كتب الأستاذ زهير مخلوف: أهم نتائج ملحمة رمضان في فلسطين
أخبار وتقارير
كتب الأستاذ زهير مخلوف: أهم نتائج ملحمة رمضان في فلسطين
23 أيار 2021 , 20:06 م
في تاريخ الصراع العربي مع الكيان الاحتلالي الصهيوني الغاصب لم يشعر الفلسطينيون بالنخوة والهمة والكرامة والانتصار مثلما شعر به هذا الشعب الأبي الجبار بمعية العرب والأحرار والمسلمين والانسانيين جمعاء حي

في تاريخ الصراع العربي مع الكيان الاحتلالي الصهيوني الغاصب لم يشعر الفلسطينيون بالنخوة والهمة والكرامة والانتصار مثلما شعر به هذا الشعب الأبي الجبار بمعية العرب والأحرار والمسلمين والانسانيين جمعاء حينما  انطلقت انتفاضة القدس ومعركة غزة بعد اجتراح الكيان الصهيوني لجريمة تهجير سكان "الشيخ جراح ". 
فما هو المنجز الاستراتيجي لملحمة غزة والقدس الشريف ؟ 
وما هي المكاسب التي حققها الشعب الفلسطيني من خلال ملحمة رمضان الخالدة ؟ 

1 - أعادت معركة القدس وسيف الأقصى للقضية الفلسطينية ألقها وبريقها وانشغال كل العالم بها وانتشلتها من أروقة المجالس الأممية إلى أروقة الأحياء والمدن الكبرى العالمية ضمن حراك شعبي عالمي مرموق ولتصبح قضية كل الإنسانية كما استطاع سيف القدس أن يُبوّئ المسجد الأقصى والقدس الشريف مكانته الصحيحة في الثقافة السياسية المحلية و القومية والدولية ومحورا لمعركة مركزية في مواجهة العدوان و الاحتلال الباغي الذي احتل الأرض وأذل الشعب وداس كرامة الفلسطينيين جميعهم. 
وفي المقابل رفع سيف القدس المساحيق  التي كانت تزين وجه الكيان الصهيوني وتصوره كحمل وديع ودولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وقد انفضح أمرهم في هذا الصدد وبرزوا كقوة غاشمة تقتل الأطفال والنساء في بيوتهم وتدمر الأخضر واليابس وتقتل بدم بارد دون أن يثنيه اي طرف أو  قانون أو محاكم دولية عن اجتراح مثل هذه الجرائم ،وقد رفعت ملحمة غزّة الغشاوة عن القلوب وسحبت القناع الذي كان يغطي سوأة وقبح الشيطان الإسرائيلي المتخفي وراء زيف الإعلام المضلل وفضحت صمت العالم الأخرس ورضوخ دول المهانة العربية وقبولها بالصفقات والتسويات المذلّة معه. 
2 -  رسّخ سيف الأقصى قناعة لدى العامة والخاصة وعلى مستوى قاعدي وأفقي فكري وواقعي محلي ودولي سياسي وعقدي بأن فكرة زوال إسرائيل ممكنة وان الإعداد للمعركة القادمة ستكون حتما لغاية هذا التحرير الشامل وهذه المهمة النبيلة وليس للقبول بانصاف الحلول وترسخت هذه القناعة بشكل عميق حينما أكد الإمام الخامنائي والسيد حسن نصر الله في خطابهما الأخيرين أنهما سيصلّيان حتما وحضوريا في القدس الشريف.      
 3 - كشفت ملحمة غزّة خداع حكام بني صهيون لشعبهم وانكشافهم كحكام فاشلين مخادعين كاذبين لا يقدرون على تأمين حياة مواطنيهم وكذا مستقبل بقائهم سالمين فوق الارض المغتصبة، تقول الدكتورة ادليت وايزمان استاذة التأريخ في الجامعة العبرية " لقد خدعتمونا، انتم كذبة يا قادة إسرائيل. اسرائيل تحترق وصواريخ غزة تنهمر على كافة المدن كالمطر بل أكثر انكم تكذبون و تكذبون فاسرائيل من هزيمة الى هزيمة ففي حرب  تموز 2006 هُزمتم أمام حزب الله هزيمة نكراء و شكلتم لجنة فينوغراد لتقصي الحقائق عن هزيمة تموز  فتأكد أنكم هُزمتم بكل عار و ذل أمام حزب الله  واصبحت اسرائيل في تلك الفترة قاب قوسين او ادنى من الانهيار لولا أن انقذكم منها جون بولتن سفير امريكا الدائم في الامم المتحدة بالتعاون مع حمد بن جاسم الذي كان وزير خارجية قطر حيث ذهب و توسط لدى حزب الله على وقف اطلاق النار وبعد حرب تموز اجريتم اكثر من 23 مناورة عسكرية و قلتم تعلمنا من اخطاء حرب تموز و لن تتكرر وها ان اليوم اسرائيل تحترق، المطارات مقفلة والمواني مقفله و80%من شعبنا في الملاجئ وكل شيء معطل ولا نسمع من نتنياهو ووزير الدفاع "بيني غانتس" ورئيس الأركان "غادي ايزنكوت" سوى تصاريح خائبة و مذلة، كفاكم خداعا يا قادتنا و كفاكم كذبا و أقرّوا بالهزيمة فهذه غزة فقط فكيف لو كانت حربا مع خصومنا الآخرين؟؟ حزب الله وايران مثلا ". 
4 - ساهمت ملحمة القدس الشريف وغزة المقاومة في تعميق الخلافات بين قادة الكيان الصهيوني وأحزابهم وجنرالاتهم وشرائحهم المختلفة و انفجرت هذه الخلافات لتطفوا على السطح ولتتناولها محطاتهم الإعلامية لمزيد تعميق أزماتهم الداخلية وليتحول التململ الى الدعوة بمراجعة المسارات والخيارات و الاستراتيجيات المدمّرة والتي ارتدّت على وجوههم وعلى أعقاب سلامة وأمن مستوطنيهم وقد يصل الانفجار إلى انعدام الاستقرار الحكومي مستقبلا بشكل يفقد المستوطن  اليهودي الثقة بإمكانية استدامة الاستقرار السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي والأمني وكذا سلامة مناخات التنمية و الاستثمار هناك، وكل ذلك ستؤول بعده الأوضاع حتما إلى هجرة معاكسة وأزمات اجتماعية خانقة في الداخل "الإسرائيلي"،ويكفي إعطاء مؤشر وحيد لندرك حجم العجز الذي بلغه هذا الكيان الغاصب حيث تكبّد خسارة أكثر من 900مليون دولار كل 3أيام من العدوان, كما عجز عن إمداد مسوطنيه في الملاجئ بالطعام والتموين. 
5 - تأكد التوصيف الذي وَسَمَ به السيد حسن نصر الله هذا العدو الصهيوني الغاصب في لقاءاته بأنه" أوهن من بيت العنكبوت" وأكّد فيه عدم قدرة هذا الكيان على الصمود أو البقاء أو الدوام أو المواجهة أو الحفاظ على وحدة كيانه أو على قوة سلطته. 
وقد تمظهر ذلك حين أضحى أكثر من ثمانين بالمائة80% من الصهاينة يقطنون الملاجئ غير الآمنة كما أن ضحاياه قد عُدّت بالمئات وكذا حين وصول الصواريخ إلى كل جزء من أرض فلسطين المحتلة حيث دُكّت جيوشه وأثخنت فيه الجراح والخسائر وأظهرت فشله وعجزه وهوانه وأسقطت عنه نظرية " أسطورة الجيش الذي لا يُقهر". 
6 - بلوغ الانتصار الإعلامي لدى محور المقاومة مداه حيث استطاع هذا الإعلام قلب معادلات التضليل التي سبق ان انتصر فيها العدو الصهيوني وحقق لحسابه نقاطا كثيرة مقارنة بما حققه سابقا الطرف الفلسطيني ولكن وفي هذه المناسبة انتصر حلف المقاومة في معركة الصورة والعدسة والكاميرا ، وجسّدوا من خلال هذه الصورة المعروضة الجانب الانساني للمقاومة في مقابل الصورة الدموية للعدوّ، كما عرضوا صورة الإنتصارات والفرح الشعبي ومنسوب الثقة والرضى الجماعي بقادة المقاومة ومنجزاتها رغم تعرضهم وبلادهم للآلام والجراح والدمار وكثرة عدد الشهداء في مقابل خوف الجنود الصهاينة واندحارهم واستهدافهم بصواريخ "فجر" و"كورنات" وانكسار إرادتهم وكذا خفوت صوت قادتهم العسكريين و السياسيين،  وقد قدم إعلام المقاومة الصورة والخبر باقتدار وحرفية ومهنية ودقة كاملة ومتكاملة في الوقت المناسب وبالشكل المناسب وبالكم والتأثير المطلوب، كما أبدع الإعلام المقاوم لحظة وقف الحرب الدائرة حيث حوّلوا صورة الصواريخ المقذوفة التي زينت بالرعب سماء تل ابيب إلى عرض صور الشماريخ وهي تزيّن سماء غزة فرحا وسرورا وابتهاجا. 
7 - كشف سيف الأقصى مدى قوة البيئة الحاضنة للمقاومة ورموزها وقادتها واشتداد عُودها وتضامنها وبلائها البلاء الحسن في بلورة ثقافة الافتخار بالانتماء للتنظيمات المقاومة وهو ما خلق روحا جديدة دفعت بالشباب نحو التسابق في طريق المساهمة في نهج المقاومة كما شجعت الأمهات و الآباء على دفع أبنائهم قصد الإنخراط في نهج المقاومة وتنظيماتها الأمر الذي وسع من الدائرة التي مست عائلات الشهداء حيث أصبحوا يتفاخرون بعدد أبنائهم وذويهم المستشهدين وأصبحت فلسفة الاستشهاد مندوحة وقيمة مضافة في غزة بشكل خاص وفي فلسطين بشكل عام. 
وتوسعت البيئة الحاضنة إلى خارج الحدود الفلسطينية وأضحت البيئة الحاضنة للمقاومة تبلغ أقاصي الأرض ومغاربها وأقاصي الأفكار والفلسفات سواء كانت يسارية أو يمينية أو دينية أو سياسية او إنسانية وبذلك كسبت المقاومة حزاما لها يُشَرْعِنُ لأعمالها على المستوى الفكري والفلسفي والأخلاقي والإنساني كما حازت أيضا على داعمين لها بالسلاح و العتاد و الخبرات و الأموال وبذلك أصبح لها حاضنة كونية وداعمين عالميين وموالين دوليين ومدافعين أشدّاء ومسوّقين أكفّاء وشهداء من الأحياء كُثر
8 - خلق سيف القدس معادلة جديدة في خضمّ معادلات توازن الصراع وهي معادلة توازن الرعب حيث غيّرت الملحمة المشهودة في معادلة الاشتباك وقلبت موازين القوة لصالح المقاومة وأضحى المقاوم الفلسطيني سيد قراره لا يخاف ولا يتراجع ويصرّ على انتهاج طريق التحرير المسلح بينما أضحى الجندي الصهيوني يخاف على حياته ولا يأمن سلامته الجسدية ولا يثق بقادته العسكريين ولم يعد يشعر بتفوقة العسكري أو التكنولوجي أو سلامة قبته الحديدية، وكثير منهم أصبحوا يرفضون التجنيد القسري كما التمرّد على القوانين الناظمة "لدولتهم"كما أصبحوا يخشون الموت المؤكد. 
إن قلب معادلة الاشتباك ستُنْهِي بالضرورة جولات المناورة التدريبية الاستكشافية العسكرية الحالية وامتحانها التجريبي من أجل تحويله في خاتمة الصراع إلي إمتحان حاسم في مادة تحرير الأرض كل الأرض وتحقيق الانتصار الشامل الموعود والحاسم. 
9 - أثبت سيف الأقصى مدى قدرة تحمل وصبر شعب الجبارين واقتناعهم الجماعي الراسخ بخط المقاومة وتأصّل هذا الخيار في نفوس وعقول الشبيبة الجديدة وتعميده برموز شبابية قاهرة وقادرة وفاعلة ومبدعة. 
10 - ساهم سيف القدس في إسقاط مشاريع و مخططات تفكيك قوى المقاومة وتَعَمّدِ إضعاف دول محورها وإشغالهم بأعداء جانبيين كما تلهيتهم بحروب داخلية أو دولية مفروضة من مثل الحرب على "داعش"  أو إشغالهم بحوارات جانبية مثل ما يحصل في العراق وسوريا ولبنان واليمن وايران وذلك من طرف محور الشر الخليجي والصهيو أمريكي من أجل أن لا يشتدّ عود هؤلاء وحتى لا يكرسون كل جهدهم وطاقاتهم وإمكانياتهم لمواجهة هذا العدو الصهيوني الغاصب، وهو ما يُسمّى "تعويق الخصوم". 
11 - استعادة مرتكزات الوحدة والتضامن الفلسطيني و ارتباط وحدة التطلعات بالهموم والغايات وارتباطهما جميعا  بالوسيلة الوحيدة الكفيلة بتحقيق حلم بناء الدولة المنشودة وعمادها الكفاح المسلح مع العمل على البلوغ بهذه الوحدة الصمّاء إلى توحيد قيادة العمليات وتنسيقيتها ضمن قيادة مشتركة كما برزت قوة التضامن الفلسطيني من خلال وحدة المواقف والتحرّكات لسكان مناطق 48 أو تحركات إخوانهم في القدس وفي الظفة  وفي القطاع وفي مخيمات اللجوء وفي الشتاء كذلك. ولم نعد نسمع إلا شعار حق الفلسطينيين في أرضهم كل أرضهم ولم نعد نسمع إلا عن شعب واحد وعن جغرافيا واحدة وعن محتل متغطرس مارق واحد شعارهم "وحدة الصف سبيل التحرير" 
12 - سيف الأقصى قام بتخليق جيل فلسطيني وعربي ومسلم وإنساني مناضل ومقاوم بديلا عن جيل النكبة الذي طوعته وأخضعته ثقافة الهزيمة وحولته إلى حطام بشري تحكمه العجائز والمتملقون والانتهازيون ودعاة السلم العالمي الموهوم وعاقدوا التسويات المذلّة ضمن المجالس الأممية الفاقدة لأدني مشاعر الإنسانية و الحياد. 
13 - ساهمت ملحمة الأقصى في انبعاث جيل جديد بوصلته القدس ووسيلته ابتداع كافة الأشكال الحديثة المعرفية والعملية والإعلامية و الألكترونية والتواصليّة المبحرة خلال الديار والجدر والكابلات والشاشات والصورة الحية ووسائط التواصل الاجتماعية كما استجماع وسائل القوة والتأثير لكسب المعارك والحروب الإعلامية التي طالما انتصر علينا فيها العدو بعد تحكّمه في هذه الآليات و الوسائل والوسائط التي استطاعت من خلالها  أن تُشكّل الرأي العام وتُعلّبُ بها العقول، وانتصر هذا الجيل ألكترونيا وفرض صورة عاكسة ومعاكسة جديدة قلبت معادلات تشكيل العقل الإنساني.  
14 - سيف القدس ساهم في تصحيح مسارات واستحقاقات الثورات "العبرية" التي اكتسحت وطننا العربي وأضعفته وأشاعت فيه الفتنة والدعوشة لتعميدها وتصويبها في خاتمة المطاف بثورة عربية حقيقية وحيدة وهي الثورة ضد الاحتلال الصهيوني وضد ثقافة امتهان السيادة الوطنية في أقطارنا العربية. 
15 - أسقط سيف الأقصى مشاريع التسويات المذلّة و الفاشلة بداية من القرار 194 مرورا بالقرار 242 ووصولا لاتفاقية كامب ديفيد سنة 1978و انتهاء باتفاق اوسلو وطابا مع قبر صفقة القرن بشكل نهائي وذلك بعد حصول هذا الإخفاق الذي مُنِيَ به الصهاينة على إثر اعتدائهم على حي الشيخ جراح وتحويل القدس عاصمة للكيان الصهيوني والشروع في تدمير غزة و استهداف البنية التحتية و اللوجستية للمقاومة
16 - سقوط مشاريع التطبيع في العالم العربي والإسلامي وانكشاف الأعداد الداخليين من الأعراب الذين دأبوا على خيانة الصف العربي كما الغدر بالقضية وبالفلسطينيين سواء بسواء ،وسقوط نظرية الاندماج مع المشروع "الاسرائيلي" والتطبيع الظاهر والخفي معه والنجاح في العودة بالقضية إلى المربع الأول حيث حرارة وجذوة الصراع  منذ انطلاقاته الأولى زمن الشعارات المبدئية المرفوعة منذ أربعينيات القرن الماضي." تحرير الأرض من النهر إلى البحر" 
17 - سقوط برنامج الصهاينة الذي أوغل في اجتراح جرائم التهجير المتعدّدة وكذا تعويق تثبيت عمليات التوطين والاستيطان والدفع بالمجتمع الصهيوني ومواطنيه إلى الشروع في هجرة معاكسة إلى البلدان التي قدموا منها(112دولة) حيث استوطنوا أرضا لا يملكونها وذلك بعد  أن تَحَوّزُوا على جنسيات مزدوجة ليبرّروا على إثره تهجير شعب بأكمله وفرض الحصار على بعضه وتشتيت البعض المتبقّي منه،ولكنهم جُوبِهوا بعد سبعة عقود بجيل جديد  يسترخص الدم في سبيل العقيدة والمقدسات والتحرير، ولا أعتقد أن شرذمة من الصهاينة وصفهم رب العزة بأنهم لا يقاتلون إلا في جموع وبروج مشيدة أو من وراء جدر قادرون على التحمّل والتضحية والبقاء في بيئة فدائية استشهادية تهدد حياتهم ومستقبل أجيالهم وخاصة أموالهم ومشاريعهم ونعرف جيدا توصيف القرآن لهم ومدى حرصهم الشديد على الحياة وعلى الأموال. 
18 - سقوط مشاريع التقسيم و مشروع (سايكس بيكو)وتجسد ذلك من خلال اقتحام الجماهير للحدود المرسومة بين الأردن و الأراضي الفلسطينية من جهة وبين لبنان و الأراضي المحتلة من جهة أخرى
19 - أثبت سيف الأقصى فشل منظومة القبة الحديدية عن تعقّب الصواريخ وقد تعزّز ثبوت هذا الفشل والعجز الفادح عند أول سقوط لصاروخ(منفلت) قرب ديمونة وظهر الفشل الكبير في عمليات تعقّب الصواريخ التي استهدفت كل المناطق المحتلة كما بروز فشل ذريع في إدارة الحروب التي طالما روّج قادة الكيان أن إدارتهم لها تقوم على مفاجئة الخصوم وسرعة الردّ عليهم وشلّ قدرات الأعداء واختزال وقت الردع وتطور تكنولوجيا الأسلحة التي يمتلكونها، كما ظهور فشل واضح في استراتيجية الحرب التي خاضها الجيش الصهيوني ضدّ غزّة وتخبّط تكتيكاته وعجز جنرالاته عن استباق الضربات قصد وقفها رغم امتلاكهم لبنوك أهداف سابقة وخريطة دقيقة لتمركز القوّات المسلحة التابعة لحماس أو الجهاد أو الفصائل الأخرى وكان نجاحها منحصر فقط في اغتيال المدنيين وتدمير البنايات على رؤوس أصحابها ليلا!!
20 - فشل وحدة المخابرات "الإسرائيلية" عن تعقّب كل هذا الكم الهائل ومنع إدخال هذه الأطنان الكبيرة من السلاح و العتاد والتكنولوجيات التسليحية إلى غزّة كما فشل الإستخبارات من اكتشاف وحدات التصنيع وورشات العمل ورموزها التي عملت لسنوات عديدة  لتحضير وإعداد هذه الصواريخ وتخزينها وتجهيز محطات ومنصات إطلاقها. 
21 - سقوط مشاريع الوهبنة والتسلف الوهابي واندحار مشائخ التكفير عن المشهد وتغيّب مفتيي الفتنة عن مربع الصراع المسلح حيث استطاع سيف القدس تنقية الصفوف واصطفاء رجالاتهم واستبعاد المنافقين والكاذبين من حلبة الصراع المقدّس وقد حسمت غزّة بين المشاريع الإرهابية والمشاريع المقاومة وكذا بين مشاريع التقسيم و مشاريع التحرير، وحسمت أيضا بين مشاريع التطبيع وعقد الصفقات في مقابل مشاريع استعادة الأوطان وتثبيت السيادة الوطنية للبلدان. 
22 - أسقط سيف القدس قناعة بعض حكام الدول العربية التي كانت تعتقد أن" إسرائيل" بجيشها وترسانتها النووية قادرة على حماية هذه الدول من أي عدوان خارجي والحال اننا شاهدنا و تابعنا عجز هذا الكيان عن حماية نفسه وشعبه من ضربات مجموعات مسلحة بسيطة. 
23 - أسقط سيف الأقصى إسفين العداء بين السنة و الشيعة وساهم في انكساره بشكل نهائي وذلك على إثر تلاحم محور المقاومة السني والشيعي و ارتباط مصيرهم الواحد بمصير القدس قصد تحرير فلسطين وكذا الاهتمام المشترك بالقضايا الأساسية للأمة، إذ تأكد بما لا يدع مجالا للشك أن  إيران وسوريا وحزب الله هم من وضعوا المقاومة الفلسطينية على طريق النصر والانتصار ومهدوا لها إعداد القدرة والقوة واستكمال القدرات ورباط الخيول وأحصنة المركبات والمدرعات والمنصات التكنولوجية وهو ما أكده قادة "حماس" والجهاد وكل الفصائل بدون استثناء. فصواريخ "فجر" و" شهاب" و"قاسم" قد أشرف على تطوير قدرتها القتالية والتقنية واللوجستية والمخابراتية الايرانيون أنفسهم وقد أكدت المخابراتية الأمريكية و"الإسرائيلية" أن إيران وحزب الله اللبناني وسوريا هي الجهات الوحيدة التي تدعم المقاومة بالسلاح و العتاد و الأموال والتدريب والخبرات والتقنيات الحديثة ورغم أن الجمهورية الإسلامية بايران قد عرّضت نفسها للعداوة والتهديدات الأمريكية بشنّ حرب شاملة ضدّها إلا أنها تحدّت كل هذه القوى و التهديدات  وقامت بتدمير بعض ناقلات النفط العملاقة الراسية بالفُجيرة بالإمارات كما إسقاط طائرات عسكرية أمريكية فوق أفغانستان وطائرات تجسس فوق مضيق هرمز وكذا استهداف قواعد عسكرية أمريكية في العراق مما ترك القوى الباغية من حلفاء الكيان الصهيوني في دهشة وارتباك وأصبحت الحرب على إيران شبه مستحيلة وأضحى إعادة ترتيب الحسابات التكتيكية والاستراتيجية تجاهها وتجاه أحلافها ومحورها ضروريّا ،وعليه فإن المقاومة قد استفادت من هذه المكتسبات وهذا الدعم المبدئي والضمني و اللوجستي. 
24 - سيف القدس غيّر معادلة الصراع مع الكيان الصهيوني فلم تعد معادلات الاستسلام ومضامين معاهدات السلام ذات جدوى أو قيمة تُذكر حيث أصبحت معادلة المقاومة المسلحة هي الحل الأحد و الوحيد لمعظلة القضية الفلسطينية. في هذه الملحمة تمايزت الأطراف بين القوى الثورية الحقيقية المناصرة للقضية الفلسطينية وقوى الرجعية الموظفة للقضية والمطبعة مع الكيان الغاصب كما استعادة ملحمة القدس ألَقَ "شعبية"هذه القضية حيث افتكت الجماهير قضيتها من أيدي الحكام والجيوش النظامية ليخوضوا معركتهم الشعبية الجماهيرية ضد الصهاينة من دون التعويل على الأنظمة المطبّعة أَو الجيوش العربية الخانعة، كما رشّدَتْ هذه الملحمة صف المقاومين ووحّدت اتجاههم وسبيلهم كما وَحّدَت بوصلتهم وفجّرت عوامل القوة الذاتية في كل فرد حر منهم أينما وُجد وحيثما تموقع كما ثبّتتْ معركة الأقصى عناصر الوحدة والقوة بين كل المسلمين والمسيحيين والانسانيين والأحرار في العالم في فرز دقيق مع الأشرار والمتصهينين والقوى الإمبريالية الباغية. 
25 - أسقط سيف القدس مشروع صفقة القرن بشكل نهائي والذي كان يهدف لجرّ 11 دولة عربية للانخراط في مشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني و محاصرة محور المقاومة وضرب حزب الله وإضعاف إيران ، كما محت ملحمة غزة ذل الهزائم وذلّ نتائج التسويات العربية والفلسطينية المهينة مع هذا الكيان اللقيط. 

نائب بالبرلمان التونسي 
زهير مخلوف

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري