في فيديو ترويجي، "للشرق الأوسط الجديد".
يظهر الفاضي المدعو نواف سلام رئيسَ "حكومةِ لبنان"، يشرحُ فيهِ معنى "الشرق الأوسط الجديد ".
وهو بحسب ما يقول: إنَّ العالمَ الغربيَّ يُريدُ لهذا الشرقِ السلامَ والازدهار، وإنَّهُ سيتصدى لِمَنْ يُحاوِلُ مَنْعَ هذا المسار.
- فَجْأةً، وفي زمنِ هذا الفاضي، تحوَّلَ الغربُ إلى رُسُلِ محبَّةٍ وسلامٍ وازدِهار!!!.
أمَّا مَنْ يملكُ المواردَ، ومَنْ يملِكُ الأرضَ و يسيطِرُ عليها فليس، بِرَأيِهِمهماً؟!!!
- في كتابِهِ "الشرقُ الأوسطُ الجديد" عام ١٩٩٣،كانَ شيمون بيرز قد كشف عن تحويل "إسرائيل" من إسرائيلَ الكُبرى، إلى "إسرائيل العظمى". وذلك بِجَعْلِها المركزَ الذي تَتَجَمَّعُ فيهِ إدارةُ المنطقةِ: مواردُهاوطاقاتُها الاقتصاديةُ والمالِيَّةُ والسياسيَّةُ والثقافية.
مشروع بيرز المُتَرجِمِ للهيمنةِ الأميريكيةِ على المنطقة، ولعب "إسرائيل"دورَ الوكيلِ لها، شاءت الظروفُ أنْ يبقى مُخطّطُ جَعْلِ "اسرائيل" "عظمى" يجري على قدمٍ وساق، وبخضوعٍ عربيٍّ تامٍّ، ليس فقط أنْ تكون العظمى،إنما الكبرى أيضا. تُقابلُها كِياناتٌ "عربيةٌ" بالِاسم، مفكَّكةٌ مُفْلِسَةٌ وعاجزة، ومتنازعةٌ فيما بينها، خاليةٌ مِنْ أيِّ سِلاحٍ يُشَكِّلُ تهديداً لِأَمْنِ وسيطرةِ "اسرائيل".
- يكفي أنَّ هذا المشروعَ بِحَدِّ ذاتِهِ، يخلقُ مقاوِمِينَ لَهُ، مِمَّن لا يرتضونَ الخضوعَ والِاسْتِسْلام،
و إن كانَ أيضاً يخلُقُ أدواتٍ لتحقيقه، مِمَّنْ تأخُذُهُمُ الرَّشْوَةُ والمصالحُ الأنانيةُ، على حسابِ الأُّمَّةِ جمعاء.
وليس هذا الفاضي سِوَى أداةِ ترويجٍ لِلمشروع، فهو لا يملكُ أيَّ حَيْثِيَّةٍ سياسيةٍواجتماعية،فماهو إلّا حالةٌ ظَرْفِيّةٌ تَقْتَضِيها لحظةٌ سياسية.
ويبقى الأخطرُ تشكيلاتٌ طائفيّةٌ ودينيَّةٌ، وأقلِّيَّاتٌ إثْنِيَّةٌ تَقْتاتُ على فَضَلاتِ الْهَيْمَنَةِ والنَّهْبِ الِاستِعمارِيِّ الصِّهيوأميرِيكيِّ. وهذا النمطُ مِنَ التّعامُلِ الغربِيِّ- الاستعمارِيّ تاريخيٌّ في منطقتِنا، بدأت جُذورهُ منذُ الحملاتِ الصليبية، وارتكزَ على قبائلَ غرائِزِيَّةٍ كانت موجودةً دائماً في بلادِنا ومنطقتِنا، وعملَ على تغذيتِها وتقويتِها، لِمُواجهةِ تشكيلاتٍ حضاريةٍ شاع نورُها في مشارِقِ الأرض ومغاربها، وَشَعّ.
أبرز تلكَ القبائلِ ما يُعرَفُ اليومَ بِ"بني سعود" وما استحوذوا عليه من أرضٍ، وما فيها منْ موارِدَ،وسُمِّيَتْ المملكةَ السعودية، بإدارةِ الاستعمارِ البريطانِيِّ ودعمِه.
-إنَّ هذهِ المرحلةَ التي يسعى فيها الأميريكيُّ وأدواتُه، وفِي مقدمتها الكيانُ الصهيونِيُّ إلى تكثيفِ عملياتِ النَّهْبِ والسيطرةِ على الأرضِ والموارِدِ، وتفكيكِ الكِياناتِ القائمةِ وإثارَةِ النزاعات الطائفية، لِتَدورَ جميعُها في الفلكِ الصهيوأميركي؛ وإن كان مفهوماً أنْ تَتَكَتَّلَ الجماعاتُ معَ بَعْضِها، عند شعورِها بالخطرِ الوجودِيّ. لا يمكنُ تأمينُ حمايةٍ حقيقيةٍ لها، من خِلالِ التَّكَتُّلِ الطائفيِّ والإثْنِيّ، إلّا ما كان مِنها في بُقْعَةٍ تُمَثِّلُ مَوْرِداً أو موقعاً يُريدُالمُسْتَعْمِرُ أنْ يُوَظِّفَهالتأمينِهِ لِمَصْلَحَتِه.
أمّا البَاقي فيظلُّ خاضعاً لِقانونِ البحار: "السَّمكُ الكبيرُ يأكُلُ السَّمَكَ الصَّغير".
-لكنَّ هذهِ المرحلةَ توجدُ فيها أيضاً قُوَّةٌ تُمَثِّلُ الإرثَ الحَضارِيَّ الّذي تُعَدُّقُوّتُهُ خميرةَهذِهِ الأمة، وهيَ قوى المقاومة التي تُمَثِّلُ التَّحَدِّيَ الرَّئيسِيّ لِلْمَشروعِ الصهيوأميريكيّ، وتضعُهُ نُصْبَ عَيْنَيْها. ولا تَنْزَلِقُ إلى حيثُ يُريدُ لها الأعداءُ.. أي إلى الصراعِ معَ جماعاتٍ من نسيجِها القوميِّ على حسابِ التَّصدِّي لِلْمَشروعِ الصهيوأميرِكيّ؛إلَّافي حالةِ الدفاعِ عن النفسِ،إذاحاولَ أيٌّ من هذهِ الجماعاتِ مواجهةَ المقاومةِ، بشكلٍ مُباشِر ٍيُشَكِّلُ تهديداً حقيقياً لها.
وهذا يستدعي بالدرجةِ الأولى عدمَ الِاستِكانةِ في مواجهةِ قوى العدوان الرئيسيةِ المتمثلةِ بالعدوِّ الصهيوأميرِكيّ، لِقَطْعِ الطريقِ على كُلِّ مَنْ تُسَوِّلُ لهُ نفسُهُ الدخولَ بمغامرةٍ تحرِفُ الصِّراعَ عن وجهتِهِ وطبيعتِهِ وجوهره.
-إنَّ المقاومةَ اليومَ، في كُلِّ الساحاتِ، تُدْرِكُ تماماً طبيعةَ التحدياتِ والظروفَ المعقَّدةَ، وهي تملكُ مُقوِّماتٍ كثيرةً لا يمكنُ قياسُها بمقاييسِ الجيوشِ المتقابلة،وماتملك قوى العُدْوانِ من تَفَوُّقٍ تِقْنِيٍّ، و من تكنولوجيا الحرب، لِأنَّ هذاالقِياسَ قديؤدي إلى اليأس،وإنّما تُقاسُ،كماحصل عندالشعوب التي استعمرت بلادُها، وكما يحصُلَ على الدّوام، من خلالِ قدرةِ المُقاومةِ على الصمود، وتوجيهِ ضَرْباتٍ قاتلةٍ للعدوِّ المُستَعْمِرِ تجعلُ كِلْفَةَ عُدوانِهِ واحتلالِهِ أكثرَ وأعظمَ مما يَتوَقَّعُهُ،مِنْ كَسْبٍ ونَهْبٍ لِلْمَوارِد، بحيث لاتنفعُ القداراتُ المتقدِّمَةُ التكنولوجيةُ والعسكرية.
أمَّا متى يبدأُ التَّحوُّلُ في مسارِ الأحداث؟ فهذا يرتبط أوّلاً:
بوصولِ الهجومِ المُعادي إلى ذروتِهِ وقُبَيْلَ حصادِ ثمارِ عُدوانِه.
ثانياً:بأن تستطيعَ المقاومةُتوجيهَ ضرباتٍ تُؤْلِمُ العَدُوَّ وتُرْبِكُهُ، وتجعلُهُ عاجزاً عنِ اِحتواءِ الضَّرْبات.
ثالثا: بإفْقادِ العدوِّ القُدرَةَ على توظيفِ الجماعاتِ المحلِّيَّةِ كأدواتِ حِمايَةٍ له؛ وذلك مرهونٌ بِطبيعةِ الأساليبِ والأهدافِ المنتقاةِ لِإيلامِ العدوِّ وإصابَتِهِ في مَقْتَل.
وفي هذا المجال، لنا تجربةٌ بَدْءاً منَ العام١٩٨٣،ماأدى إلى هروبِ قواتِ الحلفِ الأطلسيِّ مِنْ لُبنان، وانقِلابِ مَسارِ الأحداثِ، وصولاً إلى العامِ ٢٠٠٠عامِ التحرير؛ والذي لم يصمدْ لتحقيقِهِ، أي مقاومةٌ كِيانِيَّةٌخاضعةٌ لما يُسمى القانونَ الدَّوْلِيِّ وقراراتِ الأممٍ المتحدة.
نحن هنا لا نستعرضُ أُمنِيات.
إنَّ ما نُقَدِّمُهُ هو نِتاجُ مُتابعةٍ، ومعرفةٍ، ومواكبةٍلِمَسارِ الصِّراعِ، خصوصاً منذُ العام ١٩٨٧، وصولاً للعام ٢٠٠٠؛ ودراسةٍ للأساليبِ والتَّكتيكاتِ التي اعتَمَدَتْها المقاومةُ من خارج الأُطُرِ التقليديةِ التي حَكَمَتْ أعمالَها الخاضعةَ للحدودِ الكِيانِيَّةِ والمفاهيمِ التي تُمْلِيها في إدارةِ الصِّراع؛ والتي شكَّلَتْ نموذجَ مُهِمّاً للكثيرِ من قوى المقاومةِ في بلادِنا، من فلسطينَ إلى العراقِ واليمنِ، ونَقَلَتْ لَها نَمُوذَجَها في الاستراتيجيةِ والتكتيك.
وقد ثَبُتَتْ نَجاعَتُهُ، وأعادَ الصراعَ إلى طبيعتِهِ، بِكونه صراعاً تحرُّرِياً وليسَ نِزاعاً على سُلْطَةٍ تحتَ سقفِ الخضوعِ لِلْمُسْتَعْمِر وَوَهْمِ العيشِ بِسلامٍ وازدهار.
مِنْ خِلالِ ما يُسَمَّى قانوناً دولياً، وحقوقاً تَضْمَنُها الأُمَمُ المتحدة، فقد ثَبُتَ في غيرِ مكانٍ مِنْ هذا العالَمِ أنَّ الحياةَ مُتاحَةٌ، فَقَط، لِمَنْ يَمْلِكُونَ قُوَّةَ الحياةِ والْقُدْرَةَ على الاِحتِفاظِ بحريةِ بِلَادِهم وسيادَتِها.
[21:42, 09/12/2025] عصام شعبتو: وقبلَ الجرائد👆🏻 مقال رأيٍ استنتاجي لِكاتبهِ أعجبني وهو أيضا يستحِقُّ النّشر.