عبد الحميد كناكري خوجة: ياشعب الأبجدية الأولى ...جنوبكم يغتصب، فأين السخط؟ أين الغضب؟!
مقالات
عبد الحميد كناكري خوجة: ياشعب الأبجدية الأولى ...جنوبكم يغتصب، فأين السخط؟ أين الغضب؟!


جنوب يستباح... وصمت يذبح: دعوة لاستنهاض وكسر الطوق لأصحاب المشروع الطاغوتي المتوحش، بالإحتجاج الشرعي المحق القانوني والعادل.

ياأبناء بلد علم الكون الأبجدية الأولى، ياورثة النقش الحجري والمزامير الأولى، والملحمة الرافدة لروح التحضر والتمدن...الجنوب السوري اليوم ليس مجرد رقعة تنتهك، بل نص يعاد تأويله بالقوة وخرائط تعاد كتابتها بمداد خبث الطاغوت الحاقد، في سياق مشروع إستراتيجي لايخجل من وقاحته، ولايخفي جينالوجيته الإجرامية الممتدة منذ عقود من الإغتصاب والاقتلاع والتهجير.

العدو المارق لايتقدم في الجنوب بخطى عسكرية فحسب، بل بمنهج ”أركيولوجيا التفكيك"، يحفر في الهوية، وينبش في الذاكرة، ويستهدف ميتافيزيقيا المكان قبل جغرافيته، لأنه يدرك أن سوريا_ أرض الأبجدية، ومختبر الحضارات_ ليست لحما وحجرا، بل رمزا يربك كل مخططات الإستلاب.

فهل يعقل أن يغتصب الجنوب، بينما كثيرون يلوذون بالصمت؟

أيليق بأمة علمت الدنيا معنى الكتابة أن تتلعثم أمام انتهاك صارخ؟

أين السخط؟ أين الإستنكار؟ أين الغضب؟ أين ذلك الوجدان الذي ظل لقرون ”مزمارا للحق والعدالة ومرآة الشجاعة؟"

إن الصمت_ في ميزان الفلسفة الضميرية الأخلاقية الوجدانية شراكة سلبية في طمس الحقيقة. وهو ذاته الصمت الذي حذر منه القرآن الكريم حين قال منزله سبحانه: (لاتركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) السكوت ليس حيادا، بل انحدارا من جبل القيم نحو وادي الا موقف، حيث تتكاثر الهزائم قبل أن تطلق رصاصة أو قذيفة أو صاروخ واحد.

المطلوب أولا حرب الوعي، حرب الخطاب، حرب الإحتجاج الحضاري القانوني المطالب بالتحرر، الذي بهز أركان الكيان الظلامي المعتدي ويفشل مخططاته. فالكيان القاتم طاغوت الإجرام والإبادة، يخشى الكلمة أكثر مما يخشى المدفع، ويخشى فضح جرائمه أكثر مما يخشى مواجهته. إن كشف فظائعه، توثيق اختراقاته، وفضح توغله الوقح وتغوله في جنوبكم هو فعل نهضوي يوقظ الشعوب من سباتها ويجعل العالم كله يرى الحقيقة بلا تجميل ولا مواربة.

إن التطرف والإرهاب والنازية لهذا الورم السرطاني ليس حادثة معزولة، بل منظومة راديكالية مبرمجة، تدار بعقل بارد وذهنية استعمارية، تدعي الأمن وهي تزرع الرعب، وتتكلم عن السلام وهي تؤسس للفوضى، وتثرثر عن القانون وهي تخرقه في كل صفحة من صفحات سجلها القاتم السواد.

ياشعب سورية العظيم بكل مكوناته وأطيافه وملله ونحله وطوائفه، ياأبناء اللوحة الفسيفسائية الرائعة... يامن حملتم الوجدان على أكتافكم يوم كانت الأمم تتهاوى، لاتسمحوا للغاصب أن يعيد كتابة جنوبيكم بمدادا استعماري. إجعلوا صوتكم سيفا، وكلمتكم درعا، واحتجاجكم إعلانا بأن الكرامة ليست لعبة في يد أحد. إرفعوا الصوت...طالبوا بالعدالة...نادوا العالم...وفضحوا الصمت والسكوت قبل أن يفضحكم التاريخ. ولجميع الشعوب العربية والإسلامية، وحتى للأشقاء المسيحيين ولأحرار العالم: الجنوب السوري ليس شأنا محليا، بل قضية إنسانية_حضارية تمتحن ضمير هذا الكوكب. ومن لايغضب للحق...سيسقط يوما بلا حق يغضب لآجله.

مفكر كاتب سوري حر، في الغربة.