كتب جورج حدادين:
مُسلمة ، هناك إجماع أو شبه إجماع حولها، لا بد من الإنطلاق منها، أن إنجازاً وطنياً حقيقياً قد تجسد على أرض الواقع، وفرض نفسه على الصعد المحلية والإقليمية والعالمية، هو منتج "هبة القدس" الشعبية الشمولية لكافة شرائح الشعب الوطنية الكادحة والمنتجة، وكافة المناطق الفلسطينية: الضفة والقطاع والشتات، ومناطق الـ 1948 ، التي تعتبر الحدث النوعي الذي فاجأ الجميع بلا استثناء، هبة شعبية حمتها قوة مقاومة شجاعة، حملت المعركة الى مقتله، الى داخل أرض الكيان المستعمر، فبادرت بقصف صواريخ نوعية على مناطق مختلفة من فلسطين المستعمرة،
تداعيات هبة القدس على الصعد:
· المحلي، وحدة الهوية ووحدة المشروع، حيث وحّدت الشعب الفلسطيني البالغ عدده حوالي 14 مليون نسمة، في كتلة واحدة موحدة ( وحدة الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة، عوضاً عن مقولة تخطي الانقسام عبر مصالحة، قوى اليمين الفلسطيني، فتح وحماس) ومن الممكن والمتاح الإنتقال التدريجي بهذه الكتلة لتشكل "حامل اجتماعي للمشروع الوطني"
حيث تتمتع هذه الكتلة بخصائص وميزات هامة ناحية الكم والنوع، امتداد جغرافي على مساحة الكرة الأرضية، مما يمكنها من لعب دور محوري على الصعيد العالمي، خاصة في ظل ثورة اجتماعية عالمية تتفاعل في مركز الرأسمال العالمي، ومن ناحية أخرى قوى عاملة مدربة، تنوع النخب، وتراكم ثروات مادية ومعرفية، هذه الميزات مجتمعة تشكل قوة هائلة في وجه الكيان الصهيوني، استثمار وتفعيل وتحشيد هذه الكتلة يكفي للقضاء على اختلال موازين القوى، بيننا وبين الكيان الصهيوني، على أرض الواقع، ويمكن أن يفرض ثقافة بديلة لمقولة "يا وحدنا" الإنهزامية، ويمكن أن يشكل خطوة في طريق إعادة بناء حركة تحرر وطني فلسطيني، شرط الانتصار النهائي على المشروع الصهيوني - الامبريالي
·العربي: أعادة "هبة القدس" الروح التحررية للأمة العربية، وفي كافة الساحات، وأعادة الوعي إلى كون القضية الفلسطينية، قضية مركزية، كون وجود هذا الكيان يتناقض تناقضا تناحري مع طموحات وبنية هذه الأمة، ويتناقض مع حركة التحرر الوطني العربي، ومع مهمات مرحلة التحرر الوطني، حيث تستخدم الطغمة المالية العالمية المهيمنة، هذا الكيان مطرقة على رأس حركة التحرر العربي، وقاعدة متقدمة في المنطقة عموماً، مما يستدعي وحدة كافة القوى المناهضة للمركز الرأسمالي العالمي في المنطقة، والانتقال من مفهوم المقاومة إلى مفهوم التحرر الوطني.
·العالمي: جاءت هبة القدس في ظل تغيرات اجتماعية وسياسية هامة على الصعيد العالمي، وولادة موازين قوى جديدة، وحيث الأزمة البنيوية للمنظومة الرأسمالية قد أنتجت حراكاً اجتماعياً في أوروبا وفي الولايات المتحدة الأمريكية ، وما هذا التعاطف غير المسبوق للقضية الفلسطينية سوى الوجه الآخر لمعادات الرأسمالية، من قبل الشرائح الاجتماعية الأوروبية والأمريكية، الكادحة والمنمتجة، وهو تعاطف حمل لواءه القوى الاجتماعية المعادية للإمبريالية والليبرالية الجديدة، ويعبر عن وحدة النضال العالمي، ومن هذا المنطلق فكلما تنامى النضال الوطني الفلسطيني كلما تنامى النضال المعادي للمركز الرأسمالي العالمي والطغمة المالية العالمية.
تطوير الهبة والمقاومة إلى "حركة تحرر وطني فلسطيني" هي المهمة الملحة أمام الشرائح الوطنية: الكادحة والمنتجة وكافة المضطهدين والمهمشين والمحرومين والمعذبين، وقطع الطريق أمام قوى اليمين لاحتواء الهبة وتجييرها لمصالحة الخاصة، كما حصل في المرات الماضية.
وحدة نضال الشعب الفلسطيني وتطويره وتعزيزه والارتقاء بسوية سينعكس بالضرورة على الصعيدين العربي والإقليمي والعالمي إجاباً على القضية.
وحدة الشرائح الوطنية الفلسطينية في كافة أماكن تواجده هي رافعة النضال الوطني الحقيقي
" كلكم للوطن والوطن لكم"