*مقدمة:من انهيار نظام حكم لوبي الشركات الاقتصادي إلى جغرافيا النهب-قراءة في العقل الترامبي ومسارات الاستيلاء العالمي :*
ينطلق د.عوض من فرضية مركزية مفادها أن العالم دخل مرحلة تسارع انهياري للنظام الرأسمالي الغربي، وأن إدارة دونالد ترامب الثانية لا تتعامل مع هذا الانهيار بوصفه أزمة تستدعي إصلاحًا بنيويًا، بل باعتباره فرصة للنهب والاستيلاء عبر توظيف ما تبقى من الهيمنة الأمريكية العسكرية والمالية والسياسية. وأنه لفهم الجاري والقادم لا بد من التحرر من صورة أمريكا "السيستم" الذي كانت عليه أمريكا منذ تأسيسها؛ ومحاولة فهم كيف يفكر ترمب وفريقه من السماسرة وتجار الصفقات لإدارة الانهيار الحتمي هذه المرة بجنون سماسرة وليس باستراتيجية دولة عميقة.
*أولًا: الاقتصاد العالمي على حافة الانهيار... الذهب إلى ارتفاع لا هبوط بعده... العملات المشفرة أكبر خدعة...أمنوا أنفسكم بعيدا عن المصارف:*
تشير المعطيات الاقتصادية، من ارتفاع أسعار الذهب إلى اضطراب الأسواق المالية وتآكل الثقة بالمصارف، إلى أن النظام الرأسمالي يمر بأزمة بنيوية عميقة. ويُفهم صعود الذهب ليس كحالة ظرفية، بل كأداة تحوّط تاريخية في مواجهة انهيار العملات والأنظمة المصرفية. في هذا السياق، يُحذَّر من العملات المشفّرة بوصفها فقاعة مضاربية قد تتحول إلى أكبر عملية احتيال مالي عرفها التاريخ الحديث. كما يدعو صغار المستثمرين و أصحاب الودائع إلى التنبه من الإيداع بالعملات الصعبة تحسبا" من انهيار العملة؛ أو الاقتطاع القسري ما يشكّل عمليًا استيلاءً على مدّخرات المودعين لتحميلهم كلفة انهيار النظام المصرفي العالمي. ليكون الادخار بالذهب أو أحد البدائل الآمنة؛ مع الاحتفاظ بالنقد المادي خارج المصارف ليس استثمارًا بل أداة سيولة وأمان ما قيمته لتغطية نفقات من 12إلى 24 شهر.
*ثانيًا: الترامبية كعقل سمسرة لا كسياسة دولة- الجغرافيا بالتريليونات والالتزام الإنجيلي بالمجان*
يُقدَّم د.عوض “العقل الترامبي” بوصفه عقل سمسرة وصفقات لا عقل دولة أو استراتيجية طويلة الأمد. فترامب وفريقه ينظرون إلى السياسة، والحروب، والجغرافيا، وحتى القيم القومية، باعتبارها أصولًا قابلة للبيع والشراء. ومن هنا، لا تُفهم قراراته في إطار أيديولوجي إنجيلي أو ديني بقدر ما تُفهم ضمن منطق “كم تساوي الأرض؟ وكم تدرّ من ربح؟”.
*ثالثًا: الجولان نموذجًا لتحويل الجغرافيا إلى عقار*
في هذا السياق يقدم الجولان كنموذج لفهم كيف يفكر ترمب، إذ يُعاد تعريف الجولان المحتل، في الخطاب الترامبي، من أرض ذات بعد قومي وسيادي إلى أصل اقتصادي تتجاوز قيمته التريليون دولار. هذا التحول يكشف طبيعة التفكير الأمريكي الجديد: الأرض ليست كرامة ولا تاريخًا، بل مخزون ثروات واستثمارات مستقبلية. ويُقرأ التراخي الأمريكي حيال تمدد إسرائيل في جبل الشيخ والقنيطرة ضمن هذا المنطق الاستثماري – العقاري.
*رابعًا: السلطـات الوظيفية كأداة تمكين للنهب*
يلفت الكاتب والباحث ميخائيل عوض إلى خطورة ووظيفة وجود السلط الانتقالية أو وظيفية في سوريا، المستعدة للتوقيع والبيع مقابل البقاء. فهذه السلطات تشكّل البيئة المثالية لمشاريع الاستيلاء، لأنها تفقد الشرعية الوطنية، وتستبدلها بشرعية الرضى الأمريكي. في هذا السياق، تُفهم هشاشة الموقف السوري الرسمي، كما يُعاد طرح السؤال حول قابلية بعض الأنظمة العربية للانخراط في صفقات تفريطية.
*خامسًا: فنزويلا والعودة إلى منطق الغزو*
يرى د.عوض أن تبرير ترامب لاستهداف فنزويلا تحت شعار “استعادة نفطنا” يعكس عودة صريحة إلى عقيدة مونرو بصيغة عدوانية، ويكشف أن النفط لم يعد ملكًا للشعوب، بل أصل نقدي يملكه ترمب وسماسرة النهب معه. غير أنه لا يغفل جانب أن المؤشرات الميدانية توحي بأن فنزويلا اختارت المواجهة، بما يحمله ذلك من تداعيات قد تُسرّع انهيار المنظومة الأمريكية نفسها؛ وخروجها من كل الجغرافيا.
*سادسًا: لبنان في قلب الاستهداف الجيوسياسي*
يحذّر د.عوض من أن لبنان ليس ساحة ثانوية، بل جغرافيا مركزية مستهدفة: من الجبال إلى الساحل، ومن الغاز إلى الموقع الجيوبوليتيكي. ويقرأ الضغوط السياسية، ومحاولات تفكيك البنية الوطنية، وإعادة تعريف دور الجيش والمؤسسات، ضمن مسار تحويل الدولة إلى أداة تنفيذ لأوامر خارجية، تمهيدًا للاستيلاء لا للحماية.
*سابعًا: منطق “التطبيش” بدل الحرب... الجيش اللبناني يحركه عسكري إسرائيلي "يا حيف"...*
يؤكد د.عوض من جديد أن النهج المعتمد ليس الحرب الشاملة، بل التطبيش المنهجي: تدمير، إنهاك، تفريغ، ثم فرض تسويات بلا ضمانات. ويجدد التحذير والتأكيد لكل المراهنين من صغار السماسرة في لبنان أن نموذجًا كما جرى في غزة لن يكون في لبنان. وأن ما يحصل ويهدف إلى كسر اللبنانيين كلهم قبل كسر الثنائي.
*ثامنا": عالم ما بعد الهيمنة يولد بحتمية التاريخ ولا تعطله مشاريع السماسرة وأوهام تجار الصفقات*
يخلص د.عوض إلى أن الترامبية ليست مشروع إنقاذ لأمريكا، بل محاولة أخيرة لنهب العالم قبل السقوط. غير أن هذا المسار يحمل في داخله بذور فشله، لأن منطق السمسرة لا يبني نظامًا عالميًا مستقرًا، بل يسرّع الانفجار. وعليه، فإن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة صدام بين شعوب تقاتل لحماية جغرافيتها وكرامتها، ونظام عالمي يحاول تحويل الأرض والإنسان إلى سلعة.
بتاريخ: 20.12.25
لمتابعة الحلقة كاملة على الرابط