يقدم هذا الموجز تحليلاً شاملاً للمشهد الجيوسياسي المتغير في الشرق الأوسط والعالم، استناداً إلى تقييمات استراتيجية متعمقة. المحور الأساسي للتحولات هو صعود "الترامبية الثانية" التي تعيد تعريف سياسة الولايات المتحدة من خلال منظور "السماسرة وتجار الصفقات"، حيث تصبح الأهداف الاقتصادية المباشرة والاستيلاء على الجغرافيا المفيدة هي المحرك الرئيسي، متجاوزة الأطر الدبلوماسية والاستراتيجية التقليدية.
يترتب على هذا التحول تداعيات خطيرة على المنطقة، أبرزها وجود مخطط أمريكي واضح يستهدف "تبديد الكيان اللبناني"، وتحويله إلى ساحل لسوريا ومصرف للسوريين، وهو ما أعلنه صراحة توماس براك، العقل المدبر لترامب في المنطقة. يتم تنفيذ هذا المخطط عبر سيناريوهين: "التطبيش" العسكري المباشر عبر إسرائيل، أو التفكيك الداخلي عبر استدراج الأطراف اللبنانية وإثارة التوترات. كما تُبذل جهود حثيثة لتفكيك "الثنائي الشيعي" عبر عروض اقتصادية مضللة.
في سوريا، تعيش البلاد حقبة انتقالية تتسم بالفوضى وضعف السلطة، مما يفسح المجال أمام الولايات المتحدة لتثبيت نفوذها العسكري والاستيلاء على مناطق استراتيجية مثل تدمر والجولان، التي ينظر إليها ترامب كأصول اقتصادية تقدر قيمتها بتريليونات الدولارات. وفي العراق، يتم التحضير لـ"حدث أمني كبير" على غرار اغتيال رفيق الحريري، يهدف إلى اغتيال شخصية شيعية بارزة غير موالية لإيران لإشعال فتنة داخلية وإعادة تشكيل موازين القوى.
على صعيد التحالفات الإقليمية، تبرز تباينات حادة بين السعودية والإمارات، خاصة في الملف اليمني، مما قد يؤدي إلى نشوء محور رباعي جديد يضم السعودية ومصر وباكستان وإيران، من شأنه أن يغير خريطة النفوذ في المنطقة. كل هذه التحولات الجيوسياسية تجري على خلفية نذير انهيار اقتصادي عالمي وشيك للنظام الرأسمالي، وهو ما يدفع إدارة ترامب إلى تسريع وتيرة الاستيلاء على الموارد والثروات.