أربعة مرات سقطت إسرائيل وأنقذها الغرب
مقالات
أربعة مرات سقطت إسرائيل وأنقذها الغرب
حليم خاتون
20 كانون الأول 2025 , 21:11 م

كتب الأستاذ حليم خاتون:

"إن إسرائيل تقوم بالعمل القذر عنّا!"

هذا ما قاله المستشار الألماني ميرتس بعد حوالي ٢٠ شهرا من حرب الإبادة على غزة...

إذا كان هناك من الحمير من لا يرى الحقيقة الإستعمارية لهذا الكيان الإسرائيلي؛ هنيئا لهم الشعير الذي يقدم لهم طالما هو حمير يخدمون المشروع الإمبريالي العالمي...

إذا كان هناك من الحمير من يعتقد أن له مكانا على طاولة أسياد هذا النظام الإمبريالي العالمي؛ هنيئا لهم عظام أطفالهم ونسائهم التي سوف تُرمى لهم وهم بين أقدام أسياد هذه الطاولة...

إذا كان هناك، وهناك فعلا داخل محور المقاومة، وحتى في القيادة في إيران، وفي لبنان والعراق؛ هناك من يظن إنه يستطيع إغراء ترامب ببعض الإستثمارات وتقاسم الأرباح في حين أن الإمبريالية تريد كل شيء؛

آخر ابتكارات ترامب وصلت إلى فنزويلا...

كلام المستشار الألماني ميرتس حول العمل القذر هو خير دليل على استمرار مشروع الإبادة بكل الطرق الممكنة طالما شعوبنا نائمة، وطالما أن إردوغان صار خليفة المسلمين الجديد الذي لا يختلف عن خلفاء عصر الانحطاط في بغداد والاندلس؛ وقد جلس الجولاني على كرسي ولاية الشام حيث كرس بيع الجولان وربما درعا والسويداء وأكثر من ذلك مقابل شعير سوف يأتي بعد رفع عقوبات قيصر...

لنعد إلى اربع لحظات كادت الأمة أن تُبعث قبل أن يتمكن منها كلابها من الحكّام، وقبل أن تتملك السذاجة والغباء والهبل عقول حكمائها وقادة النضال فيها...

بعد حوالي إثنين وسبعين ساعة من اندلاع حرب أكتوبر ٧٣، انهار خط بارليف على طول خط قناة السويس واندفع أبطال الجيش المصري في عمق سيناء بعد عملية العبور العظيمة...

بشكل متزامن، اكتسح الجيش السوري تحت قيادة الرئيس الراحل حافظ الأسد الجولان السوري ووصلت طلائع قوات الجيش العربي السوري إلى مشارف بحيرة طبريا...

لم يكن هناك جحافل إخوانية ولا أئمة الذباحين من أحفاد أبي جهل وإبن تيمية والزرقاوي وعبدالله عزام والبغدادي يعاونهم لفيف من العلماء الذين تخرجوا من جامعة تل أبيب الإسلامية، ومدارس كامب ديفيد ووادي عربة وأسلو...

انهارت دولة الكيان وبدأ المستوطنون حمل ما تيسر والتوجه إلى اقرب مرفأ للهرب...

تحت ذريعة منع إسرائيل من اللجوء إلى الخيار النووي، تدخلت أميركا في الحرب وقلبت موازين القوى... انسحب محمد أنور السادات من الحرب بشكل منفرد تاركا الجبهة السورية تحت رحمة الأميركيين... هكذا كانت المرة الأولى...

هكذا تحول النصر إلى هزيمة مغلّفة بنصر كاذب تحت قيادة السادات...

المرة الثانية كانت حين صحا العالم على انتفاضة فلسطينية من نوع جديد في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣...

بغض النظر عما يُحكى من معلومات حول علاقة الاستخباراتية الروسية مع حماس (علاقة مشكوك في أهدافها وصحتها)؛ اقتحمت مجموعات فلسطينية تزيد قليلا على الألف مقاتل غلاف غزة ووصلت إلى بعد كيلومترات من الضفة الغربية...

مرة أخرى انهارت الدولة داخل الكيان الصهيوني...

مرة أخرى تدخلت أميركا فورا بتوجيه إنذار مزدوج لحزب الله وإيران من التدخل، وبدأ زعماء أميركا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا وأستراليا بالوصول إلى الكيان لرفع معنويات القيادة الإسرائيلية؛ وتدفقت الطائرات والسفن والمستشارون العسكريون الذين لا يزالون يديرون شؤون الدولة والحرب من كل وزارة وكل مرفق داخل الكيان حتى يومنا هذا، حيث تتحدث كل المعطيات عن غرفة عمليات في بئرسبع لأجل غزة، وغرفة أخرى في صفد لإدارة العمليات ضد لبنان وداخل الأراضي السورية...

المرة الثالثة كانت في الرابع والعشرين من نوفمبر ٢٠٢٤ حين تيقنت قيادة دولة الإستعمار من عجزها على النجاح في اجتياح لبنان بريا فلجأت إلى قصف بيروت والضاحية والبقاع إضافة إلى الجنوب؛

رد حزب الله بقصف كامل فلسطين المحتلة بما في ذلك تل أبيب وحيفا بأكثر من ثلاثمائة صاروخ نوعي ما تسبب بانهيار القيادة والسيطرة عند العدو فلجأ كما العادة إلى هوكشتاين لطلب وقف إطلاق النار...

طبعا، وكما جرت العادة مع العرب منذ ما قبل ال٤٨، وافق حزب الله على اتفاق أخفى من الأمور أكثر بكثير مما أظهر حتى صرنا عراة تماما أمام التوحش الاميركي الإسرائيلي...

أما المرة الرابعة؛

فكانت حين هاجمت إسرائيل إيران ونجحت في الساعات الأولى من اغتيال معظم القيادة الإيرانية تماما كما جرى مع عملية البيجرز في لبنان...

تبين أن إيران حين تريد، وحين تُحشر في الزاوية، تستطيع القيام بضربات أفقدت العدو الإسرائيلي توازنه فهرع كالعادة طلبا لوقف النار عن طريق الأميركيين حيث فاخر ترامب بأنه أوقف الحرب لإنقاذ إسرائيل من هزيمة محققة...

يومها اثبت الايرانيون أنهم لا يقلون غباء عن العرب ووافقوا على وقف النار كالعادة...

لا أميركا قدر، ولا إسرائيل...

لكن العّلة كوجودة في محور المقاومة...

استفرد الأميركيون والاسرائيليون والبريطانيون بكل جبهة على حدة وقاتلوا كرجل واحد وحلف واحد ضد محور مقاومة لم ولا يزال لا يعرف اين وضعه الرب...

لم يظهر من وحدة الساحات عند محور المقاومة أي أثر...

حارب محور الشر الأميركي الاسرائيلي الغربي العربي الإبراهيمي ككتلة واحدة متراصة أمام أغبياء...

هكذا فتكت إسرائيل بغزة، ثم انتقلت الى العراق عبر الأميركيين، إلى أن وصلت إلى لبنان حيث كانت الخطط جاهزة فقام كل حلف الناتو إلى جانب عدة دول عربية إبراهيمية بالاشتراك المباشر في الحرب على حزب الله إلى أن تمكنوا من إلحاق الكثير من الأذى به بينما ادار الحشد الشعبي رأسه إلى ناحية أخرى، وغرست إيران رأسها في الرمال لكى لا تضطر إلى التدخل بعد تهديدات بالويل والثبور وعظائم في حال جرى الاعتداء على لبنان...

لو كانت إيران تدخلت منذ الأسابيع الأولى للحرب، ربما كانت توقفت الابادة في غزة...

لو كانت إيران تدخلت حين خرجت المظاهرات في كل العالم نصرة لغزة، لما تجرأت أميركا وإسرائيل وكلاب العرب على الهجوم على لبنان الذي وقف وحيدا في وجه آلة الإمبريالية العالمية...

لو كانت إيران تدخلت، لما كان بالإمكان ضربها بالشكل الذي حصل، والتعرض لحرب مفاجئة في حزيران ٢٠٢٥...

لو كان الإيرانيون ردّوا على اغتيال الرئيس رئيسي والوزير عبداللهيان، لما تفاجئوا بحرب الإثناعشر يوما...

لو ان حزب الله رد على تفجير المرفأ بدل اللهاث وراء تبرئة الإسرائيلي، ما كانت إسرائيل تجرأت على الاغتيالات...

يبدو أن السيد نصرالله تعب مع الإيرانيين، كما تعب قبلهم مع بشار الكلب ولكنه لم يلق إلا الخذلان من الإثنين معا...

لقد كان لاغتيال السيد نصرالله بالغ الأثر لأن القيادة الحالية في حزب الله تفتقد ليس فقط للكاريزما، بل تفتقد أيضا القدرة على اتخاذ القرار وتبدو أسيرة آفاق ضيقة شبيهة بما هو موجود في إيران إلى درجة أن الناس بدأت تشك في جدوى هذه المقاومة وتطلب ولادة مقاومة جديدة أكثر تجذرا وأكثر جرأة وأكثر قتالية...

لقد ارتكبت إيران من الأخطاء والخطايا ما تسبب بكل هذه النتائج المريرة التي نعيش...

وتبع حزب الله إيران في نفس طريق الصبر الأقرب إلى المهزلة...

إسرائيل فعلا أوهن من بيت العنكبوت، والسبب الوحيد الذي جعلها تحقق ما حققت هو أميركا والغرب الجماعي وعرب الإبراهيمية وقلة الشرف، عرب إبستين وتسيبي ليفني...

على محور المقاومة اتخاذ القرار بمحاربة كل هؤلاء أو مصارحة الناس بأنه مصرّ على تلقي الصفعات والسير في طريق الهزيمة بالنقاط...

كل التصريحات العلنية والمقابلات تشي بأننا أمام ظاهرة تراجعية غير حسينية لأن من يريد المقاومة فعلا يعلن الكلام مع كل السيرة السابقة من دجل الوحدة الوطنية مع العملاء والخونة...

من يريد المقاومة يتوقف عن الحديث عن هؤلاء العملاء كشركاء في الوطن، ويبدأ العمليات من الصفر من حيث هو حتى لو كانت هذه العمليات بسيطة وضعية في البدء...

هذا أفضل الف مرة من التبجح بالقوة وعدم فعل شيء على الإطلاق...

ما قاله جمال عبد الناصر للفلسطينيين يوما أن "قاموا ولو بإشعال عود ثقاب"، ينطبق اليوم على المقاومة في لبنان،

قاوموا ولو بإشعال عود ثقاب"...

لسنا أضعف من فيتنام...

انتصر الحسين على يزيد،

وانتصر المسيح على روما...

نحن أحفاد الحسين وشعب السيد المسيح...

ألا يجدر بنا القتال وتدمير هيكل النظام العالمي على رؤوس الطغاة؟