يقف معبد فينوس في منطقة الحقول البركانية فليجرين في جنوب إيطاليا كواحد من أبرز المعالم الرومانية القديمة، ويثير إعجاب العلماء بقدرته على الصمود رغم النشاط البركاني على مدى أكثر من 2000 سنة.
دراسة حديثة نشرت في مجلة Geoheritage كشفت عن الأسرار الهندسية وراء هذا الإنجاز، حيث حلل الباحثون عينات من المسبح الكبير السابق في المجمع الحراري الإمبراطوري، بهدف فهم المواد والتقنيات التي استخدمها المهندسون الرومان لضمان متانة البناء.
قوة المعبد تكمن في المواد البركانية

أظهرت الدراسة أن المصدر الرئيسي لقوة المعبد يكمن في ما كان يُعتبر تهديدا طبيعيا: البراكين التي بُني عليها.
المعطيات الأساسية تشمل:
الملاط: استخدم الرومان ملاطًا أساسه الجير ممزوجا بشظايا بركانية. عندما تتعرض للماء، تحدث تفاعلات كيميائية تنتج ملاطا هيدروليكيا يقوى مع مرور الوقت، حتى عند وجود فراغات أو جير غير متفاعل.
الطوب: مزيج من المواد البركانية مع مكونات معدنية مثل الكوارتز، الميكا، أكاسيد الحديد، والهيماتيت، ما أعطاه اللون الأحمر وسمح بتسخين معتدل أثناء الحرق.
السكوريا البركانية الخفيفة: استخدمت في الأجزاء العليا للمعبد، وتم جلبها من بركان فيزوف لتقليل الضغط على البناء مع دعم الهيكل، ما يعكس فهمًا متقدمًا لكيفية توزيع الأحمال.
يقول الباحثون: "اختار الرومان القيام بمزيد من الجهد للبناء بشكل متين جدا، لضمان أن يبقى إرثهم قائمًا لأجيال، على عكس بعض المباني الحديثة التي تُبنى لتنهار بسرعة."
الجانب الجمالي والوظيفي
بجانب متانته، يُعتبر تصميم المعبد فريدا من نوعه، حيث دمج الرومان بين الجمال المعماري والتقنية الهندسية الذكية.
استخدامهم للمواد البركانية بعناية أعطى المعبد القدرة على مقاومة الزلازل والحرارة البركانية والظروف البيئية القاسية، ما جعله واحدا من أفضل الأمثلة على العمارة الرومانية الإمبراطورية.
الملح وأهمية الترميم
أحد الاكتشافات المهمة للترميمات المستقبلية هو الملوحة (Efflorescence) الناتجة عن الملح الشائع، والذي يتحلل عند ارتفاع الرطوبة، ما يوفر فرصة للباحثين لتحسين جهود حفظ المعبد وصيانته.
خلاصة الدراسة
الدراسة تؤكد أن الرومان كان لديهم معرفة عميقة بالمواد الطبيعية وكيفية استخدامها بذكاء، مما جعل المعبد صامدا حتى بعد مرور ألفي عام على البراكين والزلازل والظروف المناخية القاسية.
هذا الإبداع الهندسي ما زال يلهم العلماء اليوم لدراسة تقنيات البناء الرومانية وتقدير براعتهم في الجمع بين المتانة والجمال.