علماء ينجحون في تنمية غدد الدموع البشرية لكشف لغز مؤلم وراء جفاف العين
منوعات
علماء ينجحون في تنمية غدد الدموع البشرية لكشف لغز مؤلم وراء جفاف العين
19 كانون الأول 2025 , 13:49 م

يعاني ما بين 5% و15% من الأشخاص حول العالم من مشكلات جفاف العين ، وهي حالة لا تقتصر على الشعور بعدم الراحة فقط، بل قد تؤدي إلى تلف سطح العين وتهديد القدرة على الإبصار. وتشمل أعراضها الاحمرار، والحرقان، والإحساس بالوخز، وإجهاد العين المستمر.

ويحدث مرض جفاف العين عندما تفشل غدد الدموع في إنتاج كمية كافية من الدموع، أو عندما تكون جودة الدموع غير مناسبة. وقد يرتبط ذلك بعوامل متعددة، مثل الحساسية، واضطرابات المناعة الذاتية، والتغيرات الهرمونية، والتقدم في العمر.

وفي حال عدم علاج هذه الحالة، قد تزداد مخاطر الإصابة بعدوى العين، إضافة إلى تلف القرنية وضعف الرؤية على المدى الطويل.

الالتهام الذاتي: آلية خلوية خفية تحت المجهر

يشتبه العلماء في أن خللا في عملية خلوية أساسية تُعرف باسم الالتهام الذاتي (Autophagy) يلعب دورا رئيسيا في اضطراب عمل غدد الدموع لدى المصابين بجفاف العين.

وتعمل هذه الآلية كـ«نظام تنظيف داخلي» للخلايا، حيث تزيل البروتينات التالفة والمكونات غير المرغوب فيها، مما يسمح للخلايا بالحفاظ على وظائفها الطبيعية وذلك نقلا عن دراسة منشورة في مجلة Stem Cell Reports.

زراعة غدد دموع بشرية في المختبر

لدراسة العلاقة بين الالتهام الذاتي ومرض جفاف العين، قام الباحث سوفان ساركار وفريقه في جامعة برمنغهام البريطانية بتطوير نموذج مبتكر لغدد الدموع باستخدام الخلايا الجذعية.

وتمثلت هذه النماذج في عضيات ثلاثية الأبعاد نُميت مخبريا، وتحاكي إلى حد كبير البنية والوظيفة الحقيقية لغدد الدموع البشرية.

وقد نُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة Stem Cell Reports العلمية.

نموذج مخبري يكشف الخلل الأساسي

احتوت العضيات المستنبتة على جميع أنواع الخلايا الموجودة عادة في غدد الدموع، وكانت قادرة على إنتاج بروتينات الدموع الضرورية لترطيب العين وحمايتها من العدوى.

وعندما استخدم الباحثون تقنية وراثية لتعطيل عملية الالتهام الذاتي داخل هذه العضيات، ظهرت نتائج واضحة، من بينها:

اختلال التوازن الطبيعي بين الخلايا

انخفاض ملحوظ في إنتاج بروتينات الدموع

زيادة معدل موت الخلايا

مركبات تقلل الضرر وتعيد الوظيفة جزئيا

أظهرت التجارب أن معالجة العضيات التي تعاني من نقص الالتهام الذاتي بمركبي نيكوتيناميد مونونيوكليوتيد (NMN) والميلاتونين ساعدت في تقليل تلف الخلايا.

كما أسهمت هذه المعالجة في استعادة إفراز بروتينات الدموع جزئيا، مما يشير إلى إمكانية تطوير علاجات مستقبلية تستهدف هذه الآلية الخلوية.

لماذا يُعد الالتهام الذاتي ضروريا لصحة غدد الدموع؟

قال الباحث سوفان ساركار إن الالتهام الذاتي عنصر أساسي لتطور الأنسجة ووظائف الأعضاء بشكل سليم. وأوضح أن هذه الدراسة تقدم دليلا وراثيا مباشرا على أن هذه العملية ضرورية لتطور غدد الدموع، حيث أدى غيابها إلى تشوهات بنيوية ووظيفية واضحة في النماذج المخبرية.

أداة واعدة لتطوير علاجات جديدة

يوفر نموذج غدد الدموع البشرية المعتمد على الخلايا الجذعية منصة عملية وسهلة للعلماء لدراسة كيفية عمل هذه الغدد، وفهم آليات فشلها، واختبار طرق جديدة لتحسين أدائها.

ويرى الباحثون أن هذا النهج قد يفتح الطريق أمام تطوير علاجات مبتكرة للوقاية من جفاف العين أو علاجه، ما يمنح الأمل لملايين الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة المزمنة والمؤلمة.

المصدر: Stem Cell Reports