صحة الأمعاء طفل الرضيع تساعد على النوم بشكل أفضل
دراسات و أبحاث
صحة الأمعاء طفل الرضيع تساعد على النوم بشكل أفضل
19 كانون الأول 2025 , 13:27 م

عندما يعاني الرضع من صعوبات في النوم، فإن الآباء غالبا ما يعانون معهم بالقدر نفسه. وتشير أدلة علمية متزايدة إلى أن صحة أمعاء الطفل تلعب دورا أساسيا في راحته وجودة نومه بشكل عام.

إن دعم ميكروبيوم الأمعاء الصحي يساعد الرضع على النوم بشكل أفضل، وهو ما يخفف العبء عن الآباء المرهقين.

الرضع حديثو الولادة لا يولدون بدورة نوم واستيقاظ مكتملة، بل يعتمدون بشكل كبير على إشارات التغذية، والتلامس الجسدي، والإيقاعات البيئية. تعزيز صحة ميكروبيوم الأمعاء يمكن أن يساعد على نوم أكثر استقرارا وانتظاما. وفيما يلي مجموعة من الأساليب المدعومة بأبحاث علمية حديثة.

الرضاعة الطبيعية ودورها في تحسين النوم

يميل الرضع الذين يرضعون طبيعيا، عند توفر ذلك، إلى امتلاك أنماط نوم أفضل ودورة نوم واستيقاظ أكثر استقرارا مقارنة بالرضع الذين يتغذون على الحليب الصناعي.

يحتوي حليب الأم بشكل طبيعي على بكتيريا نافعة تساهم في تكوين ميكروبيوم أمعاء الرضيع، إضافة إلى مركبات تُعرف باسم السكريات قليلة التعدد الخاصة بحليب الإنسان، وهي كربوهيدرات لا توجد إلا في حليب الأم.

لايستطيع الرضع هضم هذه المركبات، لكن البكتيريا النافعة في الأمعاء مثل البيفيدوباكتيريا واللاكتوباسيلس تستطيع ذلك. وتعمل هذه السكريات كمواد محفزة لنمو البكتيريا المفيدة، كما تساعد في حماية بطانة الأمعاء ومنع التصاق الميكروبات الضارة بها.

كما يحتوي حليب الأم على إشارات هرمونية تؤثر في النوم، مثل الميلاتونين والتريبتوفان، مما يساعد الرضع على الاسترخاء والنوم بسهولة أكبر مع مرور الوقت. وحتى الرضاعة الطبيعية الجزئية يمكن أن توفر هذه الفوائد.

أهمية التلامس الجسدي للرضيع

التقارب الجسدي، المعروف أيضا باسم “رعاية الكنغر”، يساعد على انتقال الميكروبات الصحية من الأم إلى الطفل ويدعم تنظيم النوم.

يساهم التلامس المباشر بين الجلدين في استقرار درجة حرارة الرضيع، وتنظيم التنفس، وضربات القلب، مما يقلل من استهلاك الطاقة ويساعد الطفل على الوصول إلى حالة أكثر هدوءا واستقرارا مناسبة للنوم.

وأظهرت الدراسات أن درجة حرارة الرضيع قد تتغير بمقدار درجة إلى درجتين مئويتين أثناء التلامس الجلدي، حيث يتكيف جسم مقدم الرعاية حراريًا للحفاظ على راحة الطفل.

كما يقلل هذا التلامس من علامات التوتر، وينشط الجهاز العصبي اللاودي المعروف بوضعية “الراحة والهضم”، مما يدعم الهضم والاسترخاء، ويزيد أيضا من إفراز هرمون الأوكسيتوسين، الذي يقلل البكاء ويشجع على الرضاعة، ما ينعكس إيجابا على النوم.

تجنّب الإفراط في التعقيم

يساعد التعرض الطبيعي لبكتيريا الجلد، وأفراد الأسرة، وحتى الحيوانات الأليفة، على تنويع ميكروبيوم أمعاء الرضيع.

لكن هذا لا يعني أن جميع أشكال التلامس آمنة دائما، إذ يكون الرضع أكثر عرضة لبعض العدوى مثل فيروس الهربس البسيط، الذي يمكن أن ينتقل عبر اللعاب. لذلك يُنصح بتجنب تقبيل حديثي الولادة في حال وجود أمراض أو تقرحات فموية، مع الالتزام بنظافة اليدين أثناء التغذية.

لا يُنصح بالاستخدام الروتيني للصابون والمناديل المضادة للبكتيريا إلا عند الضرورة، مثل تنظيف سوائل الجسم، أو في حالات العدوى المعروفة، أو بعد العمليات الجراحية، أو في حالات ضعف المناعة.

دعم ميكروبيوم الأمعاء عبر الأطعمة الصلبة

عندما يصبح الرضيع مستعدا لتناول الطعام الصلب، وغالبا بعد عمر ستة أشهر، يمكن للأطعمة الغنية بالألياف مثل الفاصوليا المهروسة، والبازلاء، والعدس، والبطاطا الحلوة، والشوفان، والموز أن تغذي بكتيريا الأمعاء المفيدة.

كما يمكن إدخال الأطعمة التي تحتوي على بروبيوتيك طبيعي بكميات صغيرة وبطريقة مناسبة. ويُعد الزبادي الطبيعي غير المحلى مناسبًا عادةً من عمر ستة أشهر، وكذلك منتجات الألبان المخمرة مثل الكفير، بشرط أن تكون ذات قوام آمن وسهل البلع وخالية من التكتلات.

أما الأطعمة المخمرة الأخرى، فيجب أن تكون منخفضة الملح والسكر، ومخففة أو ممزوجة جيدا لتفادي مخاطر الاختناق.

كما أن إدخال مسببات الحساسية مثل الفول السوداني والبيض في وقت مبكر، وفقا لإرشادات طب الأطفال الحديثة، يساعد في دعم توازن الجهاز المناعي.

استخدام المضادات الحيوية عند الضرورة فقط

يمكن للمضادات الحيوية أن تُخل بتوازن ميكروبيوم الأمعاء عبر تقليل تنوع البكتيريا النافعة والسماح لنمو سلالات أقل فائدة.

لا يجب تجنبها عند الحاجة الطبية، لكن من المهم عدم استخدامها دون ضرورة. ونظرا لتأثيرها في البكتيريا المفيدة، يلجأ بعض الآباء إلى البروبيوتيك لدعم تعافي الأمعاء.

تشير دراسات إلى أن بعض مكملات البروبيوتيك قد تساعد في تقليل المغص وتحسين النوم عبر تعزيز راحة الجهاز الهضمي. ومن السلالات المدروسة لدى الرضع:

Lactobacillus reuteri وBifidobacterium infantis.

ويجب استشارة الطبيب قبل إدخال أي مكمل غذائي.

مراقبة المشكلات التي تؤثر في الأمعاء

يدعم الهضم الصحي نوما أفضل، ويمكن تحقيقه عبر التجشؤ الجيد، وتجنب الإفراط في التغذية، ومراقبة أي تحسس غذائي محتمل مثل حساسية بروتين حليب الأبقار.

قد تشير أعراض مثل تقوس الظهر المستمر، أو شد الساقين نحو الصدر، أو القيء المتكرر، أو وجود مخاط في البراز، إلى مشكلات تتجاوز الغازات الطبيعية، مثل الارتجاع أو الإمساك أو التحميل المؤقت للاكتوز.

التعرض للحيوانات الأليفة

ترتبط تربية الكلاب في المنزل بميكروبيوم أكثر تنوعا لدى الرضع، وقد تدعم صحة الجهاز المناعي.

لا توجد حاجة لاقتناء حيوان أليف لهذا الغرض فقط، لكن التفاعل الطبيعي مع الحيوانات الموجودة في المنزل قد يكون مفيدا، مع الالتزام بقواعد النظافة الأساسية.

تنظيم بيئة النوم

تساعد الروتينات المتوقعة على تقليل التوتر ودعم نوم أكثر استقرارًا. وتشمل البيئة المثالية للنوم درجة حرارة معتدلة، وإضاءة خافتة، وروتين هادئ قبل النوم.

يمكن للضوضاء البيضاء أن تحجب الأصوات المفاجئة، كما يُنصح بأن تكون التفاعلات الليلية هادئة وبأقل حركة وكلام ممكن، ما يعزز النوم العميق والمريح.

لا توجد استراتيجية واحدة تضمن نوما مثاليا للرضع، لكن هذه الممارسات المبنية على الأدلة العلمية تعمل معا لدعم صحة الأمعاء وتحسين جودة النوم. وعندما ينام الأطفال بشكل أفضل، يحصل الآباء أيضا على الراحة التي يحتاجونها.

المصدر: The Conversation