كتب الأستاذ حليم خاتون: الرصاصة التي لا تقتلك، تزيدك قوة..
فلسطين
كتب الأستاذ حليم خاتون: الرصاصة التي لا تقتلك، تزيدك قوة..
حليم خاتون
7 كانون الثاني 2021 , 18:43 م
كتب الأستاذ حليم خاتون:  الرصاصة التي لا تقتل المقاومة، بل تزيدها قوة، هي الألم الذي يصيب المقاومات مع سقوط الشهداء... لا بد أن يكون الألم الذي تحدث عنه الفيلسوف ديكارت هو بمستوى النبل الإنسان


كتب الأستاذ حليم خاتون: 

الرصاصة التي لا تقتل المقاومة، بل تزيدها قوة، هي الألم الذي يصيب المقاومات مع سقوط الشهداء...

لا بد أن يكون الألم الذي تحدث عنه الفيلسوف ديكارت هو بمستوى النبل الإنساني الذي يحققه سقوط الشهداء.

"دم الشهيد إذا سقط"، ينبت آلاف المقاومين. هذا ليس شعاراً؛ هذا قانون مرحلي يسبق الانتصارات العظيمة.

كلما زاد الألم، زادت عزيمة المقاومين وزاد عددهم..

من أجمل معتقداتنا، أن شهداءنا يلتحقون بعظمائنا في جنان الخلد.

من أجمل معتقداتنا، أن شهداءنا يَصْبُون إلى صحبة العظماء في الخلود، وليس إلى حوريات في حفلات مجون دنيوية.

عندما سقط الشهيد عماد مُغنية، كان الألم من الشدّة، بحيث أن السيّد لم يستطع أن يتصور رداً أقل من اقتلاع الكيان من الوجود.

ولأن وعد السيّد دين، ولأن السيّد هو صاحب الوعد الصادق، قَبِل المجاهدون بهذا الحساب المفتوح والذي لا زال مفتوحا.

يومها أيضاً وقف العدو على رجل ونصف، ولا زال.

لكنّ الزمن لا يرحم.
وكذلك العدو النتن الذي يُذكّرك استمرار وجوده بأن هناك دَيْناً مُستحقاً يجب أن يُدفع.

مع كل محبّتك للسيّد وثقتك بأنه يعمل ليل نهار لتنفيذ وعده، تسأل نفسك قبل أن تسأل السيّد:

هل وعد السيّد دين عليه وحده، أم هودين على الأمّة جمعاء من أدناها إلى أقصاها؟

وكما قلت، الزمن لا يرحم..

توالى سقوط الشهداء، وهذه سُنّة الصراع حتى قبل أن تكون سنّة للحياة.

في النهاية، إزالة الكيان الصهيوني من الوجود هو الهدف النهائي لهذا الصراع.
أليس كذلك؟

هذا الهدف، آسف يا سيّد، لا يُمكن أن يكون ثمن سقوط شهيد أو أكثر، مهما علت مرتبة هذا الشهيد أو أولئك الشهداء.

توالى سقوط الشهداء حتى وصلنا الى درة العراق، ودرة المحور بأكمله.

فخرجنا بمعادلة إخراج الأميريكيين من كل غرب آسيا.
إنها نفس المعادلة غير الذهبية.

إخراج الأميريكيين من المنطقة هو هدف مرحلي مهمّ في طريق إزالة الكيان الصهيوني من الوجود.

مرّة أخرى، نرى أن هذا الهدف هو أكبر من أن يختزل بسقوط شهيد أو شهداء، مهما علا شأن هذا الشهيد أو هؤلاء الشهداء.

مرّة أخرى، نبعث إلى أعدائنا برسالة خاطئة، رسالة توحي بالضعف.

أنا أعرف، والسيّد حسن يعرف، وإيران تعرف، أن هذه الأهداف تحتاج لتحقيقها، إلى حرب مفتوحة، أو على الأقل إلى حروب دائمة لاتتوقّف.

أنا أعرف، والمنطق يقول: إن هذين الهدفين لا يمكن تحقيقهما بغير حرب مفتوحة أو حروب دائمة.

إذًا، لماذا جعلناهما ثمنا؟

هناك تفسير واحد من تفسيرين لا ثالث لهما:

إمّا أنّنا قادرون على هذا.
وإمّا، أننا غير قادرين.

تصرّف المحور حتى الآن يوحي بأن قيادة المحور غير مقتنعة بقدرتنا اليوم، ولذلك هي تقوم على مراكمة القوة للوصول إلى ذلك اليوم.

منطق التاريخ يقول: إنّنا قادرون متى ما عزمنا، على قلب الحقائق في كامل الشرق الأوسط، وإنّ انتظارنا الذي يؤدّي إلى فرز أفقي حاد، إنما يزيد من الخسائر ومن التضحيات التي علينا دفعها، لأنّ هذا الفرز الأفقي يجرّ معه بعض الفرز العامودي ما يجعل شعوباً عربية وليس فقط ملوكا وأمراء ورؤساء
ينضمون إلى محور الشر الأميريكي الصهيوني.
فتزداد مهمّتنا صعوبة.

إن الردّ في حالات الشهيد مغنية ومن سقط بعده، وصولا الى المهندس وسليماني كان يجب أن يحصل، بأكثر مما حصل بكثير، بل بكثير جدا.

آسف، ولكن ربط هذا الرّد بأهداف الصراع، سواء المرحلية أو النهائية، سمح لأعدائنا ليس فقط بالاستمرار في استهداف القادة، بل في الإمعان في استهداف القادة التاريخيين لمحور المقاومة.

ما يفكر به المحور وتقييم قادة المحور لما يجري مهم.

لكن ما يفكر به الأعداء وتقييم هؤلاء الأعداء لمواقفنا أهمّ.

نحن، بعدم ردّنا كما يجب،نُعطي أعداءنا رُخَصًا مجانيةً بقتل قادتنا.

ماذا لو اغتالوا لا سمح الله، الإمام السيّد علي الخامنئي أو السيد حسن؟؟؟

يجب أن يعرف العدوّ أن الوقوف على رجل ونصف ليس القصاص الحتمي دوماً.

يجب أن يعرف العدو أن اغتيال مغنية كان يجب أن يكون دك تل أبيب بآلاف الصواريخ.

كما أن اغتيال المهندس وسليماني كان يجب أن يكون حرباً مفتوحةً فعلاً لإخراج الأميريكي من كامل غرب آسيا، وليس الحرص على عدم إعطاء ترامب ذريعة حرب نحن نسعى إليها ونحن نريدها.

عندما لم نقم بما كان يجب القيام به، أعطينا رسالةً خاطئةً بأننا نخشى الحرب، رغم أن المجاهدين يصلّون ليل نهار بانتظارها، ورغم أنّ كل الدلائل تشير، كما منطق التاريخ، أنّنا بإذن الله، منتصرون.

ومن يشك لحظةً بهذا، عليه ليس فقط قراءة تاريخ مقاومات الشعوب المُستصعفة، بل عليه قراءة تاريخنا المعاصر، نحن.

إن حرب تموز 2006، هي البروفا الحقيقية لما سوف يحصل، مع فوارق جوهرية مهمّة جداً.

هذه المرة، يجب أن لا تكون الحرب محدودة لا بالزمن ولا بجبهة واحدة.

إنّ الأشقاء الفلسطينيين يتشوّقون لعبور الأسلاك، والعودة الى ديارهم المغتصبة.

إن الخراب المنتشر في اليمن وسوريا والعراق، يجب أن يصل إلى كامل الجزيرة العربية المتعاملة مع الصهاينة، وأهمّ شيء
أن يصل ويعمّ هذا الخراب على كامل فلسطين.

يجب أن لا يشعر مستوطن بأنه آمن.

هكذا نردّ، وهكذا ننتصر.

إن نسبة الخسائر بيننا وبين أعدائنا لن تكون واحداً إلى خمسة أو ستة كما كانت في حرب تموز.

إنّ خسائر الكيان يجب أن تكون مميتة بكل المقاييس هذه المرّة.

مشكلتنا أن أعداءنا يعطوننا دوماً الذريعة للبدء بالقتال والحرب، وكل ما نفعله نحن هو الإشاحة بوجهنا إلى الجهة الأخرى .

إذا كان لا بدّ من الخسائر، والخسائر لا بدّ منها، فلنكن صادقين مع أنفسنا ومع شعوبنا ولْنُذِقْ أعداءنا طعم الألم المميت هذه المرّة.

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري