كتب د. يوسف الحاضري: وجاء من أقصى السعودية رجل يسعى..
مقالات
كتب د. يوسف الحاضري: وجاء من أقصى السعودية رجل يسعى..
د. يوسف الحاضري
29 آذار 2021 , 23:11 م
  كان لظهور رجل مؤمن في تلك القرية التي كان فسقها لدرجة من الكبر ان يرسل الله إليها ثلاثة رسل مرة واحدة فكان حق على الله ان يسطر هذا الأمر في القرآن الكريم ليكون نموذجا ومثالا يقتدى به جيلا بعد جيل

 

كان لظهور رجل مؤمن في تلك القرية التي كان فسقها لدرجة من الكبر ان يرسل الله إليها ثلاثة رسل مرة واحدة فكان حق على الله ان يسطر هذا الأمر في القرآن الكريم ليكون نموذجا ومثالا يقتدى به جيلا بعد جيل فيرتفع من يخرج من قومه الفاسقين بإيمانه العظيم فيرتفع إرتفاع هذا الرجل في الدنيا والآخرة وهذا ما حصل من قرية الشر التي تسمى السعودية.

عندما سطر الله سبحانه وتعالى في سورة (يس) ما حدث في تلك القرية الظالم أهلها بقوله (وأضرب لهم مثلا اصحاب القرية) فقد شخص الله هنا مستوى الكفر والفسق والإجرام الذي وصل إليه (أصحاب) القرية والذين لم ينفع معهم إرسال الله إليهم (رسولان) فعزز الله (رحمة بالناس) بثالث (اذ ارسلنا إليهم إثنين فكذبوهما فعززنا بثالث) وهذا امر يعتبر من النادر جدا ان يكون هناك أكثر من رسول واحيانا رسولين في اي قوم حيث لم نعرف ان يكون هناك ثلاثة رسل الا في هذه الحادثة وهذا ما يعكس مدى الجحود والخبث الذي حل بنفوس وقلوب هؤلاء الناس والذي يمكن ان نشبهه يومنا هذا بأصحاب (نجد والحجاز) والتي سميت (السعودية) حيث وصلت نفوس القائمين عليها الى مرحلة (اللاعودة) في الجحود والظلم والفسق والكفر والذي لم ينفع معهم دعوة النبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله ولا دعوة أولياء الله من بعده في عصرهم على رأسهم مشايخ نجد والحجاز من المؤمنين حقا كالشهيد النمر وغيره ، ولم ينفع معهم أيضا دعوة الشهيد القائد حسين الحوثي والذي عززهما الله بالسيد عبدالملك الحوثي سلام الله عليهم جميعا حيث كذبوا بالحق ورفضوه رغم ادعاءهم الايمان به ومعرفته حق المعرفة مثلما كان عليه اصحاب القرية الذين كانوا يعترفون بالله ولكن في العمل والفعل هم الكافرون به (وما انزل الرحمن من شيء) حتى انهم يدركون رحمته فاسموه الرحمن كأستعراضا لمعرفتهم بالله وبصفاته وأنه الرحمن مثلما يعمل اصحاب السعودية اليوم الذين يستعرضون انهم (حماة وخدام الحرمين) وانهم (أصل ومنبع التوحيد) ، لذا لجأ اصحاب القرية الى استخدام العنف والترهيب والرعب في مواجهة الحق وهؤلاء الرسل (لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب عظيم ) ولأنهم يدركون انه لا يخاف المرسلون من هؤلاء فقد كان الهدف هو تخويف جميع سكان القرية كما يمارس اليوم آل سعود التحرك ذاته فأرعبوا سكان السعودية رعبا لم يتجرأ الكثير منهم ان يتحرك مع الحق استجابة لدعوة الرسل ما يعكس مدى العنف الفكري والمجتمعي والنفسي والجسدي الذي يمارسه دائما الباطل لتثبيت سلطويته ومحاربته للحق وحقوق الناس ، فوصل الأمر الى ان يخرج رجل واحد من تلك القرية يؤمن بالرسل (ولو على مستوى سري وخفي) ضرب من المستحيلات .

جاء خروج رجل واحد من تلك القرية يؤمن بالرسل ايمانا علنيا بل انه كان يعيش في أطراق المنطقة التي كان يتواجد فيها الرسل وايضا يتواجد فيها قيادات المنطقة (اصحاب القرية) ،أمر عظيم وخارق للواقع الذي فرضه الباطل بقوة الحديد والنار والاعلام ، فعلى الرغم ان الرجل كان في مأمن منهم (في اقصى المدينة) الا انه لم يكتف بالإيمان بالحق والتعبد في غرفته بصمت وسكوت كما يعمل اليوم الكثير الذين يظنون ان الحياة (من زاوية غرفته الى زاوية المسجد وأنتهى الأمر) بل أنه عزم التحرك والإنطلاق بسرعة وليس بتباطوء او تثاقل رغم معرفته التامة مدى إجرام قومه ومدى دمويتهم ومدى خبثهم ومدى عدم تورعهم على قتله كونهم تجرأوا على تهديد رسل الله فكيف بمواطن عادي يعيش تحت سلطتهم ، فقام يسعى من لحظته (وجاء من اقصى المدينة رجل يسعى) يسعى وهو يدرك تماما انه يسعى الى حتفه ، الى مقتله ، الى نهايته ، يسعى وهو يدرك انها ستكون اخر ايامه ولحظاته ، لم يكن ذلك ليثبط من سعيه ومن مسابقته للزمن يا من يتعلق ب(ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة) لكي لا يسعى في سبيل الله رغم انهم يستدلون بها في عدم التحرك والله قالها لمن لا يتحرك ولا ينفق في سبيل الله ( وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) ، سعى الرجل من اقصى المدينة تسابق انفاسه لهفاته وآهاته المتسارعة ليصل الى قومه والى الرسل ، وهذا ما كان عليه السعودي الجنسية عبدالعزيز يوسف الذي كان مع الباطل يقاتل كجندي من جنود الجيش السعودي فما إن عرف الحق وتغلغل الى قلبه ووعاه عقله واستقر في روحه حتى كان يسابق ويسارع الخطى لكي يعلن إيمانه بالحق دون ان يكون هناك أي مانع انتمائي او مذهبي او سياسي او تضليلي ليكون كذلك ، فكان أن أعلنا (رجل القرية  ورجل السعودية) أنتماءهما للحق وتبعيتهما وتصديقهما للمرسلين ، ولم يكتفيا بالايمان بل وتحركا مجاهدين مع الحق ضد الباطل وقلوبهما تهفو وتدعو الله لأن يلامس الحق ومعرفته قلوب قومهما كما لامس قلوبهما (يا قومي اتبعوا المرسلين) متسلحين بسلاح الايمان والثقة بالله النابع من معرفتهم به حق المعرفة والذي جعل عندهما الموت أدنى شيء في الحياة قد يخافونه لذا كان ردهما على من هددهما بالقتل ( أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ) فوصلت هذه النفوس من الارتباط بالله الى ان ترى الباطل وقوته وامكانياته أهش من بيت العنكبوت والبقاء معهم هو الضلال كل الضلال ( إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ )  ، بل وترى الدنيا وزخرفها ومتاعها أتفه من ان يلتفتوا إليها فجاء ايمانهم ايمانا عمليا حركيا جهاديا وليس مجرد شهادتين باللسان وانتهى الامر بل أعلنا للملأ هذا الايمان ( إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ) أي اسمعوا يا عالم انني اول المؤمنين بأنصار الله وبمظلوميتهم وبالنور الذي يمشون به وبالحق الذي يناصرونه وبالولاء والبراء الذي ينتهجونه فهم الحق كل الحق واعداءهم هو الباطل كل الباطل ، فتحركا مع قيادتهما الجديدة فكانت نهايتهما واحدة ... الشهادة في سبيل الله.

( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَـمُونَ ) هاهما الآن معا في الجنة شهيدان يتحدثان عن صعوبة تجربتهما وشدتها والتي لا يقدر على ان يكون (من اقصى المدينة يسعى) او (من اقصى السعودية يسعى) معلنا الايمان والتحرك ضد الباطل الا القلة القليلة جدا ، ومع ذلك مازالت نفوسهما تتحسر على قومهما وعلى الضلال الذي مازالوا فيه فهم الان يتحدثون من واقع يعيشونه يقولون ياليت قومي يعلمون ، يا ليت واهل نجد والحجاز ممن مازال ضالا تائها يعلم ما اعيشه اليوم من نعيم ومغفرة من الله وإكرام ورفعة ( بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْـمُكْرَمِينَ ) فهل سيستجيب له قومه واهله ومن يعرفه من قبل وعن قرب ويعرف مدى ما يمتلكه هذا الرجل العظيم من نفسية راقية جعلت ان الله يصطفيه اصطفاء يجب ان يكون درسا لمن بعده وللعالمين حيث كان قد حفظه الله وهو يقاتل مع الباطل فلم يقتل فس حزب الشيطان بل اوقعه الله اسيرا في ايدي خير رجال الارض من انصار الله اليمانيين ثم أسمعوه كلام الله بالطريقة السليمة السديدة وليس بطريقة السديس فهو في الاساس من اهل مكة ويسمع يوميا تلك التلحينات الصوتية بالقران والتي لم تؤثر في قلبه أدنى تأثير على الأطلاق لانها كانت جوفاء كلمات مغلفة بأصوات جميلة لا تقل عن كونها غنائية اما ما سمعه عند انصار الله فهو القران الحقيقي الذي يريده الله للناس متركزا على توضيحاته الملازم ومحاضرات السيد عبدالملك وتصرفات ومعاملات الانصار سلام الله عليهم جميعا ،،،  فأنطلق معهم وفي سبيل الله رافضا العودة لنعيم السعودية في صفقة التبادل التي حصلت للأسرى بين الطرفين مدركا ان النعيم الحقيقي هو جبهات القتال ضد الباطل ، فهنيئا له هذا الشرف وهذه المنزلة وهذه النتيجة ، فهل سنرى آخرين يسعون من أقصى وادنى واطراف السعودية والإمارات وقطر والبحرين وبقية الدول التي أعتدت وتعتدي على اليمن الى اليمن وانصار الله وسيدهم علم الهدى عبدالملك الحوثي ام سيبقون يتوعدون ويزمجرون بكل تكبر وإسراف قائلين (لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم). 

بقلم د.يوسف الحاضري
كاتب وباحث في الشئون الدينية والسياسية
[email protected]

المصدر: موقع اضاءات الاخباري