كتب مجدي نعيم:
تهافت عدد من المسؤولين والقادة الروحيين ومشايخنا الأجلاء إلى مقام سيدنا عين الزمان لتدشين مكتبة نور التوحيد، كأول نشاط فكري ليكون هذا المشروع تأسيساً لدور المرجعية الدينيه ومساهمة منها في بث فكر التنوير والمعرفة في المجتمع .
وهنا نأمل لهذا النشاط أن يكون عملياً بمعنى أنه لايغني القول عن الفعل، ولا التوصيف النظري عن التطبيق العملي ، وأن يساهم حقيقة في توعية شبابنا إلى خطورة الفكر المتزمت المتشدد الذي لايمت الى منهج التوحيد بصلة .
الذي يتضمن ثلاثة أمور أولها متعلق بشروط تمكين الفضائل في النفوس وتطبيقها واقعا" عمليا" لامجرد أقوال نظريه فالغاية القصوى للعلم : ليس معرفة الفضائل فحسب بل والعمل بها ، فالمطلوب هو أن نعي الشروط التي ينبغي توفرها لتمكين هذه الفضائل من العمل .
وثانيها : كيف يمكن غرس هذه الفضائل في نفوس الشبان والبالغين ، ومن ثم تنميتها في نفوسهم تدريجيا" ، إلى أن تبلغ كمالها ؟..
ثم كيف يمكن المحافظة عليها ، وكيف يجب إزالة أو استئصال الشر والرذيله من نفوس الأشرار والخارجين على الأعراف والعادات ، وهذه من أولى مهام التربية والتعليم والثقافة في تحصين المجتمع ومنعه من الانحراف ، فكل بناء اجتماعي لاتلحظ فيه الفضائل ولا تزال من مفاصله الرذائل ، فهو على شفى جرف هاوٍ مآله الى السقوط لا محالة.
والأمر الثالث : هو كيف تؤثر هذه الفضائل الواحدة منها بالأخرى ، وماهي المميزات التي تجعل تلك الفضائل أكثر كمالا" عندما تقترن بفضائل أخرى معينة ، وأي الفضائل يجعلها أقل كمالا" ، وهذه المسألة من اختصاص الحكماء والعقلاء من أهل الرأي والمعرفة من مشايخنا الأفاضل إذ يقع على عاتقهم أن يقدروا الحاجة إلى تلك الفضائل ومقدار فاعليتها في النفوس المتنوعة الأهواء والتجمعات والفضائل المتباينة الأحجام والغايات ، وأثر الفضائل على نظائرها اذ أن نجاح الدواء في معالجة المريض متوقف على عدة شروط سابقة ولاحقة ، لذلك وجدنا أن استاذنا الفاضل ابن رشد يقول : (( يمكن للمرء أن يفهم ذلك فقط من خلال معرفة الغاية من الكمالات المتعددة ، وغايتها مجتمعة. كونها جزءاً من المدنية ، مثلما أن المرء يفهم كيفية المحافظة على صحة أعضاء جسمه من خلال معرفته بعلاقتها بأعضاء جسمه الأخرى وأهميتها لبعضها بعضًا )) وهنا نتأمل من هذه المشاريع أن تكون تنويرية بالمعنى الحقيقي وفقًا لمدرسة ابن رشد في الإيمان التنويري ، لا أن تساهم في إغلاق الفكر وعزلته ، وإصابته بأمراض التعصب والتزمت وفقا" لمدرسة الإمام أبو حامد الغزالي ....
والله ماوراء القصد
الفقير لله مجدي نعيم



