”بين ألسنة الغدر وأنياب الغاصب...يسطع نور الحق".
تبت يد كل عميل وتب, فما أغنى عنه ماله وماكسب، ولا أحاطته حماية العدو الغاصب الذي لايرحم تابعا ولا يكرم خادما. فالخيانة عند الغاصب ليست تحالفا، بل وظيفة رخيصة، ينتهي صلاحها عند أول منعطف، وترمى بعدها الأجساد في مزابل النسيان.
ظهرت فئة تتخفى في الظلال، تنتعل ثياب المواطنين لتخدع العيون، وتبيع الذاكرة والشرف، وتسلم أسرار الأرض للغاصب المتربص؛ ذلك الغاصب الذي دمر مدنا عريقة، وشرد شعوبا أصيلة، ومازل يرسل أنيابه إلى الشرق والغرب، يستهدف الزعفران كما يستهدف الزيتون، والشام والقدس، ويغرس سمه في بغداد كما يغرسه في الجنوب الصامد.
هؤلاء العملاء كانوا الجسر الذي عبرت عليه جيوش الفوضى، والطابور الذي فتح الأبواب للمتربصين.
كانوا العيون القذرة التي نقلت مواقع المقاومين. والألسن النجسة التي همست بتحركات الشرفاء، فاستشهد أبطال كثر لأن خائنا باع وطنا كاملا.
ياشعوب أرضنا الأصيلة، ماكان للوطن أن ينهض لولا صمودكم، وما كان للغاصب أن يتراجع لولا وعيكم. فاثبتوا خلف مؤسساتكم الشرعية، قووا جبهتكم الداخلية، عززوا المجتمع المدني، إحرسوا النسيج الوطني من التشققات، ولا تتركوا للخيانة موطئ قدم. فالتراخي مع الخائن خيانة مضاعفة، والصمت أمام الجاسوس باب يفتح للعدو الغاصب كي يدخل وينهب ويطغي.
أما المال القذر الذي يتقاضاه أولئك المأجورون، فهو لعنة قبل أن يكون أجرا؛ مال لايثمر، لا يبارك، لايرفع، ولايحمي. مال يلتصق بأيديهم كما يلتصق الزيت المحترق بالرماد؛ مال حرام لايطعم، ولا يشبع، ولايفتح بابا إلا على الخزي والعار والمهانة.
ومن ظن أن الغاصب سيحميه، فليقرأ تاريخ أمثاله.
الفاصب لايحفظ وعدا، ولايكرم تابعا، ولايقيم وزنا لخائن خان أهله. فمن خان وطنه اليوم، لن ولن يشفع له غدا.
وسيبقى عبرة للآجيال: تبت يد كل عميل وتب.
ويبقى الوطن أعلى من كل يد خائنة، وأسمى من كل غاصب متربص، وأقوى من كل مأجور باع ضميره. فلتصمد الجبهة الداخلية، ولتنشط قلوب الشعوب الأصيلة، ولتتحد المؤسسات الشرعية والمجتمع المدني، كي يكون كل خائن مكشوفا، فمن خان وطنه لن يفلت، ومن باع شرفه لن ينجو، ومن ساعد الغاصب لن يبرأ، فالعدالة قادمة وبحزم وعزم لاتضيع حقا، والنور يسطع على الظلام، والضمير الحي يحكم بين الخائن والصادق، ليبقى الحق قائما، ووطننا صامدا، و شعبنا حرا لايقهر.
وليعلم من خان وطنه اليوم، سيسحق غدا تحت أقدام الحق، ويحاكم بلا رحمة، ويرمى في هوامش التاريخ كالوباء، منبوذا لايذكر إلا كلعنة أبدية، ويترك كهيكل مهجور تأكله لعنات الشعوب. وكل من يبيع ضميره اليوم، سيبتلع غدا في لهيب العار، وتنسى خطواته، وتحفر خيانته في ذاكرة الأجيال كعار خالد.
”مفكر كاتب حر، في أرض الغربة".