يعمل علماء روس على تطوير دواء جديد لعلاج السمنة يعتمد على مركّب طبيعي مستخلص من شجرة اللاركس (الصنوبر السيبيري)، كان معروفا سابقا بخصائصه القوية المضادة للأكسدة وذلك بحسب صحيفة إزفستيا.
وتشير بيانات علمية حديثة إلى أن هذا المركّب لا يقتصر دوره على حماية الخلايا، بل قد يساهم أيضا في خفض الوزن مع آثار جانبية أقل مقارنة بالأدوية الشائعة حاليا.
ورغم النتائج الواعدة، يؤكد الخبراء أن الحديث عن دواء جاهز لا يزال مبكرًا، إذ لا بد من استكمال المراحل ما قبل السريرية والسريرية.
دواء طبيعي جديد لمكافحة السمنة
يُطوَّر الدواء الجديد في معهد الصيدلة باسم أ. ب. نيليوبين التابع لجامعة سيتشينوف الطبية، ويعتمد على مركّب ديهيدروكيرسيتين (Dihydroquercetin)، وهو فلافونويد طبيعي يُستخلص من خشب اللاركس السيبيرية.
كان هذا المركّب يُستخدم سابقا بوصفه مضادا قويا للأكسدة، إلا أن الأبحاث الحديثة كشفت عن قدرته المحتملة على التحكم في وزن الجسم، مما يجعله مرشحا واعدا ليكون أداة جديدة في علاج السمنة.
السمنة: مرض مزمن عالمي
بحسب منظمة الصحة العالمية، تُعد السمنة مرضا مزمنا يعاني منه أكثر من مليار شخص حول العالم.
وترتبط السمنة بمخاطر صحية جسيمة، من بينها:
داء السكري من النوع الثاني
أمراض القلب والأوعية الدموية
اضطرابات الجهاز العضلي الهيكلي
بعض أنواع السرطان
لماذا نحتاج إلى بدائل دوائية جديدة؟
يوضح رومان تيريخوف، الأستاذ المشارك في قسم الكيمياء بجامعة سيتشينوف والمشرف على التجارب، أن:
الخط الأول لعلاج السمنة هو تغيير نمط الحياة والنظام الغذائي.
لكن كثيرا من المرضى يجدون صعوبة في الحفاظ على النتائج، ما يستدعي اللجوء إلى الأدوية.
المشكلة أن بعض أدوية إنقاص الوزن:
قد تكون ممنوعة لمرضى الكلى أو الكبد أو القلب،
وقد تسبب آثارا جانبية مثل:
فقدان الكتلة العضلية.
اضطرابات الجهاز الهضمي.
مشكلات في الرؤية.
لذلك يسعى الباحثون إلى حلول أكثر أمانا.
كيف يساعد ديهيدروكيرسيتين على خفض الوزن؟
تشير دراسات علمية متعددة إلى أن بعض الفيتامينات والمركّبات النباتية تؤثر في التمثيل الغذائي، مثل:
فيتامين B1 وتأثيره على استقلاب الغلوكوز،
فيتامين A وقدرته على تثبيط تكوّن الخلايا الدهنية.
ويضيف تيريخوف أن ديهيدروكيرسيتين أظهر نتائج لافتة:
في دراسات سابقة على حيوانات التجارب،
انخفض الوزن بمعدل نحو 5% شهريا،
مع استبعاد الحالات المرضية التي قد تؤثر في الوزن بحد ذاتها.
وقد نُشرت مراجعة علمية شاملة لهذه النتائج في مجلة Pharmaceuticals.
ميزة مهمة: آثار جانبية أقل
بالمقارنة مع الأدوية المستخدمة حاليًا لإنقاص الوزن، يتميز ديهيدروكيرسيتين بأنه:
يسبب عددا أقل من التأثيرات غير المرغوبة
لكن التحدي الرئيسي يكمن في:
ضعف التوافر الحيوي للمركّب،
أي أن نسبة صغيرة فقط منه تصل إلى الأنسجة المستهدفة داخل الجسم.
إضافة إلى أن عملية الأيض لدى الإنسان أبطأ مقارنة بالحيوانات الصغيرة، ما يقلل من امتصاصه.
حل المشكلة: تحسين الامتصاص
يعمل الفريق البحثي حاليا على:
تطوير تراكيب جديدة من ديهيدروكيرسيتين،
من خلال دمجه مع أحماض أمينية أساسية مثل:
الليسين
الأرجينين
الهيستيدين.
والهدف هو زيادة التوافر الحيوي وتحقيق أفضل فعالية علاجية ممكنة تمهيدا للمرحلة التالية من الأبحاث.
ما الخطوة التالية؟
تجري حاليا اختبارات دقيقة لدراسة:
الخصائص الفيزيائية والكيميائية،
التركيب الفراغي للجزيئات،
درجة الانصهار والذوبانية والانتشار.
التجارب على الحيوانات
المرحلة المقبلة ستشمل تجارب على الجرذان، نظرا لتشابه آليات زيادة الوزن لديها مع البشر.
وسيتم تقييم:
فعالية الدواء،
مستوى الأمان، قبل الانتقال إلى الشراكات والتجارب السريرية على البشر
آراء الخبراء
يرى خبراء أن الفلافونويدات، ومنها ديهيدروكيرسيتين:
تمتلك خصائص مضادة للأكسدة والالتهاب،
تقلل من الالتهاب المزمن المرتبط بالسمنة.
لكنهم يشددون على أن: تناول “حبوب سحرية” دون تغيير نمط الحياة ليس الهدف من هذه الأبحاث.
كما يحذر علماء آخرون من أن:
الجرعات العالية من مضادات الأكسدة
قد تكون لها آثار سلبية، ما يستدعي اختبارات أمان دقيقة.
هل يمكن الاستفادة الآن؟
حتى قبل توفر الدواء، ينصح الخبراء بإدخال أطعمة غنية بالفلافونويدات ضمن النظام الغذائي، مثل:
الحمضيات،
البصل،
العنب،
شوك الحليب.
فهذه الأطعمة مفيدة للصحة عموما، بغضّ النظر عن نتائج الأبحاث المستقبلية.
يمثل تطوير دواء قائم على ديهيدروكيرسيتين المستخلص من اللاركس السيبيرية خطوة واعدة نحو علاج أكثر أمانا للسمنة.
ورغم أن الطريق لا يزال طويلا قبل اعتماده طبيا، فإن النتائج الحالية تؤكد أهمية مواصلة الأبحاث، وقد تمهّد لبديل طبيعي فعّال لأدوية إنقاص الوزن الحالية.