داء الكلب يكشف أسراره.. بروتين متحوّل يسيطر على الخلايا البشرية
منوعات
داء الكلب يكشف أسراره.. بروتين متحوّل يسيطر على الخلايا البشرية
24 تشرين الثاني 2025 , 13:23 م

في اكتشاف علمي بارز نُشر في مجلة Nature Communications، كشف باحثون من جامعتي موناش وملبورن الأستراليتين عن كيفية تمكن داء الكلب (Rabies) من السيطرة على وظائف الخلايا البشرية على الرغم من امتلاكه عدداً محدوداً جداً من الجينات. ويوضح البحث آلية غير مسبوقة يستخدمها الفيروس المسبب لداء الكلب للتحكم في الحمض النووي الريبي (RNA) وتعطيل الأنظمة الحيوية داخل الخلية.

استراتيجية خفية: كيف يخطف داء الكلب الخلايا؟

تمكّن الباحثون من تحديد الطريقة التي يستخدمها داء الكلب للسيطرة على مجموعة واسعة من الأنشطة الخلوية، رغم أنه ينتج خمسة بروتينات فقط مقارنة بما يقرب من 20,000 بروتين في الخلية البشرية، ويعتقد العلماء أن فيروسات خطيرة أخرى مثل «نيباه» و«إيبولا» قد تستخدم الاستراتيجية نفسها.

هذا الاكتشاف قد يمثل تحولاً كبيراً في فهمنا لكيفية عمل الفيروسات، ويفتح الباب لتطوير لقاحات وعلاجات أكثر فعالية.

كفاءة مذهلة في التصميم الفيروسي

أوضح البروفيسور المشارك غريغ موسلي، رئيس مختبر مسببات الأمراض الفيروسية في معهد موناش للأبحاث الطبية الحيوية (BDI)، أن الفيروس المسبب لداء الكلب بارع في استغلال القليل جداً من المادة الوراثية لتنفيذ مهام معقدة داخل الخلية.

وقال: «يمكن أن يكون داء الكلب مميتاً بشدة لأنه يعطّل آليات إنتاج البروتينات، ويشوّه نظام الرسائل داخل الخلية، ويثبّط الدفاعات المناعية، all باستخدام جينات محدودة للغاية».

البروتين المتحوّل: السر وراء قوة داء الكلب

يقدم البحث إجابة واضحة:

البروتين المعروف باسم P protein، أحد البروتينات الخمسة للفيروس المسبب لداء الكلب، يمتلك قدرة استثنائية على تغيير شكله والارتباط بجزيئات RNA.

الدكتور ستيفن روالينسون، المؤلف الأول المشارك في الدراسة قال: «اكتشفنا أن بروتين P يكتسب وظائف متعددة من خلال قدرته على تبديل أشكاله والتفاعل مع RNA، وهو الجزيء الذي يلعب أدواراً مركزية في المناعة والعمليات الجينية داخل الخلية».

كيف يسيطر بروتين P على الخلية؟

البروفيسور بول غولي من جامعة ملبورن أوضح أن بروتين P يستطيع الانتقال بين «مراحل فيزيائية» مختلفة داخل الخلية، ما يسمح له بالتغلغل في البُنى السائلة الدقيقة التي تتحكم في العمليات الحيوية.

هذا يمكّن الفيروس المسبب لداء الكلب من:

تعطيل الدفاعات المناعية

إعادة توجيه إنتاج البروتين

التحكم في التراسل الخلوي

تحويل الخلية إلى «مصنع فيروسات» عالي الكفاءة

ويُرجّح العلماء أن فيروسات أخرى مميتة مثل إيبولا ونيباه قد تعتمد على الأسلوب نفسه.

إعادة تعريف البروتينات متعددة الوظائف

تشير الدراسة إلى أن النظرة التقليدية للبروتينات متعددة الوظائف لا تفسّر كيف يمكن أن تكتسب النسخ الأقصر من بعض البروتينات قدرات إضافية. وتبين النتائج أن التفاعل البنيوي بين أجزاء البروتين وإمكانية تغيير شكله بالكامل يمنحانه وظائف جديدة، منها الارتباط بجزيئات RNA.

داء الكلب من منظور جديد: المرونة هي السلاح الأقوى

قدرة بروتين P على الارتباط بالـRNA والتنقل بين مكونات الخلية السائلة تمنحه مرونة عالية في السيطرة على نظام الخلية.

ويؤكد الباحثون أن هذا الفهم الجديد قد يفتح الباب لتطوير مضادات فيروسية أو لقاحات تعمل على تعطيل هذه الآلية الحيوية.

يكشف هذا البحث الرائد أن داء الكلب يعتمد على بروتين متحوّل الشكل ومرتبط بالـRNA للسيطرة على العمليات الحيوية داخل الخلية، وهو اكتشاف قد يغيّر فهم العلماء للفيروسات ويقود إلى تطوير لقاحات وعلاجات جديدة سواء لداء الكلب أو لفيروسات خطيرة أخرى مثل إيبولا ونيباه.

المصدر: مجلة Nature Communications