عدنان علامه - عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
يشهد المشهد اللبناني تصاعداً في الأحداث، يتجاوز التوتر التقليدي ليلامس حدود الفتنة الداخلية، وسط تساؤلات جدية عن وجود "أوامر عمليات خارجية" تهدف إلى تفجير الوضع.
إن تزامن تصريحات المبعوث الأمريكي السابق، توم براك، مع انتشار مظاهرات تحمل رايات مؤيدة لأحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، وربط هذا الحراك بالملف الشائك للنازحين السوريين، يشير إلى أن لبنان يتحول إلى نقطة تركيز في صراع النفوذ الإقليمي.
💥 أولاً: رسالة براك والتهديد بالضم إلى "بلاد الشام"
لقد كانت تصريحات توم براك قوية ومباشرة، حيث وصف لبنان بـ"الدولة الفاشلة" وحذر من أنه قد يتم "ابتلاعه" إقليمياً والعودة إلى كنف "بلاد الشام" (سوريا الكبرى) ما لم يتخذ قادته قراراً حاسماً بشأن سلاح "حزب الله".
💥المدلول الأمريكي:
هذا التصريح ليس مجرد تعبير عن رأي، بل هو ورقة ضغط أمريكية تدفع لبنان باتجاه خيارين صعبين:
💥 1- إما التنازل في ملف السلاح والحدود مع إسرائيل، أو مواجهة انهيار وجودي قد يؤدي إلى فقدان سيادته بالكامل لصالح النفوذ السوري والإيراني المباشر أو الانهيار الكامل الذي يفتح الأبواب لتنظيمات متطرفة.
عامل الجولاني:
يقع الجولاني (هيئة تحرير الشام) اليوم في شمال سوريا، وهو يمثل القوة المعادية للنظام السوري التي تحظى بقبول غربي متزايد كطرف يمكن التعامل معه. إن تصريحات براك حول "تغير" سوريا، بالتزامن مع الحديث عن نفوذ الجولاني، يضع خيار "التهديد السني" الجديد في الواجهة كبديل للسيطرة الإيرانية.
💥2- ثانياً: تزامن المظاهرات وتوسيع الفتنة المذهبية
إن المظاهرات التي انطلقت في مناطق متعددة ذات غالبية سنية في لبنان (مثل خلدة، مدخل عرمون، صيدا، شارع المزرعة، طريق الجديدة، الحمرا، الروشة، والضخامة في طرابلس) تخدم على ما يبدو هدفين رئيسيين:
💥1- بث رسالة "العمق السني": إن رفع رايات تدعم الجولاني، وهو القائد السوري البارز المعادي للنظام، في مناطق لبنانية ذات كثافة سنية، يهدف إلى إحياء الخطاب المذهبي وربط الساحة اللبنانية مباشرة بالمعادلة السورية، مما يضع "حزب الله" أمام تهديد داخلي ذي صبغة سنية-جهادية.
تنفيذ أوامر عمليات خارجية: من الصعب اعتبار هذا الانتشار الواسع والمُنظّم في مدن متباعدة مجرد صدفة. بل يشير ذلك إلى غرفة عمليات خارجية أو إقليمية أعطت الضوء الأخضر لإطلاق هذا الحراك لخدمة مصالحها، سواء كان الهدف إغراق "حزب الله" في فتنة مذهبية كان يحرص على تجنبها، أو تشكيل جبهة داخلية ضاغطة على القوى الشيعية.
💥ثالثاً: ملف النازحين والضغط الأوروبي
يلتقي هذا الحراك المتفجر مع الضغوط الأوروبية المتعلقة بملف النازحين السوريين، لتكتمل حلقة الضغط على الدولة اللبنانية.
الخوف الأوروبي:
ترفض الدول الأوروبية بشكل قاطع عودة النازحين إلى سوريا خدمة أجندات خارجية حان وقتها، وأيضاً خوفاً من موجات هجرة جديدة نحو أوروبا.
الضغط المتبادل: هذا الرفض يمنع لبنان من حل مشكلته السكانية والاقتصادية والاجتماعية عبر ترحيل النازحين. هنا يبرز الترابط:
أوروبا تدفع أموالاً للدولة اللبنانية والمؤسسات المحلية لتثبيت النازحين ومنعهم من التوجه غرباً.
مظاهرات الجولاني تستغل التواجد السني الكثيف للنازحين في تلك المناطق (خاصة طرابلس والجنوب) لزيادة الزخم وإظهار قوة هذا التيار، مما يعزز فكرة أن لبنان أصبح قاعدة خلفية لصراع دائر في سوريا، يهدد الأمن الإقليمي.
يمكن تفسير العلاقة بين تصريحات براك، والمظاهرات المبايعة َوالمؤيدة للجولاني، والضغوط الأوروبية، بأنها مناورة جيوسياسية متكاملة تهدف إلى إجبار لبنان على تغيير هويته السياسية والأمنية.
المظاهرات تمثل "صدمة داخلية" تستهدف النسيج الوطني وتهدد بإشعال حرب أهلية جديدة.
بينما تصريحات براك تمثل "التهديد الخارجي المباشر" الذي يوفر الغطاء السياسي والشرعية لإدخال لبنان في فوضى أكبر. كل ذلك يعمل كأداة ضغط قصوى على "حزب الله" لدفعه إلى الخروج من معادلة الصراع الإقليمي، وإلا فإنه سيجد نفسه محاصراً بين تهديد إسرائيلي من الجنوب، وفتنة مذهبية تفجرها جبهة الجولاني من الداخل والشمال.
والملاحظة أن رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام لم يدلِ بأي تصريح رفضًَا للتظاهرات دون إذن مسبق التي تهدد السلم الأهلي في لبنان؛ بينما أثار زوبعة سياسية وحرًض الشارع بشكل مذهبي بغيض حول مخالفة إدارية بإضاءة صخرة الروشة.
🤬 لقد وضع رئيس الحكومة نفسه موضع الشبهة؛ وأثبت أنً المؤامرة الأمريكية لإشعال الحرب المذهبية قد بدأت؛ وأمرته بالصمت المريب‼️‼️‼️🤬
فأين السيادة وصون السلم الأهلي يا حضرة الرئيس وفق البيان الوزاري؟
وعلى مجلس النواب محاسبة رئيس الحكومة على عدم الوفاء بقسمه حسب البيان الوزاري ونيل الثقة على أساسه‼️‼️‼️‼️‼️‼️
وإنّ غدًا لناظره قريب
08 كانون الأول/ ديسمبر 2025