حسن شريم
تتكاثر في الآونة الأخيرة أبواق الفتنة والتحريض ضدّ بيئة المقـاومة من جهات رسمية وشعبية، ولا سيما من نائب حـ.ـزب "القوات" اللبنانية فادي كرم الذي دعا صراحة عبر قناة "الحدث"، إلى قـصـف بيوت المدنيين العزّل في الجنوب بذريعة أنها "مـخازن سلاح لحـزب الله". هذا الموقف، الصادر عن نائب في البرلمان اللبناني يُفترض أنه يمثّل كلّ اللبنانيين، جاء كتشجيع مباشر للعدو "الإسرائيلي" على استـهداف شعب تهجّر خلال الحر ب وما زال يعاني حتّى اليوم. ويعتبر مراقبون أن هذا الخطاب الحاقد يهـدف إلى تهجير من تبقّى من أبناء القرى الجنوبية، وتقويض وجودهم ليُفتح الطريق أمام الـ.ـعـ.ــدوّ لتنفيذ أهدافه التوسّعية.
الباحث والأكاديمي المتخصّص في العدالة الجنائية وحقوق الإنسان الدكتور عمر النشّابة يوضح لموقع "العهـ.د" الإخباري أن بعض الجهات اللبنانية التي تحرّض الـ.ـعـ.ــدوّ "الإســـ..ـرائيلي" على قـــصـ.ــف منازل المدنيين مطالَبة أولًا بتحديد موقفها من هذا الـ.ـكــ..ــيـان: "هل هو عدو؟ وهل تعتبره عدوًا فعلًا؟". ويذكّر بأن رئيس حكومة الاحتـ.ـلال بنيامين نتنياهو "مدان ومطلوب وفار من وجه العدالة بمذكرات توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية". ويشدّد على أن هذا الـ.ـكــ..ــيـان "ينتهك القانون الدولي" عبر تجاوز الأوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية، كما يتخطّى اتفاق وقف الأعمال العدائية المُعلن في تشرين الثاني 2024 والمنبثق عن القرار 1701.
ويضيف أنّ استمرار الاحتـ.ـلال في القـ.ـتل خلال فترة وقف إطلاق النار هو "غدر واضح" وجريــ.ـمة تستهـ.ـدف المدنيين خلال مرحلة يُفترض أن تحكمها القواعد الأساسية لقوانين الحر ب، ما يجعل هذه الانتـ..ـهاكات "جــ..ــرائـم حـ..ـــرب مكتملة الأركان".
ويتابع النشّابة أن التحريض الذي يمارسه بعض اللبنانيين من الداخل لدفع الـ.ـعـ.ــدوّ إلى مواصلة قـــصـ.ــف المناطق والمنشآت المدنية بحجة وجود سلا ح "هو عمل أقل ما يقال فيه إنه غير مسؤول، ويمكن تصنيفه في خانة الخيانة الوطنية". فمهمة نزع السلا ح - إن وجدت - هي "مهمة السلطات اللبنانية وحدها، وليست مهمّة جيش أجنبي، وخصوصًا جيشًا معاديًا للبنان، مخالفًا للقانون الدولي، ومتجاوزًا للمعايير الإنسانية". ويرى أنّ بعض الجهات اللبنانية "تنطلق من الحقد لا من الموقف السياسي"، والحقد - برأيه - "يهدم كلّ شيء، ويدمّر الاستقرار والوحدة الوطنية" في وقت يحتاج فيه اللبنانيون إلى التكاتف أكثر من أي مرحلة مضت.
وفي ما يخصّ القوانين اللبنانية، يأسف النشّابة لعدم احترام المعايير الدستورية، ما يجعل محاسبة المحرّضين غير واردة: "الدستور، الذي يسبق كلّ القوانين، لا يُحترم". ويشير إلى وجود "تساهل من الدولة اللبنانية مع الـ.ـعـ.ــدوّ "الإســـ..ـرائيلي" ومع المبعوثين الأميركيين"، مستذكرًا حادثة إحدى المبعوثات الأميركيّات التي "حرّضت على قـ.ـتل مئات آلاف اللبنانيين خلال تشييع سيد شـ.ـهداء الأمة سماحة الســ.ـيـ.ـد نـ.ـصر الله"، من دون اتّخاذ أي إجراء بحقها، رغم أنّ وسائل إعلام الـ.ـعـ.ــدوّ نفسها نقلت الخبر. وكان يُفترض - وفق النشّابة - إعلانها "غير مرغوب فيها"، خاصة أنها حرّضت على قـ.ـتل مدنيين بينهم مسؤولون رسميون كبار كانوا موجودين في موقع التشييع.
من هنا، يرى النشّابة أن التحريض الداخلي على قـ.ـتل اللبنانيين يستوجب خطوات حاسمة، لأن تماهي بعض الجهات الرسمية مع الـ.ـعـ.ــدوّ يفتح الباب أمام تجاوزات أخطر، خاصة من أشخاص محميّين بحصانات نيابية أو وزارية. ويشير إلى حادثة المغنّي الفرنسي الذي أدى النشيد "الإســـ..ـرائيلي" وكيف تم استقباله بعدها في "كازينو لبنان" خلال مناسبة عيد الاستقلال، معتبرًا أنها مثال على "التساهل الذي يشجّع كلّ من يشاء على التطـ..ـبيع أو التحريض أو انتهاك القوانين".
ويخلص النشّابة إلى ضرورة اتّخاذ إجراءات صارمة توقف هذا المسار، وتمنع استسهال التحريض على اللبنانيين، وتعيد توحيد البلد في مـ..ـواجهة الاعتـ.ـداءات "الإســـ..ـرائيلية" المتواصلة على لبنان.