كتب الاستاذ حليم خاتون:
العنوان هو عنوان مقالة الأستاذ سامي كليب على موقع خمس نجوم
5ngoum.
في المقالة، هناك شبه تعريف للموقع، لطالما ردّده الأستاذ سامي في أكثر من مقابلة.
"الموضوعيّة وعدم التمترس خلف موقع او مواقع معيّنة دون منطق".
باسم الموضوعيّة يتمّ أحيانا، خلق حاجز وهميّ بين الموقف الإعلامي والموقف السياسي.
هو نفس الحاجز الوهمي الذي يريد بعضهم وضعه بين الوزير الإختصاصي والوزير "المُلتزم".
هذا الحاجز سوف يظلّ دائمًا وهميًّا، لأنّه فقط الحجارة والجماد والزفت، ممكن أن تكون لامنتمية.
لأنّ الإنسان مخلوق عاقل، لذا، لا يمكن أن يكون لامنتميا..
"أنا أفكر،إذاً أنا موجود".
والإنتماء لا يمكن أن يكون غير موضوعي.
الإنتماء شيء، والموضوعيّة شيء آخر،
أكيد شيء آخر ولكن ليس بالمطلق.
كما في كلّ الوجود هناك دوما علاقة جدلية بين أي إثنين أو أكثر من الأمور.
والموضوعيّة والإنتماء يجب أن يكونا متلازمين وإلّا، يصبح التوصيف انتهازية كاملة.
عندما يقول الإعلامي سامي كليب, أنه يتناول مسألة ما من منطلق إعلامي وليس من أي منطلق نشاط سياسي،
هو يرسم حدودا غير موجودة، هو يرسم حدودا وهميّة.
يسرد الأستاذ سامي باختصار شديد العديد من الأحداث، ويحاول الإيحاء بترابطها، دون تبنّي هذا الترابط.
لماذا لا يريد الاستاذ سامي، كما الكثيرون تبنّي ترابط الأحداث بشكل علني ومباشر؟
فقط سامي كليب يستطيع الإجابة، وإن كان الخوف من الاتهام بالمواقف، واللغة الخشبية سيفا مسلطا من قبل الناس الcool، على كل من يحاول ربط الأمور.
ما إن يتمّ ربط الأمور، حتّى "ينط" صبيٌّ من هنا، أو صبيٌّ من هناك ليستهزئ
بما يقال تحت بند الاستهزاء من نظريّة المؤامرة.
كأنّ كل ما كان يدور في هذا الشرق منذ الغزوات الصليبيّة والمستشرقين ومؤتمرات بازل وكامبل وصولا إلى مدريد، هي أحداث حصلت بالصدفة، وليس هناك من غُرف سوداء تحيك وتبرع في الحياكة والعرب نائمون نومة أهل الكهف.
نعم أيّها السادة، أعجبكم الأمر أم لم يعجبكم، الغرب و(الشرق الآخر) يخطًط، كلٌّ من موقعه، ونحن في هذا الشرق، لا زلنا في مرحلة ردّات الفعل.
هل الأستاذ سامي محقّ في العنوان الذي كتبه؟
هل يجري تدمير ممنهج لمجتمعاتنا؟
كلّ شيء يوحي بذلك، وكلّ شيء يوحي ببساطتنا التي تجعلنا نغضب أشدّ الغضب ثم لا نلبث أن نهدأ ونسى، عند أول ابتسامة من أعدائنا التاريخيين وعلى رأسهم اليوم الإمبريالية الأمريكية.
كالزوج المخدوع الذي يغضب أمام خيانة زوجته،
يستلّ السيف، ثم يضعف امام ابتسامة أو دمعة كاذبة.
كلّ ما يجري في بلادنا هو تدمير ممنهج.
قد تتغيّر الخطط أحيانا بسبب غضبنا، ولأن أعداءنا براغماتيون، يجرون بعض التعديلات إلى حين نهدأ، لتعود حليمة إلى عادتها القديمة.
هل أخطأ الأستاذ سامي حين تحدّث عن وهم انتظار بايدن؟
قطعا لا؛ كثيرون في محور المقاومة، ما زالوا حتّى المدى واهمين.
بكلّ ثقة، يُمكن تسمية الرئيس الإيراني وحكومته بين أكثر المراهنين على بايدن.
وسواء أعجبنا التيار المحافظ أم لم يعجبنا، فإنه هو من يكبح هذه الأوهام.
هل يجب المراهنة على بايدن؟
هنا هو السؤال الواجب طرحه.
المراهنة على بايدن تكون مفيدة في حالة واحدة فقط.
عندما نتصرف بشكل يُفهم الأميريكي، أنه مهما طلع أو نزل، الأرض لنا، من المحيط الى الخليج.
هل فعلت إيران ذلك؟
المناورات من جهة، وخروج أكثر من مسؤول إيراني أعادوا لودريان الفرنسي وهايكو ماس الألماني إلى أحجامهم الطبيعية وأفهموهم أن صواريخ إيران باقية واللًي مش عاجبو، مياه المحيطات كبيرة الحجم كفاية.
هل وقفت إيران بحزم في مسألة الإتفاق النووي؟
بصراحة، عند عقد الإتفاق، وبفضل التخاذل الروسي الصيني، كانت إيران في الزاوية.
لم يعد الأمر كذلك اليوم.
قوة المحور أثبتت عن جدارتها وقوة نيرانها اللاسعة.
يريدون تغيير الإتفاق؟
هذا ما يجب أن تريده إيران أيضا.
وعندما يتمّ الحديث عن إيران، المحور بكامله معني.
انتهينا من المرحلة السابقة.
شعار الحدّ الأدنى اليوم، يجب أن يكون،
1 -شرق أوسط خالٍ تماما من كل الأسلحة النووية دون أي استثناء.
2- وضع كلّ الأسلحة النوويّة في العالم، كلّ العالم، تحت سيطرة مجلس أممي لا يخضع فقط للدول العظمى، بل لكلّ دولة على وجه البسيطة.
3- التلميح بأنّ تحريم انتاج السلاح النووي ليس أبديًّا والى ما لا نهاية.
إذا أردت الوصول إلى الحدّ الادنى، فيجب الإنطلاق من أقصى المُطالبات.
صحيح أن الإيراني بارع في صناعة السجاد، وبراعته ناتجة عن صبره وإتقانه لفن الحياكة.
أيضا في السياسة، مطلوب الصبر وفنّ التفاوض.
مما تسرّب حتّى اليوم عن ما جرى خلال مفاوضات ال 5+1 يُثبت أن الوفد الإيراني المُفاوض تجاوز أو على الأقل راهن على غير مشيئة المرشد.
أما لماذا قبل المرشد بهذا ؟
فعلى الأقل من أجل إظهار الحُجّة أمام الشعب الإيراني الذي كان كثيرون فيه مخدوعين بالأحلام الورديّة التي تتقن الإمبريالية نسجها.
نعود الى حديث الأستاذ سامي عن حزب الله كتابع
لإيران.
اريد أن اعتقد، والأرجح أن الأستاذ سامي أخطأ التعبير.
العلاقة بين الحزب وإلجمهورية الإسلامية هي علاقة رابح رابح إلى أبعد ما يمكن أن تصل إليه التحليلات.
إن مصالح إيران مُطابقة تماما لمصالح حزب الله.
أكيد أن كلّ طرف له حساباته، لكن طالما الكيان الصهيوني موجود وطالما الإمبريالية تطمع بارضنا وثرواتنا، زواجنا مع إيران
كاثوليكي، غير قابل للطلاق.
أميريكا تحلم بشرق أوسط جديد.
نحن أيضا.
نحلم بشرق أوسط جديد يقوم على وحدة وسط، بين الإتحاد الأوروبي والإتحاد الفيدرالي للعرب والفرس والأتراك والأرمن والأذربيجانيين والأكراد وكل القوميات الكبيرة، مع حكم ذاتي لكل الأقليات الصغيرة.
شرق أوسط خالٍ من أيّة دول استيطانية واستعمارية.
هل يحقّ لنا الحلم بهكذا مستقبل يقوم على ويستفاليا دينية وقومية من كل شعوب المنطقة بعد إزالة الإستيطان وركيزته الصهيونية.
هل تفكر إيران بهذا؟
هل يفكر الحزب بهذا؟
لا احد يعرف.
لكن مستقبل المنطقة يُرسم اليوم بالدم.
والحزب، وإيران، رغم سيطرة الطبقات الوسطى على مرتكزاتهما، إلا أن العقيدة استطاعت حتى اليوم الدفع بالصراع نحو التجذّر، والتجذّر يُسقط كلّ الأوهام بما فيها وهم الفصل بين الإختصاصي والسياسي.
قد لا نعرف ماذا حدث بالضبط في المرفأ.
لكننا نعرف من المستفيد وماذا يريد.
في النهاية، خيوط الصراع تتبلور.
التطبيع والتتبيع، رغم كلّ المآسي، جاء وسوف يكون دوما دافعا إلى التوحّد العابر للطوائف والمذاهب.
فلسطين هي المرآة الكاشفة للعورات.
الموضوعية تسمح لنا بالحديث مع من يرى الخطر الصهيوني.
طالما نحن نتفق على المبدأ، يجب أن لا نختلف على الموقف.
مهما قيل في بن سلمان أو أبناء زايد، هم لا يمكن إلّا أن يكونوا أعداءً للأمّة ولمصالح شعوب المنطقة.