

فيروس HPV هو مجموعة واسعة من الفيروسات الشائعة، بعضها غير ضار، بينما تسبب الأنواع عالية الخطورة منها سرطانات عديدة مثل:

سرطان عنق الرحم

سرطان الشرج

سرطان القضيب

سرطان الفرج والمهبل

سرطان الحلق

كما تسبب أنواع أخرى من الفيروس الثآليل التناسلية.

وتُعد إصابة عنق الرحم رابع أكثر السرطانات شيوعاً بين النساء عالمياً، متسببة في أكثر من 300 ألف وفاة سنوياً، خصوصاً في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل.

دليل التجارب السريرية: لقاحات آمنة وفعّالة

ركزت المراجعة الأولى على التجارب السريرية العشوائية وشملت 60 دراسة ضمّت 157,414 مشاركاً. وأظهرت أن جميع لقاحات HPV، مثل Cervarix وGardasil وGardasil-9، فعّالة في منع العدوى التي قد تؤدي إلى السرطان، دون أي أدلة على مخاطر صحية خطيرة.

ولأن تطور السرطان المرتبط بالفيروس قد يستغرق سنوات طويلة، فقد ركزت معظم الدراسات على متابعة التغيرات ما قبل السرطانية، حيث سجّلت اللقاحات انخفاضاً كبيراً في:

التغيرات ما قبل السرطانية في عنق الرحم

الحاجة إلى علاج آفات ناتجة عن HPV

حالات الثآليل التناسلية

الآثار الجانبية الخطيرة نادرة، وظهرت بنسبة مماثلة تقريباً لدى المجموعتين: الملقّحين وغير الملقّحين.

حماية طويلة الأمد على مستوى العالم

حللت المراجعة الثانية 225 دراسة شملت أكثر من 132 مليون شخص من دول متعددة، وقيّمت تأثير اللقاح على مستوى السكان قبل وبعد إدخاله في برامج التطعيم الوطنية.

أبرز النتائج:

انخفاض خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم بنسبة 80% لدى الفتيات الملقحات قبل سن 16.

تراجع واضح في التغيرات ما قبل السرطانية CIN2+ وCIN3+.

انخفاض كبير في حالات الثآليل التناسلية.

لا توجد أي صلة مثبتة بين اللقاح والأحداث الجانبية الخطيرة التي تُثار حولها مخاوف على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأكد الباحثون أن الأدلة العالمية الآن واضحة ومتسقة:

لقاح HPV يمنع سرطان عنق الرحم بفعالية عالية.

أهمية التطعيم المبكر للفتيات والفتيان

توصي الهيئات الصحية العالمية، مثل منظمة الصحة العالمية، بتطعيم كلا الجنسين قبل سن 16:

لأن المناعة تكون أقوى

ولأن المتلقي غالباً لم يتعرض للفيروس بعد

ولأن تطعيم الذكور يعزّز المناعة المجتمعية ويحمي الجنسين

وتشير التوقعات إلى أن اللقاح سيساهم على المدى الطويل في تقليل سرطانات أخرى يسببها فيروس HPV، بما فيها تلك التي تصيب الرجال.

الحاجة إلى المزيد من الأبحاث في الدول منخفضة الدخل

رغم قوة الأدلة، إلا أن معظم الدراسات أجريت في الدول عالية الدخل. ويشير الباحثون إلى ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث في الدول ذات الموارد المحدودة، حيث ترتفع معدلات الإصابة بسرطان عنق الرحم وتقل برامج الفحص والوقاية.

وتبقى معدلات التطعيم المرتفعة، والفحص الدوري، والعلاج المبكر ركائز أساسية لتحقيق هدف منظمة الصحة العالمية بالقضاء على سرطان عنق الرحم عالمياً.

كشفت مراجعات كوكرين الأحدث أن لقاح HPV آمن وفعّال جداً، ويمثل واحداً من أقوى التدخلات الصحية القادرة على إنقاذ مئات الآلاف من الأرواح سنوياً. وتشدد الأدلة على أهمية التطعيم المبكر للفتيات والفتيان قبل سن 16 لتحقيق أعلى مستويات الحماية ضد السرطان.

المصدر: Cochrane