التحور و التطور في المشروع التوراتي لم يكن ليحلم به "هرتزل" أو ابن غوريون وهو ما تجلى في تكليف كل من واشنطن وتل أبيب , للإمارات العربية بمهمة (رأس الحربة ) في تصفية نفوذ اليمن وإيران من خلال رفع سقف التسلح الإقليمي في منطقة باب المندب إلى مستوى عالي التقنيات العسكرية وتغيير موازين القوى الحالية في مضيق هرمز وباب المندب والبحر الأحمر، بمعنى توسع عسكري تجسسي إسرائيلي يشمل كل الساحل الجنوبي لشبه الجزيرة العربية، بينما كل من واشنطن وتل أبيب يتحدثان عن ضرورة "الاستقرار" والشراكة الإقليمية" بموازاة يتم تعزيز دور الأنظمة التي وقعت اتفاقيات أبراهام العسكري بوتيرة متسارعة و تعد الإمارات العربية المتحدة أكثر هذه الدول نشاط و اندفاع لتصدر المشهد عسكريا بعد النظام القطري إعلاميا و ماليا ، فالكل (يتسابق على خطب ود تل ابيب (ليلى) وهي تتقبل الهدايا و تندلع ..) القاعدة الجوية العسكرية الضخمة في جنوب اليمن جاري والتي يتم بنائها و تزويدها بآخر تقنيات المراقبة والإتصالات والتحكم القتالي الإسرائيلية اي عمليا هي قاعدة إسرائيلية ، يترافق هذا كله مع وضع متوتر على طول الحدود السعودية اليمنية حيث تتواصل الاشتباكات المسلحة من حين إلى آخر ويتم حشد الإمكانيات العسكرية والبشرية من الجهتين على كامل الحدود المشتركة وتوافق ذلك مع تصريحات من قادة انصار الله - الحوثيون تؤكد استعدادهم لخوض حرب جديدة ضد السعودية في وقت أجرت الرياض وابوظبي مناورات عسكرية مشتركة تحولت من مهام مكافحة الإرهاب إلى سيناريوهات استعداد لشن حرب إقليمية شاملة ، بعد توقيع محمد بن سلمان على صفقة أسلحة ضخمة مع واشنطن وضمانات وموافقة سياسية خلال زيارته الاخيرة الى البيت الابيض.
في الوقت نفسه تعزز الولايات المتحدة شراكتها التكنولوجية مع الإمارات العربية المتحدة ، وعقد الصفقات في مجالات الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة جزءاً من خطة أوسع لإنشاء قوة ردع إقليمية ضد إيران وحلفائها بالاستفادة من التكنولوجيا اعلن
باندماج شركة “أندوريل” الأمريكية وشركة “إيدج الإماراتية و إطلاق مشروع دفاعي مشترك تتضمن الدفعة الأولى 50 طائرة هجومية بدون طيار من طراز “أومن”، تشتريها أبوظبي بموجب اتفاقية عسكرية جديدة ، وكان قد صرح شين أرنوت نائب الرئيس الأول لشركة أندوريل ، أن المشروع مصمم "لاستبدال الدوريات البحرية وأنظمة المراقبة الحالية بأنظمة عالية التقنية " من خلال إنشاء مركز تكنولوجي قادر على تغيير قواعد اللعبة في الممرات البحرية الرئيسية ، من خليج عدن إلى المضائق التي تتحكم في حركة ناقلات النفط والغاز بشبكة" للحرب الإلكترونية من خلال منصة " لاتيس"للذكاء الاصطناعي و أسراب الطائرات المسيّرة ذاتية القيادة ، تحصل الإمارات من خلالها على هذا النظام لإدارة توجيه و تنسيق مهام أسراب كاملة من الطائرات المسيرة عبر مركز تحكم ثلاثي الأبعاد موحد للطائرات الهجومية من الجيل المتطور تحت إدارة واشنطن وتل أبيب للحد من قدرات إيران وحلفائها في المنطقة دون توريط الولايات المتحدة حيث بشكل مباشر في القتال. أما بالنسبة للإمارات ، فهي تسعى من خلال هذه الوظيفة أن تصبح القوة الرئيسية المعتمدة ضد أنصار الله و تنافس السعودية لتغيير موازين القوى على الأرض اليمنية و أرض الحجاز بعد إعادة تسليح المليشيات اليمنية المدعومة من الإمارات - السؤال أين مصلحة النظام السعودي في كل ذلك وهل يرغب في ان تسقط المسيرات والصواريخ على" ارامكو"و سواحل جدة و تطير مئات المليارات من خطط الاستثمارات و هل من مصلحته إدخال الدب الإسرائيلي إلى حقل عنبه ، وابدا لا يتعلمون من تجارب الماضي عندما صنع من إيران( فزاعة) لكي تذهب أموالهم على صفقات الاسلحة .؟ أما التعاون الامارتي هذا ليس وليد اللحظة، بل هو ثمرة اتفاقيات واسعة النطاق تم التوقيع عليها خلال زيارة دونالد ترامب إلى أبوظبي في أيار الماضي ، حيث أُبرمت صفقات بقيمة 200 مليار دولار آنذاك شملت عمليات شراء و عقدا بقيمة 14.5 مليار دولار بين بوينغ و جنرال إلكتريك إيروسبيس و الاتحاد للطيران، اتفاقيات لاستيراد مئات الآلاف من رقائق "إنفيديا"، التي تعد بالغة الأهمية للذكاء الاصطناعي العسكري بعبارة أخرى، تهيئ واشنطن بنية تحتية تكنولوجية شاملة لعمليات (الحلفاء) في منطقة الخليج العربي والبحر الأحمر بأموال إماراتية و خليجية .
البصمة الإسرائيلية في اليمن *
ليس سرا أو خافيا على المتابعين أنه في السنوات الماضية دخلت الإمارات العربية المتحدة بقوة الى المجمع الصناعي العسكري الإسرائيلي واستحوذت شركة إيدج الإماراتية على حصص في شركة الصناعات الجوية الإسرائيلي رافائيل، التي تطور الطائرات الإماراتية العادية لتصبح طائرات شحن قتالية و افتتحت شركتا "بيت سيستمز" و" ثيرد اي سيستمز" مكاتب لهما في أبوظبي وشاركت 34 شركة دفاعية إسرائيلية في معرض"آيدكس 2025".
هذا التحالف ليس رمزيا بل عملياً ، إذ تستخدم التقنيات الإسرائيلية على نطاق واسع في المناطق التي تتدخل فيها الإمارات العربية المتحدة من السودان إلى اليمن مؤخراً، التي تراقب تحركات السفن الإيرانية وإقامة شبكة قواعد على الجزر والمضائق في تلك المنطقة وفقا لصور الأقمار الصناعية و بيانات منظمة الرصد المستقلة ، فقد توسعت شبكة القواعد والمنشآت الاستخباراتية الإماراتية الإسرائيلية قرب اليمن بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين و تقع هذه القواعد على جزر في البحر الأحمر وعلى طول طرق ملاحية رئيسية ، تحديدا عند نقاط عبور خطوط الإمداد الإيرانية و في مواقع كان الحوثيون يشنون عملياتهم ضد السفن المتوجهة الى الكيان الاسرائيلي طيلة ثلاث سنوات من حرب الاسناد .
حاليا يجري العمل على تشكيل نظام موحد للسيطرة على البوابة الجنوبية لشبه الجزيرة العربية وهو ما يفسر التعاون بين الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة على أنه تشكيل قوة ضاربة إقليمية في تلك المناطق الحساسة و الهامة في الجيوستراتيجيا التي هدفها نهاية المطاف عزلة و حصار طهران و تحضيرا لعدوان ثلاثي خليجي امريكي اسرائيلي تمتد ساحته من جنوب لبنان مرورا بالعراق إلى إيران مع تحييد اليمن_ أنصار الله الذين( ابلوا بلاء حسن ) في حرب الإستاد لغزة كما يردد “ ترامب” في كل معركة. واشنطن تقوم بتوزيع المهام على (حلفائها) الخليجيين، بينما تقدم إسرائيل التكنولوجيا التجسسية والاستخباراتية وتحصل على المعلومات وعلى أساسها تقرر العمل العسكري ، هذا يعني أن الإمارات اليوم تتحول إلى "قاعدة متقدمة ميدانية" في خدمة واشنطن و تل أبيب في هذا المثلث السوبر حيوي المصالح.
إنها نتيجة منطقية لواقع الحال المزري لأنظمة العرب وشعوبها والانبطاح الساحق و الغير مسبوق ، أعتقد أن نتنياهو و من يخلفه ، يسرع في تطوير مشروع الكيان التاريخي التوراتي إلى مشروع " من المحيط الى الخليج" مكان من "الفرات إلى النيل" ما دام لا أحد من بني يعرب يمتلك إرادة ويرفع راسه بكرامة ، بل على العكس نراهم يسعون جاهدين لحماية عروشهم وكراسيهم خاصة بعد فيلم كرتون (ردع العدوان) و سقوط " اللا " الدمشقية الأخيرة في المنطقة و انفلاش الجغرافيا الشامية ، فتح اوتوستراد بلا إشارات حمراء للآلة العسكرية الإسرائيلية في اتجاه بلاد العرب قاطبة و واصبحوا خاتم في اصبع نتنياهو سراً و علانية و بكفالة واشنطن - ترامب.