نبيه البرجي/روسيا النووية في سوريا
مقالات
نبيه البرجي/روسيا النووية في سوريا
30 أيار 2021 , 21:23 م
روسيا النووية في سورية

"روسيا النووية في سورية" لا شيء هنا يقع , أو يُقال , بالصدفة . ماذا يعني أن تعلن موسكو , وعشية الانتخابات الرئاسية في سوريا , عن وجود قاذفات بـ"قدرات نووية" في قاعدة حميميم في سورية

؟ تزامن ذلك مع إصدار بيانات حول عقد قمة أميركية ـ روسية يوم 16 حزيران المقبل في جنيف . بطبيعة الحال سيكون على جدول الأعمال الوجود الأميركي على الأرض السورية والذي يؤمّن , بشكل أو بآخر , التغطية لـ"الوضع التركي" في منطقة إدلب , كما للحركة الكردية الانفصالية

 

, ناهيك عن كونه الغطاء للغارات الاسرائيلية التي لا مبرر لها سوى زعزعة الأمن الداخلي السوري . الجانب السوري لم يتعرّض , في أي يوم , لخطوط فك الاشتباك التي وضعت عام 1974

, حتى أنّ الذريعة بمحاولة الإيرانيين إقامة مراكز متقدمة في اتجاه الجولان تلاشت , وقد تم إبعادهم إلى أكثر من 100 كيلومتر من تلك الخطوط , دون أن يبقى وارداً, لأسباب شتى من بينها المشهد العربي الراهن , إنشاء جبهة موحدة تمتد من الناقورة الى القنيطرة

 

 لنتذكر أن فلاديمير بوتين صرّح , في بدايات الأزمة السورية , بأن النظام الدولي الجديد ينبثق من سورية . بكل وضوح

, وجود القاذفات من طراز "تو ـ 22 إم 3 " بمثابة رسالة الى واشنطن , وإلى أنقرة , وإلى تل أبيب بأنّ نظام الرئيس بشار الأسد الحالي في دمشق هو أحد حجارة الزاوية في خارطة القوّة في الشرق الأوسط , بعدما باعت الفصائل المعارضة نفسها للشيطان

. وهذا ما صدر , حرفياً عن برهان غليون , أول رئيس لـ"المجلس الوطني السوري"الذي اتّهم "بعض من أيّد الثورة" بتسليم مفاتيح البلد إلى الشيطان .

كم اشتكى المعارضون الذين اتّخذوا من اسطنبول مقرّاً لهم , وسنداً لهم , دون أن يفكّروا بما في رأس رجب طيب أردوغان , من أنّهم باتوا يُعاملون كما أكياس القمامة على أرصفة المدينة التي كانت تُعدّ لتكون عاصمة الخلافة النيو عثمانية ؟ كل شيء يشي بأن المنطقة على بُعد خطوات من تحوّلات مثيرة في العلاقات , كما في المعادلات .

 

جو بايدن يريد أن يزيل كل أثر لدونالد ترامب الذي لم تكن تغريداته العشوائية تستند الى أي منطق , وهو الشخصية البهلوانية الذي رأت فيه السناتور اليزابت وارن دونكيشوت وهو يحارب طواحين الهواء . ألم يهدد بازالة كوريا الشمالية من الوجود , اذا لم تفكك ترسانتها النووية , فإذا به يرقص التانغو مع كيم جونغ ـ أون ؟

 

بطبيعة الحال , لا بد أن يكون جو بايدن , الإبن القديم للاستبلشمانت , مختلفاً , وأن يدع وزير خارجيته أنتوني بلينكن يبلغ بنيامين نتنياهو أن الولايات المتحدة ليست في وارد الانزلاق من الجحيم الأفغاني الى الجحيم الإيراني الذي لا بد أن يكون أكثر تعقيداً بكثير , وأن اتفاقاً مع آيات الله وحده يحول دون حيازتهم القنبلة النووية في أي لحظة . بالتالي حصول "انقلاب جهنمي" في معادلات القوة في الشرق الأوسط . هل صحيح أن وزير الخارجية الأميركي نقل , حرفياً , الى زعيم الليكود سؤال جو بايدن "هل تريد لليهود أن يحزموا حقائبهم ويعودوا من حيث أتوا ؟" . للمرة الأولى تتّصف تعليقات أميركية بشيء من التوازن في مقاربة المشهد (واحتمالات المشهد) الشرق أوسطي . إذ تبدو الحرب مستحيلة ضد إيران , فإن إبقاء العلاقات معها على ذلك المستوى من الاضطراب الذي أحدثه دونالد ترامب , وقد تفادى الصدام العسكري معها , يعني أن نسبة تخصيب اليورانيوم ستقفز , في غضون ساعات , من 60 % الى 90 % . هنا تصبح القنبلة تحت عمامة آية الله خامنئي . هل ننتظر تطوّرات ما على الأرض السورية بعدما بات واضحاً أن الكرملين لا يريد , في أي حال , أن يبقى الوضع السوري على ما هو عليه في الشمال كما في الشرق وفي إدلب ؟ الإعلان عن تعديل مدرجات قاعدة حميميم لتغدو صالحة لاستقبال القاذفات الاستراتيجية بمثابة إنذار إلى من يعنيهم الأمر في واشنطن وتل أبيب وأنقرة . الروس لا يتقنون البروباغندا , حتى حين يبدو دورهم واضحاً في تقريب المسافة بين الرياض وطهران , وبين الرياض ودمشق . ربما معركة غزة أفادت كثيراً الرئيس الأميركي . إسرائيل لم تعد "ظاهرة إلهية" وتطحن أعداءها "الجبابرة" خلال ساعات. الصواريخ الفلسطينية التي يقف خلفها محور المقاwمة "ومن بينها الكورنيت السوري" لم تغيّر فقط قواعد الاشتباك . غيّرت أيضاً قواعد اللعبة. إسرائيل دولة قابلة للعطب.... من هنا تبدأ الحكاية ... " 

المصدر: وكالات+إضاءات