كتب حليم خاتون:
تابع.....الجامعة الاميريكية
هؤلاء المسؤولون العرب والأثرياء من خرّيجي الجامعة الأمريكية، يذكًرونني بحصة دراسة الجغرافيا في لبنان.
في المدارس الدكاكين، حيث كانت حصة الجغرافيا هي دراسة الحدود والأنهار والجبال والوديان... الخ من طوبوغرافيا البلد.
بينما حصة الجغرافيا في المدارس الراقية علميا واكاديميا، كانت بالإضافة إلى طوبوغرافيا البلد تدرس الإمكانيات الإقتصادية، الإنتاج، الطاقات...الخ.
لا أحد ينكر الأهمية الأكاديمية للجامعة الأميريكية، ولكن هذه الجامعة هي في نفس الوقت حاجة اميريكية في الجغرافيا السياسية للمنطقة.
وجود الجامعة الأميريكية في بيروت هو معادلة رابح رابح حتى اليوم، وتهديد لبنان بنقلها هو قمة الغباء الذي قد يرتكبه أي ناقص عقل.
لو كانت الدولة العميقة في أميريكا على نسق ترامب وهؤلاء المسؤولين والأثرياء الخليجيين، لربما جرى التفكير بعملية النقل.
أمّا وإن الدولة العميقة في أميريكا ليست بمستوى غباء ترامب وأمثاله من اغبياء العرب، فإن هذه العملية مستبعدة كليا.
بالإضافة إلى كل ما تقدّم، فإن في دبي جامعة أمريكية A U D، كما أن في القاهرة، جامعة أخرى هي ال A U C، مما يعني أنه إذا كانت هناك نية فعلا
لجامعة ثانية أو ثالثة، فالأسهل تأسيس، وليس نقل ال A U B إلى هذه الدولة الدويلة أو تلك.
المرجّح أن المرض العقلي من جهة، والحقد الذي أصاب الكثيرين من اتباع أميريكا في الخليج وفي لبنان من جهة أخرى، هو وراء هذه الأفكار البعيدة عن الفكر الجيوسياسي السليم.
ثم أن الجامعة الأميريكية لم تغلق أبوابها يوم كانت مرتعا لليسار المعادي علنا وحتى عنفيا لأميريكا، والتي خرّجت الكثيرين من قادة القومية العربية والماركسيين من أمثال الدكتور جورج حبش، بينما هي اليوم شبه خالية من أية افكار ثورية، فلماذا الإقفال إذا!!!
أمّا الحديث عن الأزمة الإقتصادية، فهذا محض هراء في مقابل الدور الجيوسياسي الذي تلعبه الجامعة.
المنطق يقول إن الجامعة الأميريكية باقية، لكن الغباء المتحكًم ببعض الدوائر الأميريكية، وبمعظم مسؤولي الخليج من أمثال بن سلمان، بالإضافة إلى الرغبة الصهيونية في تدمير أي شيء في لبنان طالما أن الخسارة هي من كيس الأميركيين وليس من كيسهم هم، كل هذا قد.... ربما يؤدي فعلا إلى الإقفال.
ما العمل حينها؟
في عالم يتطور أكاديميا بشكل متعدد الأطراف والحضارات، يجب أن يكون انتقال الجامعة الأميريكية فرصة تاريخية توازي تأميم صرح اميريكي قائم ومؤثر بإرادة أميريكية وتنفيذ أميريكي، والقيام بدعوة مجموعة كبيرة من كبار الأساتذة والأكاديميين من مختلف أنحاء العالم وتحويل هذا الصرح إلى الجامعة العالمية في بيروت :
International University of Beirut
I. U. B.
وهكذا بدل أن نستفيد ونتقيّد ببرنامج اكاديمي اميريكي محدود، نعمل على الإستفادة من كل البرامج الأكاديمية العالمية.
هذا اقتراح برسم الدولة اللبنانية إذا قرّرت أن تصبح يوما ما، دولة ذات سيادة، وأيضا برسم أي كونسورتيوم دولي أو تجمع من كبار رجال الأعمال الذين يستطيعون تطوير هذا الصرح ليكون رقمه بين اول خمسمئة جامعة، ليس 236 كما هو حال الA U B اليوم، بل من افضل أول خمسين أو مئة جامعة.
لا المال يجب أن ينقص لهكذا هدف سامي، ولا العزيمة، حتى نري من في عقولهم كل هذا الحقد على لبنان أننا دوما الأفضل والأرقى.
The winner takes it all.