يلاحظ العديد من الأشخاص علامات التقدم في العمر على المظهر الخارجي، مثل التجاعيد أو الشيب، لكن ما لا يراه كثيرون هو أن الجسم يتغير داخليا أيضا مع مرور السنوات.
فبحلول سن الثمانين تقريبا، يُصاب معظم الناس بحالة تُعرف باسم داء الرتوج المعوية، حيث تظهر جيوب صغيرة بارزة على جدار القناة الهضمية وذلك بحسب موقع ScienceAlert.
ما هي الرتوج المعوية؟
الرتوج (Diverticula) هي نتوءات أو أكياس صغيرة تشبه الجيوب تتكوّن في جدار الأمعاء، وتُعد نقاط ضعف في الطبقة العضلية للأمعاء.
وغالبا ما تكون هذه الجيوب غير ضارة، ولا يشعر بها معظم الأشخاص طوال حياتهم، وقد تُكتشف مصادفة أثناء إجراء تنظير القولون.
داء الرتوج ليس بالضرورة مرضا خطيرا
عند اكتشاف داء الرتوج بعد الفحوصات الطبية، يشعر بعض المرضى بالقلق، إلا أن الأطباء يؤكدون أن هذه الحالة في معظم الأحيان لا تستدعي القلق ولا تسبب أعراضا.
وتُعرف هذه الحالة غير المصحوبة بمضاعفات باسم داء الرتوج (Diverticulosis).
متى تتحول الحالة إلى التهاب خطير؟
تصبح الرتوج مشكلة طبية فقط عندما تلتهب أو تُصاب بالعدوى، وهي الحالة المعروفة باسم التهاب الرتوج (Diverticulitis).
وتشمل الأعراض التي قد تظهر وتختفي:
الإمساك أو الإسهال
آلام في البطن
الانتفاخ
الحمى
وتوضح اختصاصية أمراض الجهاز الهضمي جانيل كاستينييرا من جامعة ميامي أن تشابه الأسماء يسبب ارتباكا لدى المرضى، مشيرة إلى أن:
داء الرتوج يعني وجود جيوب، أما التهاب الرتوج فيعني وجود التهاب.
العلاج غالبا بسيط وفعّال
الخبر الجيد هو أن معظم حالات التهاب الرتوج تتحسن خلال أيام قليلة فقط من الراحة في الفراش واتباع نظام غذائي يعتمد على السوائل.
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 85% من المرضى تتحسن حالتهم دون الحاجة إلى تدخلات طبية معقدة.
دور الألياف الغذائية في الوقاية
لا يعرف العلماء حتى الآن السبب الدقيق لتكوّن الرتوج، لكن العلاجات تركز على تسهيل حركة الأمعاء وتقليل الضغط داخلها.
ولهذا السبب، يُنصح المرضى باتباع نظام غذائي غني بالألياف، بمعدل يتراوح بين 25 و30 غراما يوميا.
ورغم أن الألياف لا تُعالج الرتوج الموجودة بالفعل، فإنها قد تمنع تكوّن المزيد منها.
الألياف وصحة ميكروبيوم الأمعاء
تشير دراسات حديثة إلى أن مدة بقاء الفضلات داخل الجسم تؤثر بشكل مباشر على صحة الأمعاء والميكروبيوم المعوي.
ووفق مراجعة علمية نُشرت عام 2023، وُجدت اختلافات واضحة بين الأشخاص الذين يتمتعون بحركة أمعاء سريعة وأولئك الذين يعانون من بطئها، مما قد تكون له آثار صحية لم تُفهم بالكامل بعد.
انتشار داء الرتوج حول العالم
يُعد داء الرتوج شائعا جدا في الدول الغربية مثل الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة، حيث تقل نسبة الألياف في النظام الغذائي.
في المقابل، تقل الإصابة به في إفريقيا وآسيا، حيث تعتمد الأنظمة الغذائية على كميات أكبر من الألياف.
ووفق هيئة الصحة الوطنية البريطانية (NHS)، فإن الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و70 عاما ويتبعون نظاما غذائيا غنيا بالألياف تقل لديهم نسبة الدخول إلى المستشفى بسبب التهاب الرتوج بنحو 40%.
عوامل خطر محتملة أخرى
تشمل العوامل التي قد تزيد خطر الإصابة:
السمنة
قلة النشاط البدني
التدخين
ويرجّح الخبراء أن المرض ينتج عن تفاعل معقد بين عدة عوامل.
أين تتكوّن الرتوج غالبا؟
يمكن أن تتكوّن الرتوج في الأمعاء الدقيقة أو الغليظة، إلا أن نحو 95% من الحالات في الدول الغربية تظهر في القولون السيني.
ويعمل هذا الجزء من الأمعاء تحت ضغط مرتفع لدفع الفضلات نحو المستقيم، ما يجعله أكثر عرضة لتكوّن الجيوب.
النزيف المرتبط بالرتوج
قد تؤدي الرتوج إلى نزيف عند تهيجها، بطريقة تشبه البواسير. وتشير التقديرات إلى أن نزيف الرتوج مسؤول عن 30 إلى 65% من حالات النزيف الهضمي السفلي.
ورغم أن النزيف غالبا غير مؤلم ويتوقف تلقائيا، إلا أن ظهور دم في البراز يستدعي مراجعة الطبيب فورا، لأنه قد يشير إلى حالات أكثر خطورة.
التشخيص والعلاج الجراحي
يُشخَّص داء الرتوج عادة عبر:
التصوير المقطعي (CT)
تنظير القولون
ولا تُستخدم الجراحة إلا في الحالات الشديدة، مثل تكوّن خراج أو تمزقه. وحتى في هذه الحالات، تكون النتائج ممتازة، إذ لا يعاني نحو 90% من المرضى من أعراض متكررة بعد إزالة الجزء المصاب.
رأي الأطباء
توضح اختصاصية الجهاز الهضمي فرانشيسكا رافا من جامعة ميامي أن:
العلاج يعتمد على شدة الحالة، فمعظم الحالات خفيفة ويمكن علاجها خارج المستشفى باتباع نظام غذائي سائل ومسكنات بسيطة، مع تحديد الحاجة إلى المضادات الحيوية.