يعمل باحثون حاليا على اختبار دواء فموي جديد يُؤخذ بجرعة واحدة قد يُحدث تحولا جذريا في طريقة علاج مرض السيلان ، في وقت تتزايد فيه مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية التقليدية.
الدواء الجديد، الذي يحمل اسم زوليفلوداسين (Zoliflodacin)، قد يصبح خيارا علاجيا مهما في مواجهة مرض السيلان، خاصة مع تراجع فعالية العلاجات الحالية. وقد أظهرت نتائج دراسة سريرية من المرحلة الثالثة نُشرت في مجلة The Lancet أن جرعة فموية واحدة من هذا الدواء كانت فعّالة تقريبا بقدر العلاج القياسي المعتمد منذ سنوات، والذي يعتمد على حقنة سيفترياكسون يليها مضاد حيوي فموي (أزيثروميسين).
ما هو مرض السيلان ولماذا يُعد علاجه ضروريا؟
السيلان هو أحد الأمراض المنقولة جنسيا الشائعة، وينتج عن بكتيريا تُعرف باسم Neisseria gonorrhoeae. تصيب هذه البكتيريا الأغشية المخاطية في الجهاز التناسلي بشكل أساسي، لكنها قد تؤثر أيضا على المستقيم، والحلق، والعينين.
ووفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية، سُجّل في عام 2020 ما يقارب 82.4 مليون إصابة جديدة بالسيلان عالميا بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و49 عاما.
تكمن خطورة المرض في أن عدم علاجه قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، كما يزيد من خطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV) أو نقله إلى الآخرين. إلا أن التحدي الأكبر يتمثل في أن بكتيريا السيلان طوّرت تدريجيا مقاومة لجميع فئات المضادات الحيوية التي استُخدمت سابقًا لعلاجها، ما قلّص الخيارات العلاجية الفعالة.
تصاعد مقلق في مقاومة المضادات الحيوية
تشير بيانات المراقبة التي استند إليها الباحثون إلى مخاوف متزايدة في عدة مناطق حول العالم، حيث لوحظ ارتفاع في مقاومة البكتيريا لدواء الأزيثروميسين، إلى جانب زيادة حالات المقاومة المتعددة للأدوية.
وتُعد المؤشرات المتعلقة بانخفاض حساسية البكتيريا لدواء سيفترياكسون — خاصة في دول مثل كمبوديا وفيتنام — من أكثر الإشارات إثارة للقلق، نظرا لاعتماد هذا الدواء كخيار أساسي في العلاج حاليا.
كيف يعمل دواء زوليفلوداسين؟
ينتمي زوليفلوداسين إلى فئة جديدة كليا من المضادات الحيوية تُعرف باسم السبيروبيريميدينترايون (Spiropyrimidinetrione)، ويعمل على قتل البكتيريا من خلال تعطيل عملية تضاعف الحمض النووي (DNA)، وذلك عبر استهداف الوحدة الفرعية GyrB من إنزيم DNA gyrase.
ويختلف هذا الأسلوب عن آلية عمل المضادات الحيوية الشائعة مثل الفلوروكينولونات، التي تستهدف مواقع بكتيرية أخرى. وقد أظهرت دراسات سابقة أن زوليفلوداسين يظل فعّالا في المختبر حتى ضد السلالات المقاومة لأدوية مثل سيبروفلوكساسين، وسيفترياكسون، وأزيثروميسين. كما دعمت النماذج العلمية استخدام جرعة فموية واحدة مقدارها 3 غرامات.
نتائج الدراسة السريرية: فعالية وأمان
شملت الدراسة السريرية أكثر من 900 مشارك في 17 عيادة خارجية موزعة على خمس دول هي: الولايات المتحدة، وجنوب أفريقيا، وتايلاند، وبلجيكا، وهولندا. وتلقى المشاركون إما الدواء الجديد أو العلاج التقليدي المعتمد.
وأظهرت النتائج أن زوليفلوداسين نجح في شفاء أكثر من 90% من الإصابات في المواقع التناسلية. كما تبيّن أن الدواء مقبول التحمل بشكل جيد، وكانت آثاره الجانبية مشابهة لتلك المرتبطة بالعلاجات الحالية، دون تسجيل أي مخاطر سلامة خطيرة.
والأهم من ذلك، لم يرصد الباحثون أي دليل على تطور مقاومة بكتيرية للدواء الجديد خلال فترة التجربة، بناءً على التحاليل المخبرية التي أُجريت من بداية العلاج وحتى التأكد من الشفاء.
هل يقترب الدواء من الاعتماد الرسمي؟
يخضع زوليفلوداسين حاليًا للمراجعة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA). وفي حال حصوله على الموافقة، يرى الباحثون أن هذا العلاج الفموي بجرعة واحدة قد:
يعزز الجهود العالمية للسيطرة على السيلان المقاوم للأدوية
يُسهّل تقديم العلاج في مختلف البيئات الصحية، بما في ذلك الرعاية المجتمعية
يُحسّن فرص الوصول إلى العلاج الفعّال
يُسهم في حماية الصحة الإنجابية لملايين الأشخاص حول العال