الساحة الفلسطينية تعيش مخاضا صعبا(ازمة حركة فتح)
غسان ابو نجم
تعيش الساحة الفلسطينية مخاضا سياسيا صعبا قد يؤدي إلى تغيير واجهة المشهد السياسي الفلسطيني وينذر ببروز تيارات وقيادات جديدة ويذهب باخرى. تشكل الازمة التي عاشتها وتعيشها حركة فتح ابرز المعالم في هذا المشهد حيث ادى الانقسام الداخلي الغير معلن داخل الحركة على اثر الخلاف بين عباس ودحلان وفصل الاخير وتقديمه للمحاكمة ولجوء دحلان الى اطراف عربية واستقوائه ببعضها للضغط على عباس وفرملة الهجمة التي يتعرض لها وفرض برنامج للمصالحة بين الطرفين ادى الى حالة من الاصطفاف الغير معلن داخل صفوف الحركة.
ان الازمة البنوية لحركة فتح بحكم تكوينها الطبقي كمعبر سياسي عن مصالح وطموحات البرجوازية الوطنية الفلسطينية جعل من برنامجها السياسي فضفاضا وعاما ويخضع الى حالات من المد والجزر حسب قوة وامتداد تيار دون اخر ضمن هذا التحالف الطبقي وفتح المجال أمام تيارات سياسية مختلفة داخل الحركة (تيار ابو عمار/ابو جهاد/ابو اياد/ابو صالح/ابو موسى/قريع/عباس/دحلان)يجمعها مصالح مشتركة وليس برنامجا سياسيا موحد وهذا ما يفسر الولاءات الشخصية لدى مؤيديهم وليس الولاءات السياسيه.
لقد نجح تيار محمود عباس بالسيطرة على حركة فتح وافصاء تيار ياسر عرفات وبدعم امريكي/صهيوني/عربي)واستلم زمام السلطة الفلسطينية بعد التخلص من ابو عمار بطريقة مشبوهة لا تزال خيوطها غير واضحة المعالم.
لقد نجح محمود عباس باحتواء الحركة وتركيز القرار السياسي والمالي بيده واطلاق يد مؤيديه للتلاعب بالمال العام والثراء الغير مشروع واستغلال الوظيفة مما خلق شريحة من الفاسدين تتربع على قيادة السلطة والحركة لا تسمح بتقليص امتيازاتها وتدافع عن مصالحها واولى تلك المصالح استمرار عباس بالسلطة لان قرار استمرارها بيده .
وهذا الواقع الذي تعيشه الحركة ينسحب على السلطة الفلسطينية بقيادة عباس حيث نجحت امريكا والكيان الصهيوني بخلق سلطة ريعية وظيفية تنفذ سياساتها وتكون طرفا فلسطينيا يصادق على كافة مشاريعها ومخططاتها في المنطقه. لقد عمل عباس والشريحة المتنفذة بالحركة والسلطة الفلسطينية على تقويض مؤسسات العمل الوطني الفلسطيني/م.ت.ف/مجلس وطني/مجلس مركزي/لجنة تنفيذية وكل اطر العمل الوطني وتحويلها إلى مؤسسات ديكوريه وتحويل فصائل العمل الوطني الفلسطيني الى ديكور ديموقراطي بحكم سلطة المال والمعونات المقدمة لها كذلك عمل على تقويض المعارضة داخل حركة فتح وقمع اي تمرد او عصيان داخلي عبر الفصل وانهاء الخدمة كما حصل مع ابو عرب وجهاد طمليه عضو المجلس التشريعي والثوري واخيراناصر القدوة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وترشيح مجموعة من كوادر الحركة لنفس المصير .
ان هذا الواقع المهين الذي انتجته سلطة اوسلو ورئيسها(انقسام/فساد/وضع اقتصادي متردي/قتل وقمع وحشي واعتقالات) وحالة التغول على الثورة الفلسطينية ومؤسساتها وكوادرها والتنازلات المجانية التي يعطيها عباس للمحتل الصهيوني وسلخ النضال الوطني الفلسطيني عن عمقه العربي والتطبيع والتفريط المجاني بالحق الفلسطيني كلها تدفع باتجاه بروز تيارات وقيادات فلسطينية تضررت من هذه السياسات وتؤشر الى دخول الساحة الفلسطينية حالة مخاض عسير يتحمل عباس وزمرته اسبابه ونتائجه.