تمكن علماء في روسيا من تطوير جهاز علمي جديد يساعد على تحسين دقة التنبؤ بالزلازل وثوران البراكين . وخضع الجهاز لاختبارات ميدانية استمرت عاما كاملا في مدينة بتروبافلوفسك-كامتشاتسكي، وأثبت قدرته على قياس تغيرات ميل سطح الأرض بدقة تصل إلى جزء واحد من مليار جزء من الدرجة وذلك نقلا عن جامعة كامتشاتكا الحكومية.
ما هو الجهاز الجديد للتنبؤ بالزلازل والبراكين وكيف يعمل؟
الجهاز الجديد هو انكليومتر ليزري صغير الحجم وعالي الدقة، صُمم خصيصا لرصد التغيرات البطيئة والدقيقة جدا في ميل القشرة الأرضية، وهي تغيرات غالبا ما تسبق النشاط الزلزالي أو البركاني.
ويعتمد مبدأ عمله على انعكاس شعاع ليزر عن طبقة رقيقة من سائل داخل حجرة خاصة. وعند حدوث أي ميل في سطح الأرض، ينحرف الشعاع المنعكس، وتقوم مجسات عالية الحساسية بتسجيل هذا التغير. وتعمل طبقة السائل على تقليل الاضطرابات السطحية بفعل الاحتكاك، مما يسمح بالحصول على قياسات شديدة الدقة.
تفوق تقني على الأجهزة التقليدية
أوضح الباحثون أن الأجهزة التقليدية لا تستطيع تسجيل الأحداث الزلزالية ذات الترددات المنخفضة جدا بدقة كافية. أما الجهاز الجديد فيعمل ضمن نطاق واسع من الترددات، يتراوح بين 0.00001 و20 هرتز، مما يجعله قادرا على التقاط إشارات لم تكن قابلة للرصد سابقا.
نتائج الاختبارات الميدانية في كامتشاتكا
تم تثبيت الجهاز داخل غرفة زلزالية في الفناء الداخلي لفرع كامتشاتكا التابع للمركز الفيدرالي للأبحاث «الخدمة الجيوفيزيائية الموحدة» التابع لأكاديمية العلوم الروسية، وبالتعاون مع معهد علم البراكين وعلم الزلازل التابع لأكاديمية الشرق الأقصى، واستمرت عمليات الرصد من ديسمبر 2022 حتى ديسمبر 2023.
وخلال هذه الفترة، سجل الجهاز:
زلازل بدرجات مختلفة
اهتزازات ناتجة عن العواصف المحيطية
تشوهات في القشرة الأرضية بسبب تأثير جاذبية القمر والشمس
ضوضاء صناعية ناتجة عن الأنشطة البشرية
وبلغت حساسية الجهاز مستوى لافتا، إذ تمكن من رصد تغيرات ناتجة عن مرور شاحنة صغيرة بالقرب من موقعه.
رصد مؤشرات مرتبطة بالنشاط البركاني
بحسب الباحثين، لوحظ أن سطح الأرض مال خلال فترة الرصد بنحو 20 ميكروراديان، مع تغيّرات متكررة كل 5 إلى 10 أيام وبسعة تصل إلى 10 ميكروراديان. ويُرجح أن تكون هذه التذبذبات مرتبطة بالنشاط البركاني.
وأوضح رودوسلاف إزرابيل، رئيس مركز المعلومات في جامعة كامتشاتكا الحكومية باسم فيتوس بيرينغ، أن ازدياد الضغط داخل البركان يؤدي إلى ميل منحدراته، وهو ما يستطيع الجهاز تسجيله بدقة عالية. كما يُحتمل أن يكون الجهاز قد التقط إشارات ضعيفة جدا من البراكين بسعة تقارب 50 نانوراديان.
رصد تأثير القمر والشمس وأمواج المحيطات
إلى جانب النشاط الزلزالي والبركاني، سجل الجهاز ما يُعرف بـالمدّ الصلب، وهو تشوه القشرة الأرضية الناتج عن جاذبية القمر والشمس. كما رصد الميكروزلازل الأولية القادمة من المحيطات، والتي تتشكل أثناء العواصف عندما تنشأ أمواج واقفة تضغط على قاع المحيط وتنتقل تأثيراتها إلى اليابسة.
خطوة نحو تحسين التنبؤ بالكوارث الطبيعية
يشير العلماء إلى أن قياس التغيرات طويلة الأمد في ميل سطح الأرض قد يساعد في تحديد المناطق التي تتراكم فيها الطاقة الزلزالية، ما يعزز القدرة على التنبؤ بالزلازل وثوران البراكين بدقة أكبر.
ويقترح الباحثون إنشاء شبكة من هذه الأجهزة لمراقبة كامل إقليم كامتشاتكا، مع استخدام جهازين في الموقع نفسه ومقارنة بياناتهما لزيادة موثوقية القياسات.