كتب نبيل يوسف:
بداية سبعينيات القرن المنصرم، تقدّم نائب عاليه منير أبو فاضل باقتراح قانون يرمي إلى إعطاء رؤساء الجمهورية والمجالس النيابية والحكومات والنواب السابقين تعويضات، بعدما كانت تردّدت أخبار عن سوء الأحوال الاجتماعية للمسؤولين السابقين وعيالهم آنذاك.
أقرّ الاقتراح في مجلس النواب وأحيل إلى رئيس الجمهورية سليمان فرنجية فتمهّل في توقيعه، معتبرًا أنه يرتّب أعباءً مالية كبيرة على الخزينة، بحسب ما أخبر الوزير خليل أبو حمد: بعد أيام كان عيد الاستقلال، وصودف أن كان الرئيس فرنجية يقف مع بعض المدعوّين على شرفة الطابق الأول في قصر بعبدا، قبل مباشرة استقبال المهنئين، فلفتت رئيس الجمهورية سيارة أجرة عادية تتوقّف في الباحة وينزل منها رجل عجوز يتّكئ على عكّاز، سأل الرئيس فرنجيه عنه فقالوا له: إنه رئيس الحكومة السابق الأمير خالد شهاب.
طلب الرئيس فرنجية من الوزير أبو حمد معرفة إن كانت سيارة الأمير خالد شهاب مقطوعة أو خربانة، حتى وصل في سيارة تكسي؟
صافح الوزير أبو حمد الأمير خالد شهاب وسأله: لماذا حضر في سيارة أجرة؟
ردّ بساطة أنه لا يملك سيارة، فلا قدرة لديه على الإنفاق عليها.
بعد أن عرف الرئيس فرنجية بالجواب، أشار إلى أحد مرافقيه لدفع أجرة السيارة العمومية التي أقلّت الأمير خالد شهاب وصرفها، وتحضير إحدى سيارات المراسم.
عندما همّ الأمير خالد شهاب بالانصراف استفقد السيارة العمومية فقيل له: إنها انصرفت.
فسأل: من حاسب السائق لمحاسبته؟ فلم يُفَد.
بعد لحظات دعاه مرافق الرئيس فرنجية للصعود في السيارة الرئاسية، لتوصيله إلى منزله في الناصرة.
وبعد انتهاء مراسم استقبال المهنئين، دخل الرئيس سليمان فرنجية إلى مكتبه وأخرج قانون التعويضات ووقّعه.
وكان عُرف عن الأمير خالد شهاب تحبيذه التوجّه إلى مكتبه بالترامواي، توفيرًا على خزينة الدولة نفقات انتقاله، سواء في رئاسة مجلس النواب أو رئاسة الحكومة.
وهناك مقولة مشهورة عن الأمير خالد شهاب تقول: "المير خالد جاع وما باع"ما قصّة هذاالمثل؟
كان الأمير خالد شهاب يملك أراضيَ في فلسطين رفض بيعها لليهود، رغم حاجته الماسة للمال وعدم تمكّنه من الوصول إليها واستغلالها، وبقي يحتفظ بصكوكها حتى وفاته. من هنا أتى هذا المثل: "جاع وما باع".
والأمير خالد شهاب ترأّس برلمان 1935 و3 حكومات في أعوام 1936 و1938 و1952، وانتُخب نائبًا عن محافظة الجنوب، وعُيِّن وزيرًا، وتسلّم وزارات: المال،والخارجية والمغتربين، والعدل، والتربية الوطنية والفنون الجميلة، والتجارة والصناعة، والبرق والبريد والهاتف، والزراعة، والداخلية، والدفاع الوطني، والأشغال العامة والنقل...
وبعد كلّ تلك الفترة الطويلة من المشاركة في الحكم ما كان قادرًا أن يقتني سيارة. وتوفي في 7 تموز 1978.



